عبدالغني القش

الذوق العام.. عقوبات وإلزام!

الجمعة - 12 أبريل 2019

Fri - 12 Apr 2019

الذوق العام مرآة لأخلاق المجتمع وذوقياته، بل ورقيه وتحضره، فهو يعكس ما وصل إليه من تحضر، وما ارتقى إليه في سلم الإنسانية بكل معانيها، في التعامل والتعاطي والهدوء والسكينة والحياء وكل ما يمكن أن يطلق عليه قيم إنسانية.

وكم هي مؤسفة تلك الظواهر السلبية التي يمارسها بعض الأشخاص وتكون فيها إساءة للذوق العام، وخروج عن الآداب العامة للمجتمع، فينتج عنها تصرفات قبيحة وتنتهي بالإضرار بالممتلكات العامة.

وقد وافق مجلس الوزراء الموقر الثلاثاء الماضي على مشروع اللائحة التنظيمية للمحافظة على الذوق العام، والتي تضمنت أقساما ونقاطا دقيقة من شأنها الحفاظ على الذوق العام وبشكل يرضي الذائقة الإنسانية ويتماشى مع تعليمات الشريعة الإسلامية، حيث تضمنت مخالفات في الطرق والمرافق العامة كالجلوس وإشغال مقاعد ومرافق كبار السن والمعاقين، وتشويه المرافق العامة بالكتابة ورمي المخلفات أو القاذورات في الطريق أو في أي مرفق عام. وتوزيع المطبوعات على المنازل والمنشآت، أو وضع الملصقات الإعلانية والدعائية على الجدران والأبواب والمرافق، وممارسة أي صورة من صور المضايقات والتحرش بالمارة ومستخدمي الطرق. وتطرقت لإقفال أو تعطيل المرافق العامة أو الطرق، واستخدام الإضاءة الشديدة والمؤذية، وترك المخلفات والأثاث والسيارات المهملة وإلقاء بقايا السجائر والطعام من نوافذ السيارات، ورمي النفايات في الطريق العام أو تركها خارج الحاويات. وكذلك التخييم أو التجمع أو إقامة الأنشطة والحفلات في الأماكن غير المخصصة لذلك.

وكم هو رائع التطرق للظهور في الأماكن العامة باللبس الداخلي أو اللبس غير المحتشم وتعاطي التدخين وما في حكمه في الأماكن الممنوعة، وتربية الحيوانات وسط الأحياء والمباني السكنية، أو تركها سائبة دون عناية واحتراز.

والأروع هو احتواؤها على المخالفات التي تمارس بحق بيوت الله (المساجد والمصليات)، ومنها الدخول بملابس غير نظيفة أو تنبعث منها روائح كريهة أو غير محتشمة أو تحمل عبارات غير لائقة. ورفع صوت آلات اللهو والموسيقى في الأماكن القريبة من المساجد والمصليات. وإعاقة طريق المصلين وبيع البضائع في ساحات المساجد وإزعاج طمأنينة بيوت الله بأصوات الأجهزة الالكترونية أو استخدامها بما يخل بحرمة المسجد. وممارسة التسول على أبواب المساجد أو داخلها أو جمع التبرعات وتوزيع الإعلانات.

ويعاقب النظام كل من يخالف ذلك بالسجن مدة 3 أشهر، أو دفع غرامات مالية تبدأ من 300 ريال كحد أدنى، وترتفع إلى 5000 ريال أو بالعقوبتين معا.

ولعمري إن اللائحة شملت كل ما من شأنه الحفاظ على الذوق العام، فحوت موادها جميع ما يعاني منه المجتمع السعودي، وكانت دقيقة إلى أبعد الحدود.

وواقعيا فقد شهد مجتمعنا مؤخرا حالات شاذة فيها خروج عن الذوق العام، وهي وإن كانت محدودة فإنه يفترض التصدي لها بقوة وحزم، وقد سبق لهيئة الترفيه أن ذكرت أنه لا يحق لأي شركة الإخلال بالآداب العامة مهددة بسحب ترخيص الفعالية ومعاقبتها من قبل الجهات المختصة.

مجتمعنا يفترض أن يمثل الرقي بأخلاقه وسلوكياته ليكون مثالا للمجتمع المسلم، ويلتزم بما شرع الله ورسوله له، وحينها سيكون قدوة للعالم أجمع.

نعم هو ليس ملائكيا، وبالتالي فإن من يشذ فالواجب إعادته لجادة الصواب وبقوة السلطان الذي يزع الله به ما لا يزع بالقرآن، والجميع متطلع لتلك العقوبات وتطبيقها بشكل لا يقبل التهاون.

وهنا أوجه رسالة إلى القائمين على المنافذ السعودية التي تستقبل الزوار والمعتمرين والحجاج بأن يكونوا مثالا لما عليه مجتمعنا المحافظ بالابتعاد عن قصات القزع ولبس الأساور وغيرها من المظاهر المخالفة لشرعنا والبعيدة عن عاداتنا وتقاليدنا ولا تمثل قيمنا.

واللائحة قد صدرت والعقوبات قد اتضحت وهي غير قابلة للتهاون إن وقعت، ليبقى مجتمعنا ذا ذائقة إنسانية نبيلة، وقيم إسلامية سامية، مبتعدا عما يشينه، ومرحى لهذه اللائحة التي ستدعم بقاءه كذلك على مر العصور.

[email protected]