برجس حمود البرجس

حاضنات الأفكار

الأربعاء - 27 فبراير 2019

Wed - 27 Feb 2019

عشرات الآلاف من الأفكار الابتكارية والإبداعية عند الأفراد بحاجة لمن يحتضنها ويساهم في تحويل المُجدي منها إلى مشاريع ومنشآت ناجحة، حاضنات الأعمال الحالية تساعد من يريد أن يقوم هو بنفسه بتحويل فكرته إلى مشروع، بينما أصحاب الأفكار والابتكارات ليسوا بالضرورة جميعهم قادرين على ريادة الأعمال، وإذا لم تكن لدينا «حاضنات الأفكار» سنخسر تلك الأفكار.

هناك ثلاث فئات من أصحاب تلك الأفكار، فئة يستطيعون تحويل أفكارهم إلى مشاريع، وفئة غير قادرين نهائيا لعدم أهليتهم أو قدرتهم أو ربما لا يرغبون لعدم وجود الخبرة أو لصغر أعمارهم أو لأسباب أخرى، والفئة الثالثة يرغبون بتحويل الأفكار ولكن يجدون صعوبات كثيرة تجعل تحويل الأفكار إلى منشآت أمرا مستحيلا، فتموت تلك الأفكار.

ما هي حاضنات الأفكار؟ ربما هي المرة الأولى التي تُطرح هذه الفكرة - حاضنات الأفكار - وأقصد بها أن تكون هناك جهة تتبنى الأفكار التي يقدمها الصغير والكبير وتدرس تلك الأفكار من قبل الجهة نفسها وتعمل لها دراسة جدوى حقيقية ثم تعرض على الشركات ورجال الأعمال وتعمل لها خطة عمل ويعين لها مجلس إدارة ورئيس تنفيذي وتعمل المنشأة دون الحاجة إلى عمل صاحب أو صاحبة الفكرة (ربما تكون طالبة في المرحلة الثانوية) ودون الحاجة لمشاركاتها، كثر الله خيرها التي أتت بالفكرة ويُضمن لها طبعا حقوق الفكرة وحصة من الشركة.

العمل الحالي لحاضنات الأعمال أنها تسهل التأسيس للمنشآت ومسرعات أعمال وتناسب ريادي الأعمال المقتدرين على العمل فقط، وكما ذكرنا ليس بالضرورة أن يكون كل صاحب فكرة قادرا على تأسيس عمل، فالعمل يحتاج إلى معرفة وخبرة في إدارة الأعمال والمشاريع والموارد البشرية والمالية والتسويق.

تمويل المشاريع من قبل البنوك والمؤسسات المالية صعب على كثيرين لأنها لا تنظر لأهمية المشاريع، فقط تنظر لها كأي قرض آخر يحتاج إلى رهن لأصول وليس كخطة أعمال ودراسة جدوى واعدة، وهذا مما يصعب بدء العمل على صاحب الفكرة، وكذلك صناديق المال الجريء للشركات الخاصة التي تستهدف الاستثمار فقط عندما ينجح المشروع، أي إنه إذا كان لديك مشروع عليك أن تبدأ ضعيفا وبقروض وتتحمل كل المخاطر المالية لوحدك، وإذا نجحت يأتي الشركاء ويشترون حصصا من الشركة، والهدف ربحي بحت متجاهلين لكل العناصر الأخرى.

لنتذكر أننا بحاجة للمفكرين والمبتكرين للمساهمة في بناء الاقتصاد، وليس المفهوم العام الذي يرى أن الميدان متاح للمقتدرين فقط، وهذا هو سبب ضعف النجاح وعدم الاستمرار للمنشآت المبتكرة الصغيرة والمتوسطة.

طبعا هذا مكمل للأعمال الأخرى ونحن بحاجة للمشاركات بتطوير الأعمال من جهات عدة. أعمال تعتمد على أفكار وأعمال أخرى معروفة كصناعة السلع والمنتجات المعروفة والمطلوبة.

لو نظرنا مثلا لحاجة المستشفيات والمنشآت الصحية، لديها حاجة كبيرة لمنتجات وسلع معروفة، وتحدثنا عن تحدياتها قبل أسابيع وأنها بحاجة إلى مراكز توفر الدراسات والمعلومات والبيانات للجميع، بحيث يقوم على تلك الأعمال رياديو أعمال، ولكن أيضا هذه المستشفيات والمنشآت الصحية بحاجة إلى أفكار وابتكارات وطرق إبداعية لتحسين أداء بعض الأعمال القائمة، إضافة إلى تصنيع أو تقديم خدمات لأشياء جديدة.

لنتذكر أن كل فكرة تموت بسبب عدم احتضانها ليست خسارة على الشخص صاحب الفكرة، بل خسارة على البلد بأكمله، فنحن في المملكة لا زلنا بيئة خصبة وبحاجة إلى كثير من الأعمال، وقد شهدت المملكة مؤخرا أعمالا أشبه بالثورة في البرمجيات والأمن السيبراني وأعمال الطاقة الشمسية والمتجددة، وها هي تسير بأفضل حال، ولذلك يجب أن نحتضن العقول والأفكار، فنحن بحاجة لأصحاب الفكر أكثر من حاجتهم لنا.

Barjasbh@