هل سيواجه الإعلام الرقمي مصير الصحافة الورقية؟

الاثنين - 04 فبراير 2019

Mon - 04 Feb 2019

بعدما راهن خبراء ومستثمرون ومهتمون في مجال الإعلام الدولي في السنوات الأخيرة على مؤسسات الأخبار الرقمية ذات الطابع السريع، حيث كانوا يرون أنها ستقود مستقبل صناعة الإعلام في العالم، خاصة مع التحول الذي تشهده صناعة الإعلام اليوم والأزمة التي تعيشها العديد من الصحف المطبوعة الكبرى، حيث تحولت غالبيتها إلى مواقع الكترونية واستغنت عن النسخ الورقية.

قبل مدة أعلنت شركات مثل «بازفيد» و«فوكس ميديا» عن اعتزامها الاستغناء عن عدد كبير من موظفيها. هذه الخطوة من الشركتين جاءت سعيا لإنقاذ الوضع المادي الصعب الذي تعيشانه من خلال خفض التكاليف، بهدف القدرة على البقاء والصمود في سوق متقلب تشتد فيه المنافسة بشراسة بين الشركات الكبرى، للحصول على حصة من الإعلانات الرقمية مع شركات الانترنت التي لا زالت تأخذ نصيبا كبيرا من الكعكة الإعلانية الرقمية.

هذه الأزمة الخانقة جعلت شركة بازفيد الأمريكية تقرر تخفيض عدد موظفيها بنسبة 15 %، ضمن سلسلة خطوات سابقة اتخذتها الشركة في تسريح عدد من موظفيها، لكن هذه النسبة هي الأكبر منذ بدئها تلك الإجراءات، وهو ما جعل جونه بيريتي المسؤول عن الشركة يتوجه برسالة الكترونية داخلية لمنسوبيها، قال فيها صراحة إن الشركة ستقوم «بإجراء عملية إعادة هيكلة وستتضمن مع الأسف إجراءات قاسية».

شرح بيريتي الأسباب التي دفعت الشركة إلى اتخاذ تلك الإجراءات القاسية بقوله «لا يمكن لنمو الإيرادات أن يكون كافيا لتحقيق الاستمرارية والنجاح طويلا، إذ إن إعادة الهيكلة ستساهم في التخفيف من ثقل التكاليف على كاهلنا، وتحسن من نموذج التشغيل، مما يجعلنا قادرين على المسك بزمام الأمور والتحكم في مستقبلنا المهني، دون أن نضطر إلى إيجاد مصادر تمويل أخرى».

ولا يقتصر تسريح الموظفين على شركة بازفيد التي تأسست عام 2006 بعدما استقطبت عددا من المستثمرين في مجال الإعلام الرقمي، بهدف سحب البساط من تحت أقدام الصحف الورقية والمجلات المطبوعة، لكنه طال أيضا مجموعة فيريزون العملاقة في مجال الإعلام الرقمي والمالكة لـ «هافينغتون بوست، وياهو، وآي أو أل»، حيث أعلنت مؤخرا أنها ستلغي أكثر من ألف وظيفة في شركاتها الكبرى، بنسبة تصل إلى 7 % من عدد منسوبيها.

صحيفة الغارديان البريطانية رأت في هذه الخطوات تراجعا واضحا في مستقبل الإعلام الرقمي الذي كان ينظر إليه على أنه بديل عن الإعلام التقليدي، والذي أجبر الصحافة الورقية على تقليص موظفيها بنسب تتراوح بين 50 و80 %.

لكن ما الذي دفع شركات الإعلام الرقمي لاتخاذ تلك الإجراءات القاسية؟

على ما يبدو فقد وجدت شركات الإعلام الرقمي نفسها أسيرة لهيمنة العملاقين فيس بوك وقوقل على سوق الإعلان في عالم الإعلام الرقمي، وهو ما أكدته باميلا مان مديرة دائرة الموارد في صحيفة نيويوركر، بأن الصحافة الرقمية عجزت عن منافسة فيس بوك وقوقل في الإيرادات الإعلانية.

من الواضح أن قواعد اللعبة الإعلامية تغيرت فبعدما أطاح الإعلام الرقمي بالصحافة الورقية، ها هو يواجه ذات المصير، حيث أصبح في دائرة اللا يقين من وضعه الحالي في ظل المنافسة المحتدمة، وهو ما ينبئ بأن هذه الموجة قادمة بقوة، وستطال معظم مؤسسات الإعلام الرقمية، ولن يكون إعلامنا الرقمي المحلي في منأى عن هذه التغيرات المتسارعة.

ويبقى السؤال الأهم: هل استعدت مؤسسات الإعلام الرقمية في السعودية والعالم العربي لتلك التغيرات؟ وهل هناك خطط استراتيجية للتطوير والتحسين لضمان المنافسة في صناعة الإعلام الحديث؟ أم إنها تغط في سبات عميق ستفيق منه بعد مدة قصيرة لتجد نفسها خارج المشهد الإعلامي، وأنها أصبحت جزءا من الماضي كما هو حال المؤسسات الصحفية الورقية المحلية حاليا.

@nalhazani