أفنان محمد حياة حياة

بناء الإنسان أساس نهضة المستقبل

الأربعاء - 21 نوفمبر 2018

Wed - 21 Nov 2018

إذا عدنا بالذاكرة للمشاريع المختلفة والتطورات التي مرت بها المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها فإننا نجد أن تلك التطورات والمشاريع تطلبت إيجاد الأفراد أو الأشخاص القادرين على إنشائها وإدارتها بالطريقة الصحيحة والسليمة، وتحملت تلك المشاريع أعباء وتكاليف استقطاب الأفراد والمجموعات من الدول الأخرى القادرة على التنفيذ والتشغيل والإدارة، وكان السبب الرئيس خلف ذلك هو عدم قدرة المواطنين - حينها - على إدارة تلك المشاريع، لأن نمط العمل كان مختلفا، فالتحول من البيئة الزراعية إلى الصناعية تطلب مراحل طويلة لتأهيل الأفراد القادرين على تولي تلك المهام.

وقبل فترة ليست طويلة أطلقت المملكة مشاريع عدة عملاقة لتنويع مصادر الدخل وزيادة الفرص الاستثمارية ورفع الاقتصاد وهذه المشاريع ستسهم بشكل كبير في النهضة والتنمية، وهي لا ترتقي بالمكان فحسب، وإنما تعد بمستقبل يرتقي بالإنسان أيضا من خلال الخدمات والتسهيلات المقدمة له، كما تعد بتقليص حجم البطالة وزيادة الفرص الوظيفية ورفع كفاءة الموارد البشرية.

وفي حين نجد أن عددا من التوجهات الجديدة للمشاريع مبنية على التطور التقني للانتقال إلى عالم الإبداع والابتكار، نرى أن هناك إغفالا للإنسان الذي سيقود هذا التطور، ليس فقط كمستخدم ولكن كمطور ومشغل ومخترع في هذا المجال.

فهل سنزاحم فرص العمل في المستقبل؟

من هنا لا بد أن توضع خارطة طريق للتكنولوجيا والتطورات التي نطمح إليها من خلال دراسات وأبحاث عن ماهية التطورات التكنولوجية التي ستكون في المستقبل، وما هي المشاريع المستهدفة وفرص العمل المستقبلية ومن ثم تأهيل الكادر البشري لإدارة وتنفيذ وتشغيل تلك التطورات في المشاريع، وتوفير كل الاحتياجات الضرورية التي تبني هذا الإنسان من الصغر، ومراكز أبحاث ضخمة لمواجهة التحديات المستقبلية والصعوبات والتغلب عليها قبل وقوعها.

ويتطلب كل هذا أن تكون هناك خطة شاملة لبناء الإنسان، ومن المفترض أن تبدأ بالتعليم من خلال إدراج مناهج ومقررات مستحدثة تهتم بجانب التكنولوجيا والذكاء الصناعي والأمن السيبراني، وأتحدث هنا على مستويي التعليم العالي والعام، وبما يكون متماشيا مع ما يتطلبه سوق العمل لاحقا، والاهتمام أيضا بجودة التعليم، فقد أصبح من الضروري التخلص من عباءة التلقين.

ويجدر القول هنا إن استخدام النهج المتطور في التعليم لا يعني فقط عرض المادة على السبورة الذكية مثلا أو استخدام الوسائل التقنية الأخرى، وإنما يجب العمل على تطوير المادة التعليمية، فالمضمون الأساسي للمقررات لا بد أن يواكب المستجدات وليست الوسائل فقط.

وإن كنا نتحدث عن المضمون فلا بد لنا أيضا ألا نغفل عن دور المعلم أو الأستاذ، سواء في التعليم العام أو العالي، فالمعلم أو الأستاذ لا يكفي أن يكون جيدا في تقديم المادة العلمية، ولكن لا بد أيضا أن يكون ملهما، فعوضا عن تلقين الطلاب لا بد للمعلم أن يطور وينمي مهارات الطلاب بالتوجيه الصحيح والسليم، لاستثمارها والاستفادة منها، وإشراكهم بالبرامج التي تعنى بهذه المهارات.

خلاصة القول إن تطوير الإنسان من المراحل المبكرة لما نتطلع إليه من تطور في المكان من خلال المشاريع المستقبلية سيقلل كثيرا من التكاليف اللاحقة، ويجعلنا أيضا لا نقع في الخطأ نفسه مرتين.

afnan_hayat @