ياسر عمر سندي

لماذا لا نقيس مؤشرات الإخفاق KFI›s؟!

الأربعاء - 14 نوفمبر 2018

Wed - 14 Nov 2018

من المنهجيات الحديثة في علم الإدارة أن يعمل على قياس مؤشرات الأداء الرئيسة (KPI›s) أو Key Performance Indicators للمنظمات العصرية، سواء كانت عامة حكومية تقدم الخدمات أو خاصة ربحية تعمل على توفير المنتجات، أو منظمات مختلطة بين الحكومية والخاصة، لها قانون الدولة ومظلتها ولها أنظمة خاصة تعطيها قليلا من التحرر والمرونة الإدارية في تشريعاتها ولوائحها للتحرك بحرية أكثر في إطار مرسوم ومحدد، ويتطلب ذلك الوقوف على أداء الأعمال لكل قطاعات المنظمة وإداراتها ورسم استراتيجيتها لتحقيق التقدم والنجاح وترجمة ذلك الأداء بمؤشرات قياس وأدوات الجودة Q Tools لتعكس رسومات بيانية وتطبيقات رياضية لرسم خارطة الطريق لأهم الأنشطة التي تقوم بها المنظمات التي تفخر بنجاح أدائها.

وتعتمد مؤشرات قياس الأداء على الكشف عن الوضع الحالي واستشراف المستقبل واستطلاع كيفية عمل الإدارات وفق الأهداف المطروحة مسبقا، وخطى التقدم نحو تحقيق الأداء للمهام الموضوعة للإنجاز، وكل خطوة انتهت، وفي أي مرحلة هي الآن، وكم يتبقى على الانتهاء منها.

ومن وجهة نظري أقترح أن يعمل بمنهجية جديدة وتوليفة خاصة «إدارية سلوكية معرفية» تركز على (KFI›s) أو Key Failure Indicators وهو قياس مؤشرات الإخفاق الرئيسة في المنظمات التي ترغب في حل مشكلاتها الداخلية والخارجية الحالية، ويجري ذلك بحسب تصوري بأن تقاس أربعة مؤشرات إخفاق رئيسة أعدها رؤوس أموال استراتيجية للمنظمة، وذلك بالوقوف على كل مؤشر يتم الإخفاق فيه ومعالجته بمساعدة الإدارة العليا بجمع شتات قطاعات المنظمة والجلوس على طاولة حلول مستديرة واحدة للمكاشفة وتسليط الضوء على كل مؤشر من مؤشرات الإخفاق وما يتفرع منها من مؤشرات استفهامية منسدلة تساعد على التشخيص الآني للمعضلة واختيار العلاج الناجع لها، وهنالك أربعة مؤشرات إخفاق رئيسة أجدها كالآتي:

أولا، مؤشر الإخفاق في رأس المال البشري، وهو المؤشر المعرفي الاستراتيجي لتوليد المعرفة والقلب النابض والأعضاء المحركة لجسم المنظمة، وأي إخفاق فيه يعد فشلا يؤدي إلى الموت البطيء للمنظمة، ويضم تحته مجموعة مؤشرات فرعية أرى أن يجري تشخيصها بشكل فوري لا يحتمل التسويف أو التأجيل بتساؤلات عدة، هي:

- «آلية استقطاب التنفيذيين لقطاع الموارد البشرية»، ما هي؟ وهل هم أكفاء أم فاشلون في إدارة هذا القطاع المهم؟ وما هي خلفياتهم وخبراتهم العملية والعلمية؟

- «برامج التدريب» ما هي؟ وهل تم الاستثمار فيها وقياس الأثر العائد منها؟

- «الترقيات» ما آليتها؟ وما مدى تطبيق العدالة الوظيفية؟

- «المزايا والتعويضات والرواتب» ما الخلل فيها؟

- «المؤهل والوظيفة» كيف نوائم بينهما؟

- «التسرب الوظيفي وهجرة العقول» ما السبب؟

- «انخفاض الروح المعنوية» ما سبب تدنيها؟

- «الموجودات المعرفية من خبرات الموظفين» لماذا نفقدها ولماذا لم تستثمر؟

- «بيئة العمل للموظفين» لماذا هي غير صحية؟

ثانيا، مؤشر الإخفاق في رأس المال المادي، وهو أكبر مؤشر معرفي مساند لرأس المال البشري، حيث تجب معالجته واستدراكه وتشخيصه بتساؤلات فرعية عدة، هي:

- «الميزانية» ما هو المصروف؟ ما البنود والمتوقع للسنوات للخمس المقبلة؟

- ما هي ميزانية التنفيذيين المهدرة مقابل ميزانية الموظفين الموفرة؟

- «المباني» وما هو العائد المالي من ورائها؟ وما نوع الصيانة الدورية لها ومستواها وحجم المصروفات عليها؟

- «الأجهزة والمعدات التقنية» ومدى حداثتها ومواكبتها للعمل، وما الرجيع منها والتالف وكيفية تدويرها للاستفادة من ميزانيتها؟

- «وسائل التواصل التنظيمي» ما مدى التغطية للشبكات الناقلة وحجم المخزنة الناشرة للمعرفة بين الموظفين وقوة تحقيق الارتباط التنظيمي Employee Engagement والاستفادة منها وقياس الأثر من ذلك؟

ثالثا، مؤشر الإخفاق في رأس المال الهيكلي، وهو أكبر مؤشر معرفي داعم للمعرفة تجب مراجعته لفترتين نصف سنوية وسنوية لكل قطاع، والذي تنبثق منه مؤشرات إخفاق فرعية عدة، هي:

- «تصميم الهيكل التنظيمي» وما شكله وحجمه ومستوى حساسية القطاعات والإدارات الداعمة له؟

- «الاتصالات الهابطة والصاعدة» ما نوعيتها وحجمها وكيفية قياس أثرها؟

- «وضع الرجل غير المناسب في المكان المناسب» وما سرعة الاستجابة لحل الكارثة جراء ذلك والمشاكل الناجمة؟

- «الخلل التنظيمي والتكدس الوظيفي» وآليات التوعية القبلية والعلاجات البعدية؟

رابعا، مؤشر الإخفاق في رأسمال الزبون، وهو المؤشر المعرفي الربحي والمكمل للمؤشرات الثلاثة السابقة، حيث يجب الاهتمام به من خلال مؤشرات فرعية إذا جرى الإخفاق فيها فشلت المنظمة أمام عملائها وولائهم، وهي:

- «الدعاية والإعلان»، لماذا الإهمال وتأخر الاستجابة للزبائن وتوهم الاكتفاء بالعملاء الحاليين؟

- «الاستماع للشكاوى» لماذا انعدم التفاعل والتواصل مع العملاء؟ ولماذا الإفلاس في تنويع المنتجات والبطء في التحسين والتطوير؟

- «التحالفات السوقية» لماذا لم يتم كسبها والاستحواذ على المعرفة منها؟

جميع ما ذكرته من مؤشرات للإخفاق إذا لم توضع في الحسبان مع قياسها بشكل متتابع والاستفادة من دروسها ونتائجها بغرض الوقوف على المشاكل للتغيير الجذري لها فإن الوصول للأهداف المرجوة يكاد ينعدم في ظل اتباع السلوك القهري والاستبداد الإداري واتباع سياسة التهميش و»لا أريكم إلا ما أرى»، وضياع المعرفة العميقة للموظفين والمتمثلة في تسريح الخبرات وضعف الإدارة القائمة وتراجعها وتركيزها فقط على كيفية قياس الأداءات وإغفال قياس مؤشر الإخفاقات في عصر قائم على الاقتصاد المعرفي لتحقيق التحول القادم 2020، وإنفاذا للرؤية المستقبلية 2030.