شاكر أبوطالب

الثقافة.. شمال يمين!

الاحد - 04 نوفمبر 2018

Sun - 04 Nov 2018

استبشر المثقفون والأدباء كثيرا بتأسيس الهيئة العامة للثقافة، وازداد تفاؤل الوسط الثقافي بإنشاء وزارة مستقلة للثقافة، والتي كانت مطلبا متكررا منذ فترة طويلة. هذه الخطوات الهامة ستعزز ولا شك من تطوير الأداء في كلا القطاعين الإعلامي والثقافي، وبما يمنحهما المزيد من الاستقلالية والمهنية والتخصص، فضلا عن التركيز بشكل أكبر في تحسين الخدمات والمنتجات.

فقبل أكثر من عامين؛ صدر أمر ملكي بتأسيس الهيئة العامة للثقافة التي أوكلت إليها مهمة الإشراف على قطاع الثقافة وتطوير وتنشيط صناعة العمل الثقافي، وتتمتع الهيئة بالشخصية الاعتبارية وبالاستقلال المالي والإداري، وترتبط تنظيميا برئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ويرأس مجلس إدارتها حاليا وزير الإعلام!

وقبل أكثر من خمسة أشهر، صدر أمر ملكي بإنشاء وزارة الثقافة؛ لتنقل إليها المهام والمسؤوليات المتعلقة بنشاط الثقافة. وحسب الأمر الملكي يفترض أن هيئة الخبراء بمجلس الوزراء قد استكملت الإجراءات اللازمة خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر!

على أرض الواقع، هناك علامات تشير إلى أن عملية الفصل بين الإعلام والثقافة لم تنجز بشكل كامل حتى اليوم، فعمليا لا يوجد أي أثر على أرض الواقع لوزارة الثقافة، ولا يوجد لها أي موقع الكتروني للتعريف بها وبأنظمتها واختصاصاتها. الأثر الوحيد لوزارة الثقافة هو الحساب الخاص لوزيرها على تويتر مع تغريدات معدودة!

بالنسبة للهيئة العامة للثقافة، فحضورها في المشهد الثقافي خجول ولا يليق بمؤسسة مختصة في الثقافة تجاوز عمرها العامين! فهناك فقط بعض الأخبار الخاصة بالهيئة تصدر من حين إلى آخر. ومن الأمور الغريبة داخل هذه الهيئة أنه وحتى اليوم يرأس مجلس إدارتها وزير الإعلام، وعضوية الأمير بدر عبدالله بن محمد بن فرحان آل سعود، قبل أن يعين وزيرا للثقافة! إلى جانب 12 عضوية أخرى ليس من بينها الرئيس التنفيذي للهيئة!

وأحدث علامات استمرار «سيامية» الثقافة والإعلام، إعلان وزارة الإعلام عن بدء التسجيل لدور النشر الراغبة بالمشاركة في «معرض الرياض الدولي للكتاب 2019م»، وهذا الإعلان يشير إلى أن وزارة الإعلام لا زالت تتولى فعليا وعمليا الإشراف على قطاع الثقافة في المملكة!

فإن كانت وزارة الثقافة حاليا غير جاهزة أو مستعدة تنظيميا وبشريا لتحمل مسؤوليات تنظيم معرض الكتاب، فهناك خيارات أخرى غير الاختفاء والاختباء خلف وزارة الإعلام، فهناك العديد من الشركات العالمية والمؤسسات الإقليمية ذات الكفاءة والقدرة والخبرة تستطيع تنظيم وإدارة معرض الكتاب بجميع فعالياته، مع بقاء الإشراف العام لوزارة الثقافة، بالتعاون والتنسيق مع وزارة الإعلام فيما يتعلق باختصاصاتها.

وكما يبدو حتى اللحظة لا ترغب الهيئة العامة للثقافة بالقيام بأي دور في معرض الكتاب، ربما فقط تعتزم المشاركة بجناح بسيط فقط من أجل أن تقول للزوار إنها موجودة!

أما حال الأندية الأدبية، فلا يسر أحدا، فجميعها تتأرجح بين الغياب والغيبوبة، قد يفيق أحدها لساعات قليلة لتنظيم أو إقامة أمسية أو محاضرة أو ندوة، ثم يعود إلى سباته الذي تعود عليه المجتمع!

لست متشائما ولكن ما سبق كان وصفا لا أكثر ولا أقل، فحال الثقافة بائس إلى درجة تلامس الشقاء! رغم أنه، وكالعادة، كان بالإمكان أفضل مما كان، ولكن لا حياة لمن تنادي!

shakerabutaleb@