محمد علي العاوي

التوعية كمدخل لتقليل المخالفات المرورية

الاحد - 07 أكتوبر 2018

Sun - 07 Oct 2018

يمثل عدم الالتزام بأنظمة السير والمرور أهم العوامل التي تقف وراء تزايد نسبة الحوادث المرورية في بلادنا، مثل القيادة بسرعة جنونية، أو الانشغال بقراءة وإرسال الرسائل أو التحدث في الهاتف الجوال، إضافة إلى مخالفات أخرى مثل عكس خط السير، وعدم إتاحة الفرصة للغير في الطريق، وكل هذه المخالفات وغيرها تتسبب في إلحاق أضرار مادية وبشرية كبيرة في بلادنا وغيرها من الدول، لدرجة أن ضحايا حوادث المرور في العالم يفوقون أولئك الذين يموتون بسبب الحروب والكوارث الطبيعية.

وغني عن القول إن ضوابط السير وأنظمة المرور ما وضعت إلا للحفاظ على النفس البشرية التي أكرمها الله سبحانه وتعالى، وقد يكون بالإمكان تلافي حدوث كثير من تلك الحوادث لو تم احترام الأنظمة المرورية، فكم من أسرة فقدت عائلها، وكم من آباء وأمهات فقدوا فلذات أكبادهم بسبب عدم احترام البعض لقواعد الحركة.

هناك العديد من الأسئلة التي تدور في أذهان كثير من الناس عما إذا كانت المؤسسات التعليمية تقوم بدورها في توعية الناشئة والشباب بأهمية الالتزام بقواعد السير؟ وهل الأنظمة المرورية القائمة كفيلة بالحد من الحوادث المرورية؟ وما هو حجم التطبيق الفعلي لتلك الأنظمة بحق المخالفين؟ وهنا تبرز أهمية الدراسات والأبحاث المرورية. فلو قمنا بدراسة ميدانية على حركة السير في أحد الطرق في المملكة، وقيمنا من خلالها سلوكيات قائدي المركبات لرصدنا العديد من المخالفات المرورية، مثل الانشغال بالجوال أثناء القيادة، وعدم التقيد بالسرعات المحددة، واستخدام سيارات غير صالحة للسير، والتجاوز الخاطئ، وعدم الاحتفاظ بالمسافة النظامية بين المركبات، وتجاوز الإشارات المرورية، والعديد من المخالفات التي يمكن أن تتطور لتصبح حوادث مرورية مميتة.

ولا أنسى موقفا حدث لي خلال دراستي في بريطانيا، عندما ارتكبت مخالفة تجاوز السرعة المحددة عند ذهابي إلى مدينة تبعد عن مكان إقامتي 500 كلم، وعند عودتي لمنزلي فوجئت بوجود إشعار بالمخالفة، تم إرساله على بريد منزلي يفيدني بأنني أمام 3 خيارات، إما دفع مبلغ المخالفة وهو ما يقارب 600 ريال، مع تسجيل 3 نقاط سالبة على رخصة قيادتي، ويترتب على ذلك زيادة في تكاليف تأمين المركبة، أو مراجعة المحكمة للاعتراض على المخالفة، أو حضور دورة تثقيفية حول مخاطر السرعة على حسابي الشخصي، فاخترت حضور الدورة التي كانت تتحدث عن مخاطر السرعة وعدد الوفيات والإصابات جراء السرعات الزائدة، وكان من ضمن الأسئلة التي طرحها المدرب علينا أثناء الدورة بأن نخمن عدد الوفيات سنويا في تلك الدولة جراء حوادث السيارات، فأجبته بأنه في حدود 20 ألفا سنويا، كون عدد الوفيات لدينا في السعودية في تلك السنة بسبب حوادث السير كان في حدود 10 آلاف حالة وفاة، فأصابني الذهول لما علمت أن عدد الوفيات في تلك الدولة التي يبلغ عدد سكانها ثلاثة أضعاف سكان المملكة في ذلك الوقت لا يتجاوز ألفي شخص.

ومع تقديري للدور الكبير الذي قام به نظام «ساهر» في تقليل عدد وقوع حوادث المرور، إلا أن العقوبات وحدها لا تكفي، وينبغي إقامة مراكز تأهيل شامل في كل مدينة، للتوعية بمخاطر مخالفة الأنظمة المرورية، كذلك من الأهمية بمكان مراقبة سلوكيات قائدي المركبات من واقع الميدان، وتفعيل دور المرور السري. مع أهمية التعويل على تثقيف الشباب وتوعيتهم بأن احترام الأنظمة والقوانين هو أولى علامات الدول المتحضرة.

drmawi@