ترجم حتى أراك..!
سنابل موقوتة
سنابل موقوتة
الثلاثاء - 25 سبتمبر 2018
Tue - 25 Sep 2018
دعونا نتخيل أمرا قد لا يحدث أبدا، لنتخيل مثلا أن إنسانا عربيا في بلد عربي يتحدث مع عربي آخر في شأن خاص بهما بلغة غير عربية. دعونا نبحر في الخيال قليلا ولنتخيل موظفا سعوديا يرد على مكالمة لعميل سعودي في وسط الجزيرة العربية السعودية ويحدثه باللغة الإنجليزية.
يقول المنطق إن هذه الفكرة تبدو خيالية ولا يمكن قبولها أو تبريرها إلا في إطار ساخر، لكنها ليست مجرد فكرة، وهي أيضا فكرة جادة أكثر مما تحتمل الجدية. ولم تعد فقط متعارضة مع المنطق والصواب، بل إنها لبست لباسهما فأصبحت هي المنطق والصواب وما عداها تخلف ورجعية لا تليق بالعصر. (من عصر يعصر عصرا فهو معصور).
أتفهم الآن ـ على مضض ـ أن تدرس بعض العلوم بلغة غير العربية في بلاد عربية في مرحلة ما، ولكن الحقيقة التي لا مجال لتجاهلها أن كل الحضارات التي شكلت فارقا في حياة البشرية كانت نقطة انطلاقها والأساس الذي قامت عليه هو حركة ترجمة لعلوم وحضارات الأمم الأخرى.
أي أمة وجدت على هذا الكوكب البائس لا تخرج عن إحدى أمتين، إما تابعة أو متبوعة. والمنطق ـ الذي مات قبل بضعة أسطر ـ يقول إن الأمم القائدة والمتبوعة لم تكن تتحدث إلا بلغتها، وتترجم إليها كل ما تحتاجه ـ وما لا تحتاجه ـ من علوم الأمم الأخرى. ولم تكن إساس أي من تلك الحضارات بضع مبان عملاقة يسكنها أناس يتحدثون بلغة أخرى لا يفهمها الناس.
بناء الإنسان هو الهدف الأول لأي حضارة بشرية، ويبدو من غير المنطقي أن يطلب من الإنسان تغيير لغته حتى يكون جزءا من تلك الحضارة أو حتى يكون هو المعني بالبناء. وحين تكون اللغة غير العربية شرطا للتوظيف حتى في مهن لا تتطلب الكلام أصلا فإن هذا ليس بحثا عن الأفضل ولكنه دليل هزيمة ثقافية غير مبررة.
ثم إن «نقص القادرين على الكمال» هو العيب الأكبر حسب وجهة نظر أبي الطيب، وأنا أتفق معه فيما ذهب إليه، وأعتقد أننا قادرون على الكمال، فالإمكانات متوفرة وكل شيء يشي بأننا نريد أن نصبح شيئا مهما في تاريخ البشرية، فما الذي يمنع أن يكون لدينا توجه حكومي ورسمي للقيام بحركة ترجمة ضخمة لا تبقي ولا تذر، تترجم كل علوم أمم الأرض ـ وغيرها من الكواكب إن وجد ـ ومعارفها وآدابها وفنونها؟
وعلى أي حال..
ثق أنك لن تنال إعجاب الآخرين لمجرد أنك تتحدث بلغتهم، وحين يكون لديك شيء يهمهم، وتنتج شيئا مفيدا فسيحاولون فهم ما تقول حتى لو كنت تتحدث لغة أبجديتها تتكون من مليار حرف، وستنال إعجابهم بالفعل، فلا تقلق.
@agrni
يقول المنطق إن هذه الفكرة تبدو خيالية ولا يمكن قبولها أو تبريرها إلا في إطار ساخر، لكنها ليست مجرد فكرة، وهي أيضا فكرة جادة أكثر مما تحتمل الجدية. ولم تعد فقط متعارضة مع المنطق والصواب، بل إنها لبست لباسهما فأصبحت هي المنطق والصواب وما عداها تخلف ورجعية لا تليق بالعصر. (من عصر يعصر عصرا فهو معصور).
أتفهم الآن ـ على مضض ـ أن تدرس بعض العلوم بلغة غير العربية في بلاد عربية في مرحلة ما، ولكن الحقيقة التي لا مجال لتجاهلها أن كل الحضارات التي شكلت فارقا في حياة البشرية كانت نقطة انطلاقها والأساس الذي قامت عليه هو حركة ترجمة لعلوم وحضارات الأمم الأخرى.
أي أمة وجدت على هذا الكوكب البائس لا تخرج عن إحدى أمتين، إما تابعة أو متبوعة. والمنطق ـ الذي مات قبل بضعة أسطر ـ يقول إن الأمم القائدة والمتبوعة لم تكن تتحدث إلا بلغتها، وتترجم إليها كل ما تحتاجه ـ وما لا تحتاجه ـ من علوم الأمم الأخرى. ولم تكن إساس أي من تلك الحضارات بضع مبان عملاقة يسكنها أناس يتحدثون بلغة أخرى لا يفهمها الناس.
بناء الإنسان هو الهدف الأول لأي حضارة بشرية، ويبدو من غير المنطقي أن يطلب من الإنسان تغيير لغته حتى يكون جزءا من تلك الحضارة أو حتى يكون هو المعني بالبناء. وحين تكون اللغة غير العربية شرطا للتوظيف حتى في مهن لا تتطلب الكلام أصلا فإن هذا ليس بحثا عن الأفضل ولكنه دليل هزيمة ثقافية غير مبررة.
ثم إن «نقص القادرين على الكمال» هو العيب الأكبر حسب وجهة نظر أبي الطيب، وأنا أتفق معه فيما ذهب إليه، وأعتقد أننا قادرون على الكمال، فالإمكانات متوفرة وكل شيء يشي بأننا نريد أن نصبح شيئا مهما في تاريخ البشرية، فما الذي يمنع أن يكون لدينا توجه حكومي ورسمي للقيام بحركة ترجمة ضخمة لا تبقي ولا تذر، تترجم كل علوم أمم الأرض ـ وغيرها من الكواكب إن وجد ـ ومعارفها وآدابها وفنونها؟
وعلى أي حال..
ثق أنك لن تنال إعجاب الآخرين لمجرد أنك تتحدث بلغتهم، وحين يكون لديك شيء يهمهم، وتنتج شيئا مفيدا فسيحاولون فهم ما تقول حتى لو كنت تتحدث لغة أبجديتها تتكون من مليار حرف، وستنال إعجابهم بالفعل، فلا تقلق.
@agrni
