محمد حطحوط

نظرة مختلفة للاحتفال باليوم الوطني!

السبت - 22 سبتمبر 2018

Sat - 22 Sep 2018

اليوم هو يوم الوطن، حيث نحتفل بذكرى توحيد البلاد الثامنة والثمانين. ممتع أن ترى الأطفال يخرجون من بيوتهم موشحين بالأخضر، يحتفلون بوطنهم في يومه، مرددين بأصواتهم الطاهرة أجمل قصائده. تتحرك عدسة المخرج لتلتقط مشهد وزارة حكومية تستقبل موظفيها وموظفاتها بالبالونات الخضراء، وكعكة كبيرة يتقاسمونها ويتبادلون الضحكات. زاوية أخرى توثق شركة تحتفل بطريقتها الخاصة بصوت الماجد (ياسلامي عليكم يالسعودية) ومرة بذكريات سراج عمر (بلادي بلادي منار الهدى)، وتارة بالأغنية الوطنية الأشهر دون منازع (فووووق هام السحب)، وصوت أبونورة مدويا في بهو الشركة (والله مامثلك بهالدنيا بلد!)، وعبق الختام مع الراحل طلال مداح في (وطني الحبيب).

كل هذه المشاهد الخضراء الجميلة تتراقص أمام مخيلتك، ولكن ثمة سؤال يبحث عن إجابة، سؤال ينغص عليك صوت أبونورة وتراتيل سراج عمر: هل هذا فقط كاف للاحتفال بوطني؟ هل أصبح اليوم الوطني بكل قدسيته وجماله مجرد أغان نرددها وشيلات نتراقص معها؟ هل نحن نحتفل بالوطن حقيقة من داخل قلوبنا أم مجاملة لجهة أو شخص يراقبنا من بعيد؟

هذه وجهة نظر مختلفة تقدم خيارا أفضل للاحتفال، حيث البداية بـ (لماذا) نحتفل؟ ستفاجأ لو عملت استفتاء أن نسبة - قد تكون عالية - من المحتفلين لا يعرفون إلى هذه اللحظة ماذا يعني اليوم الوطني، وما هو السبب خلف احتفال السعودية بهذا اليوم! نحتفل بهذا اليوم التاريخي لأن الملك عبدالعزيز رحمه الله أصدر فيه مرسوما ملكيا بتاريخ 17 جمادى الأولى عام 1351 هـ، يقضي بتحويل اسم الدولة من «مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها» إلى «المملكة العربية السعودية»، ابتداء من الخميس 21 جمادى الأولى 1351 هـ، والموافق ليوم 23 سبتمبر 1932م. وسبب الاحتفال ليس فقط لاختلاف الاسم من مملكة الحجاز ونجد للمملكة العربية السعودية، وإنما كذلك لأن هذا يرمز للوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية التي بدأ ازدهارها مع إشراقة ذلك اليوم. بعده لم يعد هناك حروب أهلية، ولا نزاعات داخلية. أصبحنا شعبا واحدا، ومجتمعا واحدا. من شرقها لغربها يجمعنا المصير المشترك واللغة الواحدة، وقبل هذا وذاك: مهد الإسلام ونوره الذي غير مجرى التاريخ. هذه النقطة الجوهرية - اللحمة الوطنية - أتمنى حقيقة أن تكون محور احتفالات المدارس، وليس مجرد شعارات براقة، ليعرف الطفل وطنه في يوم الوطن الكبير.

ولهذا عزيزي المسؤول: بعد تقطيعك لكعكة الوطن، في محاولة للاحتفال بشكل مختلف، اسأل نفسك وموظفيك: ماذا يحتاج الوطن من وزارتنا؟ ماذا يحتاج المواطن؟ ما الطموحات التي يرجوها ولي الأمر حين وضعك في هذا الكرسي؟ أريد أن أرى (ما مثلك بها الدنيا بلد) في سرعة إنجاز معاملة امرأة لا تحمل حرف (واو) كبير على كتفها، وفي وجه كبير سن قدره أنه لا يعرف مدير الجهة. الاحتفال الحقيقي بالوطن يبدأ وينتهي من عطائك اللا محدود في المهمة الموكلة إليك، من هرم الوزير إلى رجل الأمن المناوب على بوابة الوزارة، كلهم بذات الدرجة في خدمة الوطن.

mhathut@