ناصر الهزاني

في الليلة الظلماء يولد الأمل

السبت - 22 سبتمبر 2018

Sat - 22 Sep 2018

لم يكن عام 1293هـ الموافق عام 1876م عاما عاديا كباقي الأعوام، ففي هذه السنة ولد أحد أهم أبناء الجزيرة العربية الذي أصبح فيما بعد سيد الجزيرة، ولد هذا القائد وقد شارف حكم آبائه وأجداده على النهاية في ظل ظروف واضطرابات محلية وإقليمية ودولية.

لم يكن يعلم هذا الشاب الذي كان يبلغ من العمر حينها 16 ربيعا وقد شهد حصار عاصمة دولته في طورها الثاني أن له موعدا مع المجد سيوفقه الله لنواله بعد سنوات بسيطة.

ولقد كانت تجربة ممارسته للسياسة إبان حصار الرياض عام 1308هـ وحضوره مع عمه محمد للتفاوض مع خصمه محمد بن رشيد بداية لظهور ملامح قائد جديد من الأسرة السعودية، سيكون له حضور في المشهد السياسي ليس في الرياض فحسب ولكن في الجزيرة العربية كلها.

رحل عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل مع والده بعد سقوط العاصمة الرياض بيد ابن رشيد، وقد كان لتنقله بين فيافي الصحراء ما بين بادية العجمان وآل مرة دور مهم في تكوين شخصيته وصقلها، وفي ثراء تجربته التي بانت فيما بعد عند استعادته ملك آبائه وأجداده.

وفي ليلة من ليالي 1310هـ وصل عبدالعزيز مع والده الإمام عبدالرحمن الفيصل وأسرته إلى الكويت ضيوفا كراما عند الشيخ مبارك الصباح حاكم الكويت.

وكان الأمير الشاب عبدالعزيز الذي أصبح سيد الجزيرة العربية وملك البلاد فيما بعد يترقب كل جديد عن بلاده ومسقط رأسه ومرتع صباه نجد التي هي عاصمة حكم آبائه وأجداده. كان يتابع الأوضاع السياسية باهتمام بالغ ويجالس الساسة والمفكرين في مجلس الشيخ مبارك، إضافة إلى استفادته من والده الذي كان آخر حكام الدولة السعودية الثانية.

لقد كان للمكانة الكبيرة للأسرة السعودية في الكويت دور بارز في جلوس الملك عبدالعزيز مع كبار القادة والسياسيين في ذلك الوقت خلال مدة إقامته في الكويت، حيث توسعت مداركه وزاد أفقه وأصبح الطموح يراوده للعودة لاستعادة ملك البلاد.

أمضى الملك عبدالعزيز نحو 9 سنوات في الكويت، وكان خلالها يعد العدة والخطط للعودة إلى الرياض، حتى جاء الوقت المناسب من عام 1319هـ، حيث عقد العزم على التوجه إليها برفقة 40 رجلا من رجاله المخلصين في البداية ثم زاد عددهم عند دخول الرياض.

لقد كانت عملية جريئة بامتياز، ولا سيما إذا أدركنا قلة عدد الذين شاركوا معه، وفي 21 رمضان 1319هـ اتجه الملك عبدالعزيز ورفاقه إلى الرياض، وقد كان مسيرهم ليلا لكيلا يعلم بقدومهم أحد فتنكشف الخطة.

وفي الرابع من شوال من العام نفسه الموافق 13/‏1/‏1902م وصل عبدالعزيز ورفاقه إلى الرياض، وقسمهم إلى مجموعتين، الأولى تتكون من 20 رجلا مهمتها البقاء عند الإبل والمؤن كي تكون عنصر إسناد للمجموعة الثانية.

والمجموعة الثانية وهي القوة الرئيسة المهاجمة بقيادته، حيث دخل بيت عامل ابن رشيد وهو عجلان بن محمد، في انتظار قدومه وبالفعل قدم عجلان وحصلت معركة شرسة، وقد كان لعنصر المفاجأة دور مهم في حسمها لصالح الملك عبدالعزيز والقضاء على حاكم الرياض عجلان. وبعد أن تمت السيطرة والقضاء على من تبقى واستسلام آخرين نودي أن الحكم لله ثم لعبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود.

وقد خلد التاريخ أسماء الرجال الرواد الذين صحبوا الملك عبدالعزيز في مسيرته المظفرة لاسترداد الرياض في 5 شوال 1319 الموافق 14 يناير 1902م، والذين سطرت سيرتهم العطرة واحدة من أجمل الملاحم التي عرفها التاريخ الحديث رحمهم الله جميعا، وهم: محمد بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود، عبدالله بن جلوي بن تركي آل سعود، عبدالعزيز بن جلوي بن تركي آل سعود، فهد بن جلوي بن تركي آل سعود، عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود، عبدالعزيز بن عبدالله بن تركي آل سعود، عبدالله بن سعود بن عبدالله (صنيتان) آل سعود، فهد بن إبراهيم بن مشاري آل سعود، ناصر بن سعود بن فرحان آل سعود، سعود بن ناصر بن سعود بن فرحان آل سعود، إبراهيم بن عبدالرحمن بن محيذيف (من أهالي الرياض)، إبراهيم بن

عبدالرحمن النفيسي (من أهالي الرياض)، ثلاب العجالين الدوسري، حترش العرجاني، حزام بن خزّام العجالين الدوسري، حشاش العرجاني، خليفة بن عبدالرحمن بن بديع (من أهالي الرياض)، زايد البقشي السبيعي، زيد بن محمد بن زيد (من أهالي الرياض)، سطام أباالخيل المطيري، سعد بن بخيت التركي (من أهالي الرياض)، سعد بن عبدالرحمن بن نجيفان (من أهالي الرياض)، سعد بن عبدالله بن عبيد (من أهالي ملهم)، سعد بن هديب (من أهالي الدلم)، سعيد بن بيشان الدوسري (من أهالي الدرعية)، سلطان العبدالعزيز (من أهالي الرياض)، شايع بن شداد السهلي، صالح بن إبراهيم بن سبعان (من أهالي الرياض)، طلال بن عجرش السبيعي، عبداللطيف بن حسين المعشوق (من أهالي الرياض)، عبدالله بن حسين المعشوق (من أهالي الرياض)، عبدالله بن حسين بن جريس (من أهالي العمارية)، عبدالله بن شنار الدوسري، عبدالله بن عثمان الهزاني (من أهالي نعام- الحريق)، عبدالله بن عسكر (السيد) (من أهالي الرياض)، عبدالله بن علي بن خنيزان (من أهالي الرياض)، عبدالله بن محمد الجطيلي (من أهالي عنيزة)، عبدالله بن مرعيد السبيعي، عبيد (أخو شعوا) الدوسري، عبيد بن صالح بن مشخص (عويبيل) (من أهالي الرياض)، فالح بن مجلاد الفويجح السبيعي، فرحان السعود (من أهالي الرياض)، فهد بن عبدالعزيز بن معمر (من أهالي العيينة)، فهد بن علي المعشوق (من أهالي الرياض)، فيروز العبدالعزيز (من أهالي الرياض)، ماجد بن مرعيد السبيعي، محمد بن حسين المعشوق (من أهالي الرياض)، محمد بن رشيد بن قماع (من أهالي الرياض)، محمد بن شعيل الدوسري، محمد بن عامر الوبير العجمي، محمد بن هزاع (من أهالي الدرعية)، مسعود المبروك (من أهالي الرياض)، مسلّم بن مجفل السبيعي، مطلق بن جفّال السبيعي، مطلق بن محمد بن عجيبان (من أهالي الرياض)، مطلق المغيربي (من أهالي الرياض)، معضد بن خرصان الشامري، مناور العنزي (من أهالي الرياض)، منصور بن فريج (من أهالي الرياض)، منصور بن محمد بن حمزة (من أهالي الرياض)، ناصر بن عبدالله بن شامان المليحي (من أهالي الدرعية)، نافع الحربي، يوسف بن صالح بن مشخص (من أهالي الرياض).

ومنذ استعادة الرياض تغيرت خريطة المنطقة واستطاع الملك عبدالعزيز عبر ثلاثة عقود استرجاع المناطق وضمها إلى البلاد وتوحيد أجزاء شبه الجزيرة العربية التي أصبحت المملكة العربية السعودية.

لم تكن قصة توحيد المملكة العربية السعودية سهلة، فقد كانت أشبه بالحلم، ولكن إرادة الرجال وقبلها توفيق الله، مهدت الطريق ليكون هذا الحلم واقعا مشاهدا، ولتقوم الدولة السعودية الثالثة بقيادة الملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى، والذي غادرها إلى الرفيق الأعلى سنة 1953م بعد أن جمع شملها ووحدها.

nalhazani@