حنان المرحبي

بنوك الدم.. شكرا ولكن لماذا العجز؟!

الاحد - 02 سبتمبر 2018

Sun - 02 Sep 2018

بنك الدم هو الجهاز الذي يستقبل المتبرعين لسحب الدم، وفصله وفقا لمكوناته المتعددة، وأخيرا تخزينه ليجري استهلاكه بحسب حاجة المريض. ومكونات الدم تشمل الكريات الحمراء التي تنقل الأكسجين، والصفائح الدموية التي تساعد على تخثر الدم، والبلازما وهي مادة تحتوي على بروتينات خاصة تساعد الجسم على الشفاء وتنظيم التخثر. ورغم نجاح الأبحاث في تطوير عقاقير تحث العظام على إنتاج الدم في وقت أقصر، إلا أن المدة التي يتطلبها الجسم ليستجيب لتلك العقاقير تأخذ أسابيع. لهذا فإن الدم الذي يتبرع به الناس من أهم وأكثر الموارد الفاعلة لحفظ الأرواح.

وقد أولت المملكة عناية كبيرة بالقطاع الصحي، خاصة الأقسام والإجراءات التي تباشر الحالات الطارئة والمعرضة للوفاة.

اليوم يوجد في المملكة 224 بنك دم موزعة على جميع المناطق والمحافظات، وتبذل هذه البنوك جهودا حثيثة لإقامة الحملات واستقبال المتبرعين وجمع الدم بالكميات والفصائل التي يحتاجها المرضى. وقد نجحت هذه الحملات في استقطاب 323,364 متبرعا عام 2017، و449,408 عام 2016. وبلغ حجم استهلاك المستشفيات السنوي للدم والبلازما والصفائح الدموية نحو 312.26 وحدة دم، و180.537 وحدة بلازما طازجة مجمدة، و151.313 وحدة صفائح دم.

من المستغرب أن نرى إعلانات عن وجود حالة طارئة بحاجة لمتبرعين بالدم، في ظل وجود تلك الحملات والجهود التي توفر الدم حسب المعايير السنوية العالمية بالنسبة لعدد السكان وعدد الأسر بالمستشفيات وبالقياس لاستخدام الدم خلال الأعوام المنصرمة، ونحن نعلم أن المملكة تحتل المرتبة الأولى في العالم من حيث أعداد الراغبين في التبرع بالدم بحسب نتائج أحد الإحصاءات الدولية، فلماذا يحدث العجز؟

لكل بنك دم طرق ومعايير مختلفة لإتمام عمليات حفظ الدم وتخزينه. ولغياب التنسيق فيما بينها تتسبب تلك الاختلافات في حدوث نقص في الدم لدى بعض المستشفيات وهدر لمنتهي الصلاحية لدى أخرى. إن غياب التنسق يعوق تبادل المنافع بين المستشفيات ويؤخر نقل الفائض من الفروع إلى البنك المركزي لإسعاف المريض في الوقت اللازم.

من الضروري تفعيل لجان تعمل على التنسيق بين بنوك الدم في مستشفيات المناطق المجاورة لتلافي العجز والهدر. ومن المهم أيضا أن يكون هناك نظام معلومات موحد يربط بنوك الدم جميعا ويوفر المعلومات لجميع المستشفيات عبر بوابة واحدة.

إن عدم وجود نظام موحد للمعلومات يضعف التنسيق ويفتح المجال للتجاوزات من قبل بعض المتبرعين. ومن أمثلة التجاوزات: يتبرع الشخص لدى بنك، ثم يتقدم ويتبرع لدى آخر قبل أن يتجاوز المدة المسموح بها (شهرين)، فيعرض نفسه للخطر.

بعض المستشفيات أيضا تدقق في سجل التاريخ الصحي للمتبرع لتختبر صلاحيته، فتسأله عما إذا كان قد تعاطى أنواعا معينة من العقاقير التي تثير الحساسية للمريض المتلقي للدم، أو أخذ جلسة حجامة من شخص غير مرخص، ولكن حين يرفض لهذه الأسباب يذهب إلى بنك آخر ويخفي المعلومات ليتبرع، وهذا ليس جهلا منه، ولكن لعلمه أن البنوك الأخرى لا تملك سجلا عنه. وجود نظام موحد يمكن البنوك من حل هذه المشكلات بزيارة سجل المتبرع.

أختم بقصة مؤثرة لمتبرع لم يتمالك نفسه من البكاء بعد أن أنهى عملية سحب الدم، ظنت الممرضة أن الإبرة آلمته، فسألته عما يبكيه؟ فأجاب أنه قبل عامين قدر الله وتوفي أخوه بسبب نقص الدم، فأخذ عهدا على نفسه بالتبرع متى ما تيسر له لكيلا يتكرر الألم الذي عاشه وعرفه مع شخص آخر قد يتوفى قريبه لنقص الدم.