محمد حطحوط

فن طرد العميل.. نعم (كرش) العميل!

السبت - 18 أغسطس 2018

Sat - 18 Aug 2018

هذه شركة محلية لها حضور في جميع دول الخليج تقريبا، اتصل بي مديرها التنفيذي طالبا جلسة استشارية لمشكلة تسويقية يمرون بها. اتفقنا على المكان والزمان، وزرتهم، حيث ظهرت أول علامة تنبيه حمراء، لأني عادة في الجلسات الاستشارية أبدأ بسؤال ثابت: ما هو هدف جلسة اليوم؟ ما المشكلة التي نحاول حلها؟ ما الذي جعلك تتصل بي؟ وسبب ذلك أن بعض العملاء - كما حدث مع الشركة أعلاه - يطرحون عشر مشاكل تواجههم، وكمستشار لا يمكن تناول أكثر من قضية واحدة في هذه الجلسة، حتى تخرج بنتائج حقيقية يمكن تطبيقها مباشرة على الواقع، لأن فتح جبهات كثيرة ينتج عنه تشتت، وفي نهاية المطاف عدم إنجاز أي شيء!

طرح المدير التنفيذي مجموعة من القضايا، وقلت فعلا كل قضية هامة وتحتاج نقاشا، ولكن ما هي أهم قضية تؤرقكم؟ لأننا لا نستطيع في جلسة واحدة إنهاء كل هذه القضايا. مرة أخرى لم يجب الرجل عن سؤالي، وهذا تنبيه أحمر آخر. انتهت الجلسة الاستشارية، وتم إرسال الاستبيان لقياس رضا العميل، وكنت متوقعا رده، فكان راضيا عن الجلسة الاستشارية لكن النسبة - من 100%

- التي قيمنا بها لم تكن مرضية لنا، ولهذا تواصل معه الزملاء مجددا، لأن ضمان حطحوط الذي أقدمه في أي جلسة استشارية أو حتى دورة تدريبية واضح وصريح: في حال عدم رضاك عن محتوى ما يقدم لك.. من حقك استرجاع مبلغك بالكامل دون سؤال! تم الاتفاق مع الرجل مرة أخرى على إضافة ساعة استشارية مجانية، بهدف إرضاء العميل، وتمت بالفعل، وكانت المشكلة نفسها، الرجل يطرح ملفات كثيرة، واستشففت وقتها أن الرجل فعلا استفاد، بل وطبق بعض ما ذكر في الجلسة الماضية، لكنه يريد مزيدا من الوقت المجاني! انتهت الجلسة وشكرته، وأبلغت الفريق بطرد - مؤدب - هذا العميل وإدخاله القائمة السوداء التي لا يوجد فيها حتى كتابة هذه الأحرف سواه، ولكن هذا يقودنا لمبدأ مهم في التسويق اسمه: فن طرد العميل!

ومشكلة فن طرد العميل أن كثيرين لا يستطيع استيعابها، كيف أطرد عميلا وهو يمثل لي دخلا ماليا؟! أول مرة مررت بهذا المصطلح الصادم كان من الأمريكي مايك مايكولوكس في كتابه الجميل The Pumpkin Plan :A Simple Strategy to Grow A Remarkable Business in Any Field ، ثم بعد ذلك من دارن هاردي، تلاه ألين ديب - صاحب أكثر كتاب مبيعا في التسويق في أمازون - وجيم كوكرن، وقائمة لا تنتهي من الخبراء حول العالم الذين يؤكدون نقطة واحدة: نعم أحيانا يكون أكثر ربحية لك أن (تكرش) - أي تطرد - العميل!

لماذا؟ لأن هذا العميل يأخذ من وقتك وجهدك وجهد موظفيك الكثير، فأوفر لك وأعلى ربحية أن يذهب هذا الوقت مع عميل يكون بينك وبينه نقطة التقاء.

أخبرني صاحب مطعم بالرياض قائلا: لدينا عميل بقي له عشر هللات. قلنا له لا يوجد لدينا هلل! أعطيناه ريالا كاملا، ورفض أخذه معللا أنه يريد هللاته العشر! من حقه ذلك، ولكن صدقا لم نستطع خدمته، حيث تلفظ على الموظفين ثم خرج غاضبا، واتصل به مالك المطعم - الذي يخبرني القصة - في محاولة يائسة لتهدئته وأمضى معه ساعتين ولم يرض العميل!

بعدها بيومين اكتشف صاحبنا أن العميل أبلغ وزارة التجارة! وأظنه رفع قضية في ديوان المظالم واشتكى لوزارة الداخلية في كلنا أمن! لمثل هؤلاء العملاء خرج فن طرد العميل.. ولكن بأدب.

لهذا عندما تجد نقاط تنافر مع عميل ما، تذكر أن - كما يقول رجل الأعمال الذي أصبح رئيس أمريكا دونالد ترمب - أفضل الصفقات التجارية أحيانا تلك التي نتركها اختيارا!

@mhath