السعوديون وفقدان الهوية

إن اللغة هي وعاء الحضارة، حيث لا يمكن لأي أمة أن تنهض على لغة غير لغتها. واللغة هي هوية الأمة، ومن ينكر هويته فهو لا يثق في ذاته.

إن اللغة هي وعاء الحضارة، حيث لا يمكن لأي أمة أن تنهض على لغة غير لغتها. واللغة هي هوية الأمة، ومن ينكر هويته فهو لا يثق في ذاته.

الخميس - 19 يونيو 2014

Thu - 19 Jun 2014



إن اللغة هي وعاء الحضارة، حيث لا يمكن لأي أمة أن تنهض على لغة غير لغتها. واللغة هي هوية الأمة، ومن ينكر هويته فهو لا يثق في ذاته.

لقد (تعجم) الكثير منا ولم يستطع أن يصمد أمام ألسنة (وافدة)عبثت باللغة، فأخذوا يحذون حذوهم.. إن تلوِ لسانك لشخص فهذا يدل على ضعفك وعدم وضوح هويتك، والكثيرون عندما يخاطبون الوافد نجدهم يعبثون باللغة كأن يقولون (ما فيه معلوم ) أو (ايس كلام) أو (أنا ما فيه يجي) وغيرها من الجمل والكلمات الركيكة..هل هانت علينا لغتنا لنتجرد منها بسهولة؟ وهل يفهم الوافد (ما فيه معلوم) ولا يفهم (لا أعلم)، أم نحن شعب امتهن تقديم التنازلات؟ فما أسهل أن نتنازل عن عقيدتنا بداعي السلام وحوار الأديان. وما أسهل أن نخترع لغة جديدة ألا وهي (العرب أوردية) بداعي أن نفهم ونفهم الآخر!

قبلنا بلغة خالية من المعاني والرموز! وذابت العربية في هجين لغوي، ومرغت الهوية في وحل الثقافات.

كان السلف الصالح حريصين كل الحرص على العربية حتى إنهم كانوا يعدون اللحن في حرف واحد ضلالا، أما اليوم فنحن نلحن في العربية على كل منوال، فتارة نرمي بها تحت أقدام الوافدين، وأخرى نقصيها بلغات أجنبية. وإنه لمن المحزن والمخزي نظرة الإجلال تلك التي تراها في عيون المجتمع لمن يتحدث الإنجليزية أو أي لغة أخرى غير العربية، حتى إن أصحاب هذه المكانة الرفيعة وكي لا يفقدوا تلك النظرة تجدهم وهم يتحدثون يدفعون بكلمة أعجمية دخيلة في وسط حديثهم حتى يعلم الجميع أن أحدهم فاق أقرانه.

ألهذه الدرجة وصل بنا الحال؟ في المستشفيات والجامعات لا مكان إلا للإنجليزية، وفي الأسواق والمحلات لا مكان إلا «للعرب أوردية» فأين مكان العربية؟

يقول عمر ابن الخطاب رضي الله عنه «تفقهوا في العربية فإنها تزيد في العقل، وتثبت المروءة»، ومن أراد أن يستشعر هذه المقولة فما عليه إلا أن ينظر إلى منطق من طارعقله بلغات غربية ولمروءة من عوج لسانه فكسر لغة القرآن.

لقد حاول أعداء الإسلام بشتى الطرق أن يقضوا على العربية فكانت المحاولات بإحياء اللهجات العامية، ونحن نعلم الدعوة التي قام بها «ولهم اسبيتا»، حيث دعا لاتخاذ العامية بكل تداعياتها من همجية وتخلف لغة أدبية، وذلك لصعوبة الفصحى، كما دعا غيره لتمصير اللغة، وكذلك استبدال الحرف العربي باللاتيني.

المسألة مسألة هوية ووجود، وهجر اللغة العربية يعني هجر القرآن وعدم تفقه معانيه، ولقد قال ابن تيميّة، رحمه الله :»وما زال السلف يكرهون تغييرَ شعائرِ العربِ حتى في المعاملات وهو التكلّم بغير العربية إلاّ لحاجة، كما نصّ على ذلك مالك والشافعي وأحمد، بل قال مالك مَنْ تكلّم في مسجدنا بغير العربية أُخرِجَ منه مع أنّ سائر الألسن يجوز النطق بها لأصحابها، ولكن سوغوها للحاجة، وكرهوها لغير الحاجة، ولحفظ شعائر الإسلام».

ويقول الحاكم الفرنسي في الجزائر في ذكرى مرور مئة سنة على استعمار الجزائر: إننا لن ننتصر على الجزائريين ما داموا يقرؤون القرآن، ويتكلمون العربية، فيجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم، ونقتلع اللسان العربي من ألسنتهم. لقد امتلأت مدننا بمعاهد تعليم الإنجليزية وتسابقنا نحوها، تاركين العربية خلفنا، وكان من الممكن، أو من الواجب، إنشاء مراكز لتعليم اللغة العربية للمقيمين الذين لا يتحدثون بها، ولاسيما أن تعليم العربية واجب شرعي، ولكننا سهلنا المهمة، وأخشى أن يأتي يوم نفتخر فيه بأننا نتحدث لغة هجينا خالية من المعاني، فمن يهن يسهل الهوان عليه، ما لجرح بميت إيلام.

والأدهى والأمر من ذلك هو وجود الخادمات في المنازل، وإن الجيل الذي تربى على أيدي الخدم سيخرج جيلا تتكسر أحرف العربية في فمه.

كل المجتمعات التي سبقتنا بمراحل اهتمت بالتربية أولا وبالتعليم ثانيا، ونحن نأتي بمن يربي أبناءنا من أكثر أقاليم العالم جهلا.

إن وجود حضانات مجهزة بكوادر وطنية مؤهلة في كل حي أصبح أمرا ملحا جدا، فوجود الطفل في الحضانة مع امرأة سعودية أوعربية تحت رقابة كاملة لوقت محدد، هو الحل الأمثل في هذا الوقت.