الدنيا حظوظ
يذكر الدكتور شكري عياد أن الجامعة المصرية اعتمدت أكثر من عشرين سنة على مقدمة الدكتور طه حسين لكتابه «في الأدب الجاهلي» (1927) دليلا إلى منهج علمي أو شبه علمي في دراسة الأدب، ونُسِيَ كتاب «مقدمة لدراسة بلاغة العرب» لأحمد ضيف، وقد صدر قبل «الأدب الجاهلي» بستة أعوام، مع أنه كان جديرا بالمتابعة، وكان يثير من قضايا المنهج أكثر مما أثارت مقدمة طه حسين!اليوم يعاد اكتشاف أحمد ضيف، وكأن الباحثين ملوا تكرار الحديث عن طه حسين والعقاد والمازني وآخرين، فأجالوا النظر في أحمد ضيف، صاحب «مقدمة لدراسة أدب العرب» و»بلاغة العرب في الأندلس»، فرأوا أن ذلك الناقد ظُلم في عصره وفي العصور التي تلته، ولعلهم فرحوا أن أتاهم ذلك الناقد المظلوم بكلام في نظرية الأدب والنقد يسبق ما توهموه، فجعلوا يبدؤون ويعيدون القول في طبيعة الأدب، وصلته بالبيئة، وما اقتبسه من نظريات راجت في الغرب لبرونتير وسانت بيف وتين
يذكر الدكتور شكري عياد أن الجامعة المصرية اعتمدت أكثر من عشرين سنة على مقدمة الدكتور طه حسين لكتابه «في الأدب الجاهلي» (1927) دليلا إلى منهج علمي أو شبه علمي في دراسة الأدب، ونُسِيَ كتاب «مقدمة لدراسة بلاغة العرب» لأحمد ضيف، وقد صدر قبل «الأدب الجاهلي» بستة أعوام، مع أنه كان جديرا بالمتابعة، وكان يثير من قضايا المنهج أكثر مما أثارت مقدمة طه حسين!اليوم يعاد اكتشاف أحمد ضيف، وكأن الباحثين ملوا تكرار الحديث عن طه حسين والعقاد والمازني وآخرين، فأجالوا النظر في أحمد ضيف، صاحب «مقدمة لدراسة أدب العرب» و»بلاغة العرب في الأندلس»، فرأوا أن ذلك الناقد ظُلم في عصره وفي العصور التي تلته، ولعلهم فرحوا أن أتاهم ذلك الناقد المظلوم بكلام في نظرية الأدب والنقد يسبق ما توهموه، فجعلوا يبدؤون ويعيدون القول في طبيعة الأدب، وصلته بالبيئة، وما اقتبسه من نظريات راجت في الغرب لبرونتير وسانت بيف وتين
الجمعة - 25 سبتمبر 2015
Fri - 25 Sep 2015
يذكر الدكتور شكري عياد أن الجامعة المصرية اعتمدت أكثر من عشرين سنة على مقدمة الدكتور طه حسين لكتابه «في الأدب الجاهلي» (1927) دليلا إلى منهج علمي أو شبه علمي في دراسة الأدب، ونُسِيَ كتاب «مقدمة لدراسة بلاغة العرب» لأحمد ضيف، وقد صدر قبل «الأدب الجاهلي» بستة أعوام، مع أنه كان جديرا بالمتابعة، وكان يثير من قضايا المنهج أكثر مما أثارت مقدمة طه حسين!اليوم يعاد اكتشاف أحمد ضيف، وكأن الباحثين ملوا تكرار الحديث عن طه حسين والعقاد والمازني وآخرين، فأجالوا النظر في أحمد ضيف، صاحب «مقدمة لدراسة أدب العرب» و»بلاغة العرب في الأندلس»، فرأوا أن ذلك الناقد ظُلم في عصره وفي العصور التي تلته، ولعلهم فرحوا أن أتاهم ذلك الناقد المظلوم بكلام في نظرية الأدب والنقد يسبق ما توهموه، فجعلوا يبدؤون ويعيدون القول في طبيعة الأدب، وصلته بالبيئة، وما اقتبسه من نظريات راجت في الغرب لبرونتير وسانت بيف وتين.
والحقّ أن أحمد ضيف سبق نقادا آخرين، وربما كان كتابه أدنى إلى نظرية الأدب من كتاب طه حسين، ولكن أي أثر تركه ذلك الكتاب في جموع الناقدين وآحادهم، وهو إذ يُقرأ من جديد، فإن إحساسا بالذنب وشعورا بالعطف يعتريان من أنفق وقتا طويلا أو قصيرا في دراسته، لكنه، في أغلب الأحوال، اتُّخذ شاهدا ودليلا على «سبق» تاريخي، ولعل دارسا سيقع، في يوم ما، على كلام في النقد يشبه ما قاله، ينتمي إلى عهد أقدم.
ومع ذلك يظل أثر طه حسين أقوى وأبقى، لأنه هو الذي هزَّ ما استقرَّ في أفئدة الدارسين، وجعلهم يعيدون النظر فيما كان لديهم من قبل مسلَّما به.
أما أحمد ضيف، الذي اكتشفه النقد بأخرة، فمحلّ كتابه التاريخ، لمن أراد التفتيش في طوايا ذاكرته، وإن ليم أحد، فاللوم على أبناء عصره، أولئك الذين سكتوا عن ناقد نابه، وأعرضوا عنه، ثم خلف من بعدهم نقاد ودارسون لم يحسوا للناقد ولا كتابه ركزا، وحين اكتشفوا نبوغه، طووا صدورهم على أسف، وأنشؤوا يعبِّرون عن ذلك في فصول دبجوها، تعيد ذلك الناقد المجهول إلى الحياة الأدبية، بعد عقود من النسيان.