وادي الزاهر ملجأ النازحين في الحرب العالمية الثانية
وادي الزاهر أول حي تلقاه بعد أن تفارق وادي الشهداء بمقدار 200م، مما أظهر خلطا بينهما، ومن هذا نفهم أن تسمية الوادي باسم الزاهر ظهرت على التقريب بداية القرن السادس، ولم يكن معروفا قبل ذلك حيث يذكر بفخ ولم يستقل باسمه.
وادي الزاهر أول حي تلقاه بعد أن تفارق وادي الشهداء بمقدار 200م، مما أظهر خلطا بينهما، ومن هذا نفهم أن تسمية الوادي باسم الزاهر ظهرت على التقريب بداية القرن السادس، ولم يكن معروفا قبل ذلك حيث يذكر بفخ ولم يستقل باسمه.
الجمعة - 10 أبريل 2015
Fri - 10 Apr 2015
وادي الزاهر أول حي تلقاه بعد أن تفارق وادي الشهداء بمقدار 200م، مما أظهر خلطا بينهما، ومن هذا نفهم أن تسمية الوادي باسم الزاهر ظهرت على التقريب بداية القرن السادس، ولم يكن معروفا قبل ذلك حيث يذكر بفخ ولم يستقل باسمه. يحده من الشمال وادي الشهداء، ومن الجنوب طريق جدة القديم، والشرق جبل ملقية، ووادي بلدح من الغرب.
يعد ياقوت الحموي أول مؤرخ يذكر تسمية الزاهر، وبهذا تميز عن وادي الشهداء، ولكن أول من أثبت اسمه هو الرحالة ابن جبير، عندما وصف في رحلته إلى مكة هذا الوادي بقوله «وتلقى الزاهر وهو مبتنى على جانبي الطرق، يحتوي على دار وبساتين، والجميع ملك أحد المكيين، وقد أحدث في المكان مطاهر وسقاية للمعتمرين، وعلى جانب الطريق دكان مستطيل تصف عليه كيزان الماء، ومراكن مملوءة للوضوء، وهي القصارى الصغار.
وفي الموضع بئر عذبة يملأ منها المطاهر المذكورة، فيجد المعتمرون فيها مرفقا كبيرا للطهور والوضوء والشرب، فصاحبها على سبيل المعمورة بالأجر والثواب.
وكثير من الناس المتأجرين من يعينه على ما هو بسبيله» وأشار إليه ابن بطوطة بقوله «ومنها الزاهر، وهو على نحو ميلين من مكة على طريق التنعيم، وهو موضع على جانبي الطريق فيه أثر دور وبساتين وأسواق، وعلى جانب الطريق دكان مستطيل تصف عليه كيزان الشرب وأواني الوضوء، يملؤها خديم ذلك الموضع من آبار الزاهر وهي بعيدة القعر جدا، وذي طول يتصل بالزاهر».
واستمر الوادي في العصر العثماني يسقي منابته التاريخية والأثرية، على الرغم من الاضطرابات الأمنية والشجارات الاجتماعية التي كانت عليها الحياة في مكة، نتيجة انهيار الدولة العباسية وعدم ملء الفراغ السياسي في 656هـ.
وبعد القرن الثامن ظل الوادي معروفا بالزاهر وغلب هذا الاسم، وشاع شيوعا واسعا حتى نسي تماما من الذاكرة، وأخذ هذا المسمى الجديد.
ويقول بعض المؤرخين إن الاسم مشتق من «كثرة الأزهار» التي تظهر فترة سقوط الأمطار.
وفي العصر العثماني بنيت به القصور العامرة، واتخذه الناس متنزها سياحيا يوم أن كان بعيدا عن مكة، بل يعد ضاحية من ضواحيها.
من أشهر معالمه التاريخية:
1 آبار الزاهر: كانت منتشرة بشكل واسع تسقى المزارع والمارة، وبقي منها عدد يسير، وكل بئر تعتليها دعائم تشد عليها الحبال لنزح الماء، وتحاط بجدار بارتفاع 1م. وظل أهل البادية يردون عليها حتى بداية السبعينات الهجرية، ثم فقدت أهميتها بظهور آلات الضخ وحولت لسقيا نباتات الزينة من قبل البلدية.
2 قلعة الزاهر: بناها العثمانيون لحماية الحاج بعد دخوله مكة، حيث تعتبر الزاهر يوم ذاك ضاحية وبعيدة عن مركز مكة. تعرضت لحريق بداية السبعينات ثم أزيحت بعد ذلك، ونراها مثبتة ضمن خرائط المصلحة المصرية وتعود لعام 1367هـ.
3 دار الضيافة: وهي بناية تمثل قصرا فارها وواسعا، بني عام 1369هـ ثم تحول اليوم إلى متحف باسم متحف مكة للآثار والتراث.
4 بستان الزاهر: وهو اليوم في موقع مقر تلفزيون مكة، وكانت تجرى به الاستقبالات الحكومية لضيوف الدولة، خاصة في عهد الملك فيصل. كما ظلت تعقد به المؤتمرات الرسمية والخطابية. وأهم مناسبة احتضنتها القاعة في العصر الحديث مؤتمر الأدباء السعوديين عام 1394هـ، ولكنها أزيلت في1427هـ، وحل محلها المبنى الجديد لتلفزيون مكة المشاهد اليوم.
يضم الزاهر عددا من الجهات التعليمية التي تم تأسيسها فيه، أو نقلت من أحياء أخرى إليه، ومنها:
• كلية الشريعة تأسست عام 1369هـ.
• المعهد العلمي السعودي، أقدم المعاهد في المملكة تأسيسا، وانتقل في أواخر سنواته من البلد إلى حي الزاهر في عام 1381هـ، بالمبنى المعروف ببيت الطالب. وفي نفس العام أقفل وحل محله معهد المعلمين الثانوي حتى عام 1385هـ، مديروه الثلاثة هم سعيد الجندول وعبدالملك ملا وعبدالمنعم قاضي، رحمهم الله.
• معهد المعلمين الابتدائي ويعود تاريخه لـ1373هـ، ومن أبرز مديريه الدكتور ناصر الأنصاري.
• معهد إعداد المعلمين، يختلف عن سابقه. ومن أشهر مديريه عبدالحميد خياط وعبدالله بن همام، رحمهما الله.
• معهد النور للمكفوفين.
• المعهد العلمي، وهو منتقل من حي العتيبية.
• المكتبة العام ونادي مكة الأدبي.
أبلغ من وصف وادي الزاهر المؤرخ والأديب شكيب أرسلان في رحلته الشهيرة الارتسامات اللطاف 1348هـ يقول «اسم طابق مسماه: بسيط، أفيح، تلعب فيه الرياح بدون معارض، إلا من بعض آكام على جوانبه تزيده بهجة، وأهاضيب وتلعات.
إذا أقبل الربيع تكللت بالأزهار، فسمي من أجلها الزاهر، هو في إبان القيظ أخف حرارة من البلدة، ولاسيما بعد غروب الشمس، وأنقى هواء وأنشط صقعا، وفيه مياه تجري في قنى تحت الأرض من قديم الدهر، وبقايا قصور لأشراف البلد وسراته، وفيه مقاه على الطريق للسابلين، ومقاه على نجوة من الطريق ينتابها الناس من مكة عند الغروب فيبيتون فيها ويغدون عند الصباح إلى أشغالهم بمكة، ويكون مبيتهم على مقاعد مستطيلة في الخلاء.
فلا يضع أحدهم رأسه على مخدته إلا ثقلت أجفانه من لطف الهواء فينام إلى الفجر».
وإبان الحرب العالمية الثانية وتحديدا في عام 1362هـ، شهد هذا الوادي نزوحا شديدا من قبل القبائل الشمالية بسبب ظروف الحرب، وحصلت مجاعة شديدة نتيجة هذا التوافد غير المنظم، وحلت هذه المشكلة باستحداث المخبز الخيري بالجموم، مما خفف الضغط عن هذا الوادي.
وأول مخطط سكني نظامي تم تصميمه بمكة اتخذ بالزاهر، وذلك في 1367هـ ، ويعد نموذجا فريدا في التصميم الصحيح للتخطيط.
ولقد سال هذا الوادي في السنوات الأخيرة سيولا كبيرة، أحدثت بعض الأضرار في الممتلكات، ولكنها ذكرت الناس بهذا الوادي وما يتمتع به من قيمة جغرافية، تأبى السيول إلا أن تثبتها في أذهان الناس.