فشل الرأي الآخر في العاصفة
عرض الكاتب المخضرم فهمي هويدي رأيه في مقالين حول العملية العسكرية، وبدا متحاملا في توجيه الصورة للوضع اليمني على طريقته، وليست الإشكالية هي في أن يكون له أو لغيره رأي مختلف، لأن الرأي الآخر عندما يكون معقولا فإنه يستفاد منه، وإنما استعمال الأدوات التبريرية الفاشلة نفسها من خلال مقولات عربية ابتذلت زمنا طويلا، واستعملتها أنظمة وحكومات فاشلة. يبدو واضحا أن العملية العسكرية صدمت قناعات وهمية متعالية لديه في رؤية دولنا، فعندما ذكر أمن الشرق الأوسط واستقراره فهو يرى أنهما «مرهونان بالتوافق بين ثلاث دول إقليمية كبرى تمثل أكبر ثقل سكاني في المنطقة، وهذه الدول هي مصر وتركيا وإيران. وفى أي نظر استراتيجي سليم، فإن الجسور بين هذه الدول الثلاث ينبغي أن تظل مفتوحة وقوية قدر الإمكان» لم يذكر هويدي السعودية هنا، وكأن عدد السكان لديه هو المعيار الوحيد لحجم التأثير والقوة في المنطقة، وبمثل هذا المعيار الوحيد تصبح الهند أقوى تأثيرا من كثير من الدول الغربية أو أمريكا!
عرض الكاتب المخضرم فهمي هويدي رأيه في مقالين حول العملية العسكرية، وبدا متحاملا في توجيه الصورة للوضع اليمني على طريقته، وليست الإشكالية هي في أن يكون له أو لغيره رأي مختلف، لأن الرأي الآخر عندما يكون معقولا فإنه يستفاد منه، وإنما استعمال الأدوات التبريرية الفاشلة نفسها من خلال مقولات عربية ابتذلت زمنا طويلا، واستعملتها أنظمة وحكومات فاشلة. يبدو واضحا أن العملية العسكرية صدمت قناعات وهمية متعالية لديه في رؤية دولنا، فعندما ذكر أمن الشرق الأوسط واستقراره فهو يرى أنهما «مرهونان بالتوافق بين ثلاث دول إقليمية كبرى تمثل أكبر ثقل سكاني في المنطقة، وهذه الدول هي مصر وتركيا وإيران. وفى أي نظر استراتيجي سليم، فإن الجسور بين هذه الدول الثلاث ينبغي أن تظل مفتوحة وقوية قدر الإمكان» لم يذكر هويدي السعودية هنا، وكأن عدد السكان لديه هو المعيار الوحيد لحجم التأثير والقوة في المنطقة، وبمثل هذا المعيار الوحيد تصبح الهند أقوى تأثيرا من كثير من الدول الغربية أو أمريكا!
السبت - 04 أبريل 2015
Sat - 04 Apr 2015
عرض الكاتب المخضرم فهمي هويدي رأيه في مقالين حول العملية العسكرية، وبدا متحاملا في توجيه الصورة للوضع اليمني على طريقته، وليست الإشكالية هي في أن يكون له أو لغيره رأي مختلف، لأن الرأي الآخر عندما يكون معقولا فإنه يستفاد منه، وإنما استعمال الأدوات التبريرية الفاشلة نفسها من خلال مقولات عربية ابتذلت زمنا طويلا، واستعملتها أنظمة وحكومات فاشلة. يبدو واضحا أن العملية العسكرية صدمت قناعات وهمية متعالية لديه في رؤية دولنا، فعندما ذكر أمن الشرق الأوسط واستقراره فهو يرى أنهما «مرهونان بالتوافق بين ثلاث دول إقليمية كبرى تمثل أكبر ثقل سكاني في المنطقة، وهذه الدول هي مصر وتركيا وإيران. وفى أي نظر استراتيجي سليم، فإن الجسور بين هذه الدول الثلاث ينبغي أن تظل مفتوحة وقوية قدر الإمكان» لم يذكر هويدي السعودية هنا، وكأن عدد السكان لديه هو المعيار الوحيد لحجم التأثير والقوة في المنطقة، وبمثل هذا المعيار الوحيد تصبح الهند أقوى تأثيرا من كثير من الدول الغربية أو أمريكا!
استعمل القضية الفلسطينية في غير مكانها لإقحامها في حدث آخر بعيد عنها جغرافيا «إن العدو الاستراتيجي الأول للأمة العربية والتهديد الحقيقي لأمنها له مصدر واحد هو إسرائيل ومن يوالونها. وما دون ذلك يظل خلافات لا عداوات» ويشعرك هذا النوع من الخطاب الاستغبائي المكرر، أنهم بهذا المنطق سيؤثرون في رؤية الحدث على حقيقته، وكأنه قبل ساعات من توجيه الضربة لميليشيا الحوثيين.. كانت القضية الفلسطينية على وشك التحرر، وأن إسرائيل مطوقة بجيوش من دول الطوق، بمساعدة إيران لتحرير القدس، فجاءت هذه العملية فأفسدت تحرير القدس.
ويشاركه في ذلك أيضا كاتب مخضرم آخر هو طلال سلمان حيث يتساءل في آخر سطر من مقالته 1 أبريل 2015 «ترى، هل على خريطة الطيارين الذين يقصفون حيثما شاؤوا أية إشارة إلى فلسطين؟!» وفي مقال 30 /3 في جريدة السفير يكتب «لا يهم التنبيه إلى أن الحرب السعودية الجديدة قد طمست قضية فلسطين وأسقطت مخاطر الاحتلال الإسرائيلي على الأمن القومي العربي ..» ثم يقدم شهادة تزكية وثناء للحوثيين بأنهم «قدموا أنفسهم منذ زمن كطرف سياسي له مشروعه وبرنامجه الوطني الذي لا شبهة فيه للطائفية أو العنصرية أو التسامي» يشاركهم الرؤية والارتباك عبدالباري عطوان في الفضائيات.. لكن برؤية تهديدية يخوف فيها من إيران.
عدم وجود أمريكا في الحدث كقائدة، وشعور هؤلاء أنه قرار سعودي خليجي.. أربك اللغة التحليلية عند البعض، فلم يصدقوا أنه يمكن أن تكون عندنا روح المبادرة والحسم، وكيف أصبح الرأي العام العربي.. بأكثريته مؤيدا وشاعرا بخطر النوايا الإيرانية.
من أقوى المظاهر التي تلمسها في قرار عاصفة الحزم هو اتجاه الرأي العام الذي بدأ متوافقا بصورة نادرة عند مختلف الفئات والتيارات لتفهم هذه المعالجة العسكرية وضرورتها لحماية دولة شقيقة من الانهيار عبر توغل إيراني قوي منذ سقوط صنعاء، وحماية أمن منطقتنا. هذا التوافق بالموقف المبدئي ليس بالضرورة أن يكون هناك تطابق في وصف المشهد الكلي، وأهداف هذا النوع من المعالجة، ورؤية تطوراتها، لهذا تظهر درجات من الوصف والتحليل لدى البعض أكثر عمقا وشعورا بالمسؤولية من البعض الآخر، وكان حضور الشعور الوطني العام على مختلف المستويات من أقوى مظاهر الحدث، بعيدا عن الكاميرا والتصاريح الرسمية.
وبالرغم من أن عاصفة الحزم تبدو واضحة أسبابها وأهدافها الواقعية، كمبادرة لإنقاذ الدولة اليمنية من الانزلاق في الفوضى بعد الفشل لعدة أشهر وسنوات من التوصل إلى تسويات واقعية من مختلف القوى، إلا أن البعض أخذ يتحدث بحماسة زائدة، ويضع أهدافا وتصورات لا علاقة لها بالحدث وفاقدة للنضج السياسي، فبعض الشخصيات الدينية تقدم كلاما يعزز المشاعر الطائفية في اتجاهات لا تخدم الحدث نفسه ولا مستقبل منطقتنا.. بقدر ما يخدم الرؤية الإيرانية التي تغذي حضورها بمثل هذه النوع من الخطابات.
جاء رأي بعض الشخصيات المعارضة السعودية في الخارج صادما للكثيرين، ليس في كونه مختلفا أو معترضا على أي شيء، وإنما نوعية الخطاب والتحليلات التي قدمت، واللغة المتوترة بدون رؤية سياسية وطنية أو قومية أو إسلامية أو حتى منفعية .. حيث كانت الآراء لعدة أيام تعبر عن حالة نفسية غريبة.. في فقدان الاتزان بالموقف، وعدم القدرة على صناعة رأي آخر محترم.