من تجارب الدول
دعونا ننشر خارطة العالم ونلتمس مكان عالمنا العربي والإسلامي على هذه الخريطة في جميع القارات، وننظر إلى مواقع دول العالم كله، ثم ننظر أين توجد الدول التي تسمي نفسها عربية وإسلامية، سنجدها في قارتين هما آسيا وأفريقيا ثم دعونا ننظر إلى شركاء العالم الإسلامي في هاتين القارتين وجيرانهم، سنجد أن في هاتين القارتين
دعونا ننشر خارطة العالم ونلتمس مكان عالمنا العربي والإسلامي على هذه الخريطة في جميع القارات، وننظر إلى مواقع دول العالم كله، ثم ننظر أين توجد الدول التي تسمي نفسها عربية وإسلامية، سنجدها في قارتين هما آسيا وأفريقيا ثم دعونا ننظر إلى شركاء العالم الإسلامي في هاتين القارتين وجيرانهم، سنجد أن في هاتين القارتين
الثلاثاء - 24 مارس 2015
Tue - 24 Mar 2015
دعونا ننشر خارطة العالم ونلتمس مكان عالمنا العربي والإسلامي على هذه الخريطة في جميع القارات، وننظر إلى مواقع دول العالم كله، ثم ننظر أين توجد الدول التي تسمي نفسها عربية وإسلامية، سنجدها في قارتين هما آسيا وأفريقيا ثم دعونا ننظر إلى شركاء العالم الإسلامي في هاتين القارتين وجيرانهم، سنجد أن في هاتين القارتين دولا كثيرة غير إسلامية وغير عربية تجاور دولا إسلامية وعربية، ثم دعونا ننظر إلى أوضاع الدول العربية والإسلامية وإلى أوضاع الدول غير العربية وغير الإسلامية في هذه القارات، لننظر كيف كان حال الدول وكيف صار الاختلاف ولماذا؟ دعونا نأخذ القارة الهندية التي قسمت إلى دولتين إسلامية وغير إسلامية قبل ما يزيد على ستين سنة، نجد أن الدولتين تشابهت فيهما كل الظروف المناخية والسكانية والعرقية والتاريخية، ثم دعونا نلقي لمحة سريعة ونقارن الهند الدولة غير المسلمة بباكستان الدولة المسلمة من عدة وجوه، سنجد عند المقارنة الفارق كبيرا من كل الجهات، سنجد النمو الصناعي في الهند والنمو الاقتصادي واحترام حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والمساواة بين المواطنين ونظام الحكم المستنير والديمقراطية، وأهم من كل ذلك سنجد الأمن والاستقرار حيث يعيش الناس، لا يخافون شيئا ينغص حياتهم ولا يصبحون ويمسون على وجل وقلق وخوف لا يعرفون مصدره، سنجد أن الشباب الهنود أصبحوا يشاركون العالم الأول وبكل اقتدار حصة كبيرة فيما أصبح يسمى الاقتصاد المعرفي، ولا سيما في حذقهم السريع وإتقانهم المتميز للتقنية الحديثة وتميزهم في هذه الصناعة واعتماد الدول المتقدمة على الكفاءات الهندية المتميزة، أما في جارتها باكستان فسنجد النقيض تماما سنجد الفقر والحرب والجوع والمرض وسنجد القتل على الهوية في طول البلاد وعرضها، وسنجد البطالة وسنجد الفساد الذي يضرب أطنابه في كل مرافق الحياة وسنجد الحروب الطائفية والفوضى في كل شيء، سنجد جزءا منها تحكمه القبائل، ومدنا يحكمها العسكر وريفا يحكمه الفقر والفوضى مع علمنا أن المناخ واحد والجنس البشري واحد وكل الظروف التي مر بها البلدان منذ استقلالهما حتى اليوم متشابهة تمام التشابه، فلماذا كان هذا الفرق بينهما دعونا نفكر ونتأمل الأسباب التي جعلت بلدا واحدا انقسم أهله إلى نظامين سياسيين في وقت واحد فسعد الناس بأحدهما ونالوا حظا من التقدم والتطور الممكن، بينما سكان الطرف الآخر قد اشتد شقاؤهم واشتدت حاجتهم للأمن والنمو والاستقرار، لا بد أن يكون هذا الاختلاف موضع رؤية وتساؤل، وموضع دراسات تكشف بعض الأسباب وتظهر بعض النتائج لكي يستفاد من تجربة النجاح وتعالج تجربة الفشل حين نفكر في عوامل النجاح وأسباب الفشل.
دعونا نختار بلدين آخرين بينهما تشابه مثلما بين الهند وباكستان، سنختار ماليزيا وسنغافورة وهما بلد واحد استقل من الاستعمار البريطاني، كما استقلت القارة الهندية بجزئيها المسلم وغير المسلم، وسنجري المقارنة أيضا لنرى كيف أن مدينة واحدة من هذا البلد قد انفصلت عن أمها ماليزيا كما انفصلت الباكستان عن أختها الهند، ورغم أن الفارق بين ماليزيا وسنغافورة لن يكون كبيرا مثل الفارق بين الهند وباكستان إلا أن هناك وجوها للمقارنة بينهما كبيرة، وتستحق الكثير من التأمل والبحث عن أسباب الفوارق بينهما وتباين الحالات والاختلاف في النتائج.
سنغافورة وجارتها ماليزيا حدث بينهما الفارق الذي حدث بين الهند والباكستان، انفصلت سنغافورة عن ماليزيا وأخذ كل من البلدين طريقا غير الطريق الذي أخذه جاره، فصار بينهما تفاوت كبير جدا في الصناعة وفي الاقتصاد وفي النمو وفي كل مجالات الحياة وطرقها، ولا وجه للمقارنة بينهما رغم روابط الجغرافيا والتاريخ القديم والتشابه في كل شيء إلا النظام السياسي، الذي قام في كل منهما وميز سنغافورة على ماليزيا. نمت سنغافورة نموا مذهلا في كل أسباب الحياة وطرق العيش والنظافة وأصبحت من أغنى الدول على وجه الكرة الأرضية، ولحقت بالعالم الأول بخطوات سريعة وثابتة تميزت بالاستقرار والتطور المدروس الواعي للمستقبل والتخطيط المحكم، وما زال بينها وبين جارتها الكبرى ماليزيا مسافة بعيدة رغم النمو النسبي الذي حصل في ماليزيا مقارنة بالدول الأخرى المجاورة لها. كانت سنغافورة مدينة وليست دولة ومن يقرأ في جغرافيتها يجد أنها محدودة الموارد ضيقة المساحة يحيط بها البحر من كل الجهات إلا ممر ضيق يربطها بأمها الأولى ماليزيا، ولكن ضيق المساحة والكثافة السكانية الكبيرة ومحدودية الموارد حولتها الحاجة إلى ميزة لها، فاستغلت كل طاقاتها وإمكاناتها لتجد مخرجا مما أحاط بها حين شعر المسؤولون فيها إلى خطورة وضعهم إن لم يجدوا وسيلة تنقذ مستقبلهم ومستقبل مدينتهم الصغيرة، ولم تكن كل هذه الظروف الصعبة عائقا كما هو المتوقع لتقدمها وتغلبها على الطبيعة القاسية، وعدم استسلامها لوضعها الجغرافي ووضعها السياسي، الذي وجدت نفسها فيه وجها لوجه، ويصدق عليها المثل الحاجة أم الاختراع، فاخترعت وأبدعت وتجاوزت العقبات وقدمت نموذجا يقتدى به لدول أغنى منها موارد وأوسع منها مساحة. هذان مثالان خطرا على بالي فحاولت قراءتهما لعلنا نهتدي لأسباب النجاح عند غيرنا، وعوامل التعثر الذي تعانيه بلادنا العربية والإسلامية.