نجاح المبتعث بين الإنجاز وتضليل الرأي العام

خلال السنوات الثلاث الماضية بدأت في استحداث مسار جديد في عالمي الكتابي، وهو محاولة التخصص في تقديم المقال الصحفي العلمي للجمهور، والحقيقة أن هذا النوع من التخصص في الكتابة لا يعتمد على الهواية أو البلاغة وإنما لا يتم تقديم كاتبه في الصحافة العلمية الغربية إلا بعد أن يتم إعداده وتأهيله مهنيا، وفي السنوات الأخيره أولت أرقى الجامعات العالمية مثل هارفارد وإمبريال كوليج وغيرهما من الجامعات “البريستيج” للمجال الصحفي العلمي حيزا في موادها التعليمية أو التدريبية.

خلال السنوات الثلاث الماضية بدأت في استحداث مسار جديد في عالمي الكتابي، وهو محاولة التخصص في تقديم المقال الصحفي العلمي للجمهور، والحقيقة أن هذا النوع من التخصص في الكتابة لا يعتمد على الهواية أو البلاغة وإنما لا يتم تقديم كاتبه في الصحافة العلمية الغربية إلا بعد أن يتم إعداده وتأهيله مهنيا، وفي السنوات الأخيره أولت أرقى الجامعات العالمية مثل هارفارد وإمبريال كوليج وغيرهما من الجامعات “البريستيج” للمجال الصحفي العلمي حيزا في موادها التعليمية أو التدريبية.

الأحد - 30 نوفمبر 2014

Sun - 30 Nov 2014



 



 



خلال السنوات الثلاث الماضية بدأت في استحداث مسار جديد في عالمي الكتابي، وهو محاولة التخصص في تقديم المقال الصحفي العلمي للجمهور، والحقيقة أن هذا النوع من التخصص في الكتابة لا يعتمد على الهواية أو البلاغة وإنما لا يتم تقديم كاتبه في الصحافة العلمية الغربية إلا بعد أن يتم إعداده وتأهيله مهنيا، وفي السنوات الأخيره أولت أرقى الجامعات العالمية مثل هارفارد وإمبريال كوليج وغيرهما من الجامعات “البريستيج” للمجال الصحفي العلمي حيزا في موادها التعليمية أو التدريبية. وقد أعدت بعض الجامعات برامج للتخصص في مجال الدراسات العليا للتأهل بماجستير أو دكتوراه في الإعلام والصحافة العلمية.

حينما نتصفح صحفا مثل التايمز أو الواشنطن بوست وغيرهما من الصحف المرموقة ونقرأ خبرا صحفيا عن فتح علمي جديد، فإننا نولي هذا الخبر ثقة كبيره لأن خلفه محررا ذا خلفية علمية وخبرة كافية في مجال الكتابة العلمية تمكنه من التحري والتمحيص بدقة قبل نشر الخبر العلمي والتأكد من مصادره الأصلية ومن ثم تقديمه بلغة سهلة بعيدا عن المبالغات والتضخيم احتراما للقيمة العلمية الموضوعية للمنشورة واحتراما لثقافة القارئ العام ولتفكير القارئ المتخصص علميا، كما أن دول العالم الأول تتميز عنا في تقدمها العلمي البحثي ما يجعل نشر الأخبار العلمية الكشفية الجديدة أحد البديهيات في تلك الصحف.

في الآونة الأخيرة، في المقابل، أظهرت مواقع التواصل الاجتماعي بين السعوديين جدالات ومناقشات ومكاشفات مهمة حول ما ينشر في الإعلام والصحافة المحلية حول حقائق الإنجازات العلمية الوطنية. خلال مراحل كتابتي للمقالة العلمية وجدت العديد من الحقائق الموضوعية العلمية التي تقصيت عنها وتلمست تشوهها في الصحافة وفي المنابر الإعلامية المحلية من خلال تضخيمها حتى أصبحت مخجلة إلى درجة احمرار الوجه أحيانا. صناعة الإثارة حول الخبر العلمي بمحاولة تضخيمه وإنزاله في غير مكانته الموضوعية تفقده قيمته الأدبية ومصداقيته، لأن المجال العلمي لا يقبل أن يبقى الخبر عنه كالمعلقة الجاهلية نصا مذهبا على مر السنين. المصيبة التي خضت غمارها أني وجدت من خلال تحليل بعض الأخبار العلمية المنشورة عبر صحفنا المحلية خلال السنوات الثلاث الأخيرة مضللة في غالبها. في سياق الخبر العلمي المنشور يتم تفخيم الذات للباحث العلمي في علاقة عكسية مع موضوعية المنشور البحثي (وجدت أن 90% مما يتم نشره علميا لا يعتبر بمثابة اختراع أو اكتشاف يسجل بمثابة سبق دولي يؤهله للتنافس العالمي أكثر من كون الباحث توصل لنتيجة جديدة تضيف لما سبق من أبحاث في ذات المجال وتؤهل لإجراء مزيد من الدراسات في الصورة البحثية المتعارف عليها في العالم العلمي). اعتقدت في البداية أن من يمارس هذا التفخيم هو المحرر لأن جميع من يعمل على نقل التقارير العلمية واللقاءات العلمية من المحررين في صحفنا غير مؤهلين علميا مهنيا وغير ملمين غالبا بالمعنى الدقيق لماهية التحرير العلمي والبحث في محركات البحث العلمية والمجلات العلمية، الهم الأساسي للمحرر أن يضيف هالة ضوئية يصبغ بها حصيلته الخبرية دون أدنى اهتمام بتأثير هذا الخبر وإن كان وقعه على المجتمع هو سحب الثقة عن مجالنا العلمي ونشر الإحباط لدى القارئ الضليع علميا بسبب عدم تقديم الباحث في الخبر بصورة موضوعية. لكنني وجدت أيضا في تعاملي مع بعض المبتعثين حينما دأبت على الكتابة عن نجاحاتهم البحثية في مجال الدكتوراه رغبة مبطنة في حب الظهور المتضخم. حينما يكتب الكاتب عن ما يسمى في اللغة العامة “إنجاز مبتعث” فهو غالبا يود أن يعكس للمجتمع العام رأيا حسنا عما يحققه أبناء الوطن في الخارج وإلا فإننا يقينا ندرك أن نجاح المبتعث لا يرتكز على شخصه كأساس في العملية البحثية فهو طالب بين مجموعة من الخبراء والعلماء وما يحققه من نجاح يتم تقديمه للرأي العام المحلي كإنجاز، إنما هو بمثابة احتفالية بنجاح هذا المبتعث مع تلك المجموعة العلمية البحثية في الخارج والتي رسمت للطالب خطوطا أولية عليه أن يلتزم بها حتى يحقق النجاح.

التضليل العلمي، سواء بتضخيم النتائج المنشورة بحثيا أو ما يتم نشره الآن بـ”أول سعودي/ سعودية يحقق يتخصص يتخرج...إلخ” ليست سوى معلومات وبائية فكرية تسعى إلى عزلنا عن حقيقة واقعنا البحثي واهتماماتنا العلمية، كما أنه لا يجدر التغافل عن وجود جيل متعلم بنسب مرتفعة ووجود جيل من الرواد أكبر منا سنا وخبرة وعلما علينا أن نحترم عقولهم وعقول من نريد أن نقدم أنفسنا إليهم.