مصادر التلوث الضوضائي تتزايد ومعدلاته تصل لمراحل الخطر

هناك تهاون في كبح جماح التلوث الضوضائي في المناطق الصناعية وحتى المدن كثيفة السكان في السعودية، على الرغم من إثبات دراسات عديدة تسبب هذا النوع من التلوث في أمراض مختلفة للإنسان تتضمن ارتفاع ضغط الدم والأزمات القلبية وفقدان السمع والتوتر وقلة التركيز، وسط تأكيدات بارتفاع معدلاته في السعودية عموما وجدة على وجه الخصوص

هناك تهاون في كبح جماح التلوث الضوضائي في المناطق الصناعية وحتى المدن كثيفة السكان في السعودية، على الرغم من إثبات دراسات عديدة تسبب هذا النوع من التلوث في أمراض مختلفة للإنسان تتضمن ارتفاع ضغط الدم والأزمات القلبية وفقدان السمع والتوتر وقلة التركيز، وسط تأكيدات بارتفاع معدلاته في السعودية عموما وجدة على وجه الخصوص

الثلاثاء - 18 نوفمبر 2014

Tue - 18 Nov 2014



هناك تهاون في كبح جماح التلوث الضوضائي في المناطق الصناعية وحتى المدن كثيفة السكان في السعودية، على الرغم من إثبات دراسات عديدة تسبب هذا النوع من التلوث في أمراض مختلفة للإنسان تتضمن ارتفاع ضغط الدم والأزمات القلبية وفقدان السمع والتوتر وقلة التركيز، وسط تأكيدات بارتفاع معدلاته في السعودية عموما وجدة على وجه الخصوص.



الضوضاء وراء تراجع معدلات عمر الإنسان



من جهته ذكر استشاري مخ وأعصاب في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني بجدة - فضّل عدم ذكر اسمه - أن معدلات عمر الإنسان في المدن الكبيرة تنقص من 8 إلى 10 أعوام مقارنة بالقاطنين في الأرياف والقرى نتيجة التلوث الضوضائي.

وقال لـ “مكة”: “أثبتت الدراسات ارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال الذين يدرسون في مدارس قريبة من المطارات، إضافة إلى بطء مستوى الفهم لديهم مقارنة بأقرانهم البعيدين عن مناطق الضجيج”.

وأشار إلى أن 25% من الرجال العاملين في محيط المناطق الصناعية يعانون من الأمراض العصبية، في حين تبلغ نسبة إصابة النساء ممن يسكنّ في مناطق قريبة من الضوضاء 33%، غير أن الرجال أكثر عرضة لأمراض القلب نتيجة التلوث الضوضائي.

وأكد وجود زيادة في نسبة الإصابة بأمراض القلب والجهاز الهضمي والتوتر العصبي بسبب تداخل مجموعة من الأصوات العالية الحادة وغير المرغوبة، وتابع: “أكثر الفئات العمرية عرضة للآثار السلبية الناجمة عن التلوث الضوضائي هم الأطفال حتى خلال فترة الحمل بهم”.

وأضاف: “هذا النوع من التلوث أحد أهم أسباب الإصابة بالإفراز الزائد لبعض الغدد، ما يسبب ارتفاعا في نسبة السكر بالدم وقرحة المعدة، فضلا عن احتمالية حدوث أورام حميدة في العصب الرابط بين الأذن والمخ والمرتبط بفقدان السمع وطنين الأذن والدوار”.



تعدد المصادر وتعدد الأمراض



وأبدى مدير عام التوعية والإعلام التنموي في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة الدكتور نايف الشلهوب، مخاوفه من وصول النطاق السكاني إلى المطارات، مبينا أن الأضرار المترتبة على التلوث الضوضائي الصادر عن الطائرات كبيرة جدا.

وقال لـ “مكة”: “بدأت معدلات التلوث الضوضائي في السعودية بالارتفاع دون وجود إحصاءات دقيقة بهذا الشأن، خاصة بالنسبة للمدن الحضرية ومناطق الصناعات والورش”، موضحا أن الناس يتهافتون للسكن في الأحياء القريبة من المطارات رغم خطورتها.

ولفت إلى وجود دراسة حديثة محلية أثبتت أن الساكنين بالقرب من الطرق السريعة الأكثر تضررا، رغم أنهم لا يشعرون بهذا الضرر نتيجة تعودهم على الضجيج، وزاد: “لوحظ أنهم يعانون من ارتفاع في ضغط الدم وصداع مستمر، فضلا عن التوتر والعصبية”.



مخاطر ضجيج الطائرات واقتراب العمران من المطارات



أمام ذلك، يؤكد مصدر مسؤول في الهيئة العامة للطيران المدني - فضّل عدم ذكر اسمه - وجود إجراءات تتبعها الطائرات للتخفيف من حدة الضوضاء والمساهمة في الحفاظ على البيئة من التلوث الضوضائي.

ويقول لـ “مكة”: “تعمل الطائرات على تقليل سرعاتها عند الإقلاع بحيث لا تزيد عن 230 عقدة، في حين لا تتجاوز سرعتها عند الهبوط 350 عقدة، وذلك إذا كان ارتفاعها أقل من 10 آلاف قدم إلى أن ترتفع عن هذا الحد فتبدأ في زيادة سرعاتها”.

ويشير إلى أن تلك الإجراءات متعلقة بمطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة بشكل أكبر كونه المطار الوحيد تقريبا على مستوى السعودية الذي وصل إليه النطاق العمراني فأصبح موقعه داخل حدود المباني السكنية.

ولكنه استدرك بالقول: “تحتاج هذه الإجراءات إلى التحديث في ظل تسارع تمدد النطاق العمراني بجدة، لا سيما وأن حدود السرعة تم وضعها منذ سنوات قبل إحاطة المباني بالمطار”، مقترحا إمكانية تطبيق إيقاف الرحلات في الليل على غرار ما هو معمول به في عدة مطارات عالمية بهدف الحد من التلوث الضوضائي.

وقدّر حجم الرحلات الجوية التي يشهدها مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة بقرابة 1000 رحلة ما بين مغادرة وقادمة خلال موسمي الحج والعمرة، بينما تبلغ في الأيام العادية 800 رحلة يوميا.

وأضاف: “حتى الرحلات العابرة من سماء مدن السعودية طائراتها مقيدة بارتفاعات معينة لتفادي تسببها في حدوث ضجيج للسكان، حيث لا يقل ارتفاعها عن 5 آلاف قدم، وإن لم تلتزم بذلك يتم رفع تقارير لتطبيق العقوبات عليها بحسب النظام الدولي للطيران المدني”.

وفي هذا الشأن، أوضح مدير فرع الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة بمنطقة مكة المكرمة الدكتور عبدالله الجازع، أن هناك تنسيقا بين الرئاسة والطيران المدني للتخفيف من ضجيج الطائرات.

وقال لـ”مكة”: “هناك مسؤولية تقع أيضا على الساكنين في الأحياء القريبة من المطارات، إذ ينبغي لهم استخدام عازلات الصوت في بناء منازلهم تفاديا للتعرض إلى مسببات التلوث الضوضائي”.



المصانع تفتقر لإجراءات الوقايةللحد من ضجيجها



ووفقا لدراسة صادرة من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن - حصلت “مكة” على نسخة منها - فإن اتخاذ الإجراءات الوقائية مهم جدا خاصة لدى العاملين في المصانع أو القريبين من مناطق الأعمال الصناعية.

وشددت الدراسة على ضرورة الإصلاح المستمر للمكائن الموجودة بالمصانع للتقليل من الضوضاء، والمراقبة الصارمة على الصناعات وتعديل العمليات للسيطرة على الضجيج أثناء إصدار وتجديد رخص المنشآت الصناعية.

وطالبت الدراسة بإصدار التشريعات اللازمة وتطبيقها بحزم لمنع استعمال منبهات السيارات ومراقبة محركاتها وإيقاف ذات الأصوات العالية، إلى جانب زيادة زراعة المسطحات الخضراء على طول الطرق في ظل قدرة النباتات على امتصاص الضوضاء خصوصا النبضية منها.

وأوصت الدراسة بمنع استعمال مكبرات الصوت وأجهزة التسجيل في شوارع المدينة والمقاهي والأماكن العامة، وإبعاد المدارس والمستشفيات عن مصادر الضجيج، فضلا عن ألا تقل المسافة بين المطارات والمناطق المأهولة بالسكان عن 30 كلم.



نوعان من الأصوات قابلة للكشف



يرتبط التلوث الضوضائي بالموجات الصوتية التي لا تتحملها أذن الإنسان، وبالتالي غير المرغوب بها، أذن الإنسان حساسة جدا ومن الممكن أن تحتمل أمواجا صوتية يتراوح ترددها بين 20 درجة هيرتز إلى 2000 درجة هيرتز، حيث يعبر الهيرتز عن التردد أو عدد الاهتزازات في الثانية.

وليست كل الأصوات قابلة للكشف من قبل أذن الإنسان، حيث إن هناك نوعين من الصوت:




  • 1- الصوت الذي يتجاوز فيه مدى التردد 15 هيرتز تقريبا أي ما بعد الحد الأعلى للجلسة أو الاجتماع الطبيعي الذي له تردد عال جدا لإثارة إحساس الجلسة أو الاجتماع.


  • 2- الصوت الذي يصدر ترددا تحت 16 درجة هيرتز أي تحت المعدل الأدنى للجلسة أو الاجتماع الطبيعي والذي يعرف عموما باسم الاهتزاز.



مصادر التلوث الضوضائي




  • 1- وسائل النقل المختلفة كالسيارات والباصات وغيرها من وسائل النقل التي تملأ الشوارع ولا سيما الطائرات بأنواعها المختلفة، وهذا المصدر يعد صاحب النسبة الأكبر.


  • 2- عمليات البناء والإنشاءات والخدمات العامة.


  • 3- الأجهزة المنزلية المختلفة من راديو وتلفزيون ومسجلات وغيرها من الأجهزة المختلفة، وهذا المصدر تكمن خطورته في أنه قريب منا ومعنا في حياتنا اليومية تقريبا.


  • 4- الضوضاء الناتجة عن صناعات مختلفة.



وحدة قياس شدة الصوت



يستخدم مصطلح “ديسيبل” كوحدة لقياس شدة الصوت، على سبيل المثال 0 ديسيبل هي عتبة الصوت المسموع، 10 ديسيبل تمثل شدة حفيف أوراق الأشجار الهادئ، 90-100 ديسيبل تمثل شدة صوت الرعد، 130 ديسيبل تمثل عتبة الألم عند الإنسان، 140 ديسيبل تمثل شدة صوت إطلاق صاروخ إلى الفضاء.



معدل الضوضاء المقرر عالميا



وضع معدل عالمي لمدى قبول درجة الصوت قياسا بالديسبيل، وهي:




  1. من 25 – 40 هيرتز مقبول في المناطق السكنية


  2. من 30 – 60 هيرتز مقبول في المناطق التجارية


  3. من 40 – 60 هيرتز مقبول في المناطق الصناعية


  4. من 30 – 40 هيرتز مقبول في المناطق التعليمية


  5. من 20 – 35 هيرتز مقبول في المستشفيات



أنواع التلوث الضوضائي



تنقسم أنواع التلوث الضوضائي حسب مصدرها وقوة تأثيرها إلى ثلاثة أنواع:




  • 1- تلوث مزمن:هو تعرض دائم ومستمر لمصدر الضوضاء، وقد يُحدث ضعفا مستديما في السمع.


  • 2- تلوث موقت ذو أضرار فسيولوجية:تعرض لفترات محدودة لمصدر أو مصادر الضوضاء، ومثال ذلك التعرض للمفرقعات ويؤدي إلى إصابة الأذن الوسطى وقد يُحدث تلفا داخليا.


  • 3- تلوث موقت دون ضرر:تعرض لفترة محدودة لمصدر ضوضاء، مثال ذلك ضجيج الشارع والأماكن المزدحمة أو الورش، ويؤدي إلى ضعف موقت في السمع، ثم يعود لحالته الطبيعية بعد فترة بسيطة.



تأثيرات التلوث الضوضائي



حيث تقاس شدة الصوت بوحدة ديسيبل، وكل الأصوات التي نسمعها يوميا تندرج تحت مستويات رئيسة مقاسة بالديسيبل، وهذه المستويات هي:




  • 1- المستوى 40-50 ديسيبل ويؤدي إلى تأثيرات وردود فعل عكسية تتمثل بالقلق والتوتر فهي تؤثر في قشرة المخ مما يؤدي إلى عدم ارتياح نفسي واضطراب وعدم انسجام صحي.


  • 2- المستوى 60-80 ديسيبل له تأثيرات سيئة على الجهاز العصبي ويؤدي إلى الإصابة بآلام شديدة في الرأس ونقص القدرة على العمل ورؤية أحلام مزعجة (كوابيس).


  • 3- المستوى 90-110 ديسيبل يؤدي إلى انخفاض شدة السمع ويحدث اضطرابات في الجهاز العصبي والجهاز القلبي.


  • 4- المستوى أعلى من 120 ديسيبل يسبب ألما للجهاز السمعي وانعكاسات خطيرة على الجهاز القلبي الوعائي كما يؤدي إلى عدم القدرة على تمييز الأصوات واتجاهها.



الحماية وكيفية السيطرة



يتزايد الاهتمام بالتلوث الضوضائي، حيث تعددت مصادره وازدادت أخطاره خصوصا على الإنسان، حيث يعمل على خلل بعض الأعضاء داخل جسم الإنسان لذلك يتطلب اتخاذ إجراءات وقائية من أهمها:




  • 1- الإصلاح المستمر للمكائن التي توجد بالمصانع وبهذه الخطوة من الممكن تقليل أو إزالة الضوضاء.


  • 2- المراقبة الصارمة على الصناعات وتعديل العمليات للسيطرة على الضوضاء أثناء إصدار وتجديد رخص العمل.


  • 3- إصدار التشريعات اللازمة وتطبيقها بحزم لمنع استعمال منبهات السيارات ومراقبة محركاتها وإيقاف المصدرة للأصوات العالية.


  • 4- تعد النباتات من أهم الطرق لامتصاص الضوضاء خصوصاً الضوضاء النبضية. إن زراعة الأشجار مثل Casuarina، بانيان، تمر هند وNeem والفيكس على طول الطرق أو الشوارع العالية يساعد في تخفيض الضوضاء في المدن والبلدات.


  • 5- منع استعمال مكبرات الصوت وأجهزة التسجيل في شوارع المدينة والمقاهي والمحلات العامة على سبيل المثال من الساعة 10 مساء لغاية الساعة 5 فجرا.


  • 6- نشر الوعي وذلك عن طريق وسائل الإعلام المختلفة ببيان أخطار هذا التلوث على الصحة البشرية، بحيث يدرك المرء أن الفضاء الصوتي ليس ملكا شخصيا.


  • 7- إبعاد المدارس والمستشفيات عن مصادر الضجيج.


  • 8- إبعاد المطارات عن المدن والمناطق الآهلة بالسكان مسافة لا تقل عن 30 كلم.


  • 9- يجب أن تكون خطوط السكة الحديدية والطرق السريعة بعيدة عن المناطق السكنية قدر الإمكان.