الأهرامات وعلماؤنا المنسيون

لعل أكثر ما يؤلم المؤرخ والكاتب اليوم أن ينسب الفضل في معرفة الأهرام للغرباء عن مصر لغة وديناً وثقافة. فقد يسأل كثير من أبناء الإسلام ببراءة متناهية غريبة!!، هذه الأعجوبة هل عرفها المسلمون الأوائل؟، وهل اكتشفوها وعرفوا شيئاً من أسراها؟، وهل ذرعوها وعرفوا مساحتها وأطوالها وحدودها وأماكنها؟؟، هل وصفوها وكتبوا عنها؟؟، أم أن الغرب المحتل هم أول من وصفها وكتب عنها!!.

لعل أكثر ما يؤلم المؤرخ والكاتب اليوم أن ينسب الفضل في معرفة الأهرام للغرباء عن مصر لغة وديناً وثقافة. فقد يسأل كثير من أبناء الإسلام ببراءة متناهية غريبة!!، هذه الأعجوبة هل عرفها المسلمون الأوائل؟، وهل اكتشفوها وعرفوا شيئاً من أسراها؟، وهل ذرعوها وعرفوا مساحتها وأطوالها وحدودها وأماكنها؟؟، هل وصفوها وكتبوا عنها؟؟، أم أن الغرب المحتل هم أول من وصفها وكتب عنها!!.

الجمعة - 14 نوفمبر 2014

Fri - 14 Nov 2014



لعل أكثر ما يؤلم المؤرخ والكاتب اليوم أن ينسب الفضل في معرفة الأهرام للغرباء عن مصر لغة وديناً وثقافة. فقد يسأل كثير من أبناء الإسلام ببراءة متناهية غريبة!!، هذه الأعجوبة هل عرفها المسلمون الأوائل؟، وهل اكتشفوها وعرفوا شيئاً من أسراها؟، وهل ذرعوها وعرفوا مساحتها وأطوالها وحدودها وأماكنها؟؟، هل وصفوها وكتبوا عنها؟؟، أم أن الغرب المحتل هم أول من وصفها وكتب عنها!!.

والعجب هو أن الكتب التي تقدم للسائحين غالبها بلغة أجنبية لا تتحدث إلا عن المكتشف فلان والكاتب فلان، وكلهم من غير جلدتنا ولساننا وديننا، حتى يظن المرء أن المصريين والمسلمين قبل مئتي سنة كانوا عميانا أو عجزة عن معرفة الأهرام.

وللأسف أن كثيراً من الكتاب اليوم يتناسون أن العرب الأوائل كتبوا عنها ووصفوها بكثرة، ولهم أخبار وقصائد في ذلك..

ولعل كثيراً من الناس لا يدرون أن المأمون الخليفة العباسي قد استطاع رجاله وعلماء دولته بناء على طلبه فك لغز الأهرام، وفتحوا مغارة أحدها وهو خوفو الهرم الأكبر، ورأوا الرسوم والنقوش، ورأوا جثة الملك والجواهر والذهب من حوله، وسطر ذلك علماء المسلمين، ولم يكن ذلك سراً مخفياً.

وما زالت تلك البنايات الشاهقة الغريبة العجيبة مثار جدال ونقاش من علماء الآثار، وقد سبق علماء المسلمين الغرب في بيان مدى الخلاف فيها، وممن تكلم فيها من علماء المسلمين المؤرخ الشهير (علي بن حسين المسعودي)، وقد توفي المسعودي سنة (346) هجرية، وله رحلات كثيرة للشرق والغرب وأكثر من وصف الأماكن والبلدان، وهو صاحب الكتاب المعروف (مروج الذهب)، حيث قال عن الأهرامات وأمرها العجيب: «والأهرام وطولها عظيم، وبنيانها عجيب، عليها أنواع من الكتابات بأقلام الأمم السالفة، والممالك الداثرة، لا يدرى ما تلك الكتابة ولا ما المراد بها، وقد قال مَنْ عنى بتقدير ذرعها: إن مقدار ارتفاع ذهابها في الجو نحو من أربعمائة ذراع، أو كثر، وكلما علا به الصعداء دق ذلك، والعرض نحو ما وصفنا، عليها من الرسوم ما ذكرنا، وإن ذلك علوما وخواص وسحرا وأسرارا للطبيعة»، ثم أفاض في صفتها وصفة النقوش والكتابات والرسوم في نواحي مصر.

وإذا انتقلنا لكاتب رحالة آخر فسنجد أبا الحسن الهروي المتوفى سنة (611) هجرية، وهي العصور التي كانت أوروبا تسميها بعصور الظلام لها، فهو يحدثنا عن مشاهداته، ويذرع بنفسه، ويكتب مذكراته وذكرياته بلغة بديعة، وهو رحالة إسلامي لم يترك بلداً من بلدان المسلمين إلا دخلها حتى قال عنه ابن خلكان: «إنه لم يترك براً ولا بحراً ولا سهلاً ولا جبلاً من الأماكن التي يمكن قصدها ورؤيتها إلا رآه، ولم يصل إلى موضع إلا كتب خطه في حائطه ولقد شاهدت ذلك في البلاد التي رأيتها مع كثرتها».

قال الهروي في كتابه (الإشارات إلى معرفة الزيارات)

ص (41): « الأهرام، من عجائب الدنيا، وليس على وجه الأرض شرقيها وغربيها عمارة أعجب منها ولا أعظم ولا أرفع، ورأيت بديار مصر أهراماً كثيرة خمسة كبارا والباقي صغار، فأما الكبار فاثنان عند الجيزة، واثنان عند قرية يقال لها دهشور، وهرم عند قرية يقال لها (ميدوم)، وقد اختلفت أقاويل الناس فيها وفيمن بناها وما أريد بها، فمنهم من قال إنها قبور الملوك، ومنهم من قال إنما عملوها خوف الطوفان، مساحة كل وجه منها على وجه الأرض أربعمائة ذراع وارتفاعها في الجو يقارب أربعمائة ذراع بذراع العظم ..(وبعد أن ذكر أن المأمون فتح الهرم الأكبر ووصف ما يشاهده الناس اليوم، قال: (يقول مؤلف هذا الكتاب: دخلت إلى هذا الهرم وصعدت إليه ورأيت هذا الحوض ..) انتهى المراد من كلامه..

ولا عجب بعد ذلك أن نجد ياقوت الحموي المتوفي في القرن السابع الهجري يطيل النفس في كتابه معجم البلدان في وصف الأهرام، ثم يتلوه المقريزي (توفي في القرن التاسع) في كتابه خطط القاهرة بكلام ووصف طويل جداً، ثم يفرد السيوطي كتاباً عنها وأن نجد عدداً من القصائد العربية الأصيلة في وصفها ووصف بنائها وأسرارها.