أخبار سارة.. ولكن

 

 

الثلاثاء - 04 نوفمبر 2014

Tue - 04 Nov 2014



بين حين وآخر تعلن وزارة الداخلية في المملكة نجاح أجهزتها الأمنية بصد أعداد كبيرة من أفواج المتسللين عبر حدودها من جميع الجهات الأربع، كما تعلن من وقت لآخر نجاح الجمارك وأمن الحدود في إحباط تهريب مخدرات بكميات كبيرة تبلغ قيمة ما يقبض منها وما تعلن عنه الداخلية مليارات الدراهم، وهذا النجاح يسر المرء ويطمئن المواطن على أن العيون الساهرة التي تراقب حدودنا الممتدة بآلاف الكيلو مترات وتحرس أرضها بكفاءة أبنائها الساهرين على أمنها يقظة، فيحمد الله ويستزيده من فضله، ويشكر الساهرين على أمن حدودنا الذين يبذلون الوقت والراحة من أجلنا ومن أجل حماية أبنائنا ولا سيما الشباب منهم، ومن أخطر الآفات في هذا العصر هي آفة المخدرات التي تذهب العقل والمال وتدعو إلى أرذل الأعمال، وما يرتكب في كثير من الجرائم الأخلاقية والقتل والاستهتار الذي نسمع عنه هو نتيجة تمكن المخدرات من عقول فئة من الناس تورطت بها وكلت عزائمها عن الامتناع منها أو القدرة على الإقلاع عنها بعد أن تمكنت منهم وأذهبت عقولهم. وقضت على مستقبلهم وأفرزت مشاكل أسرية واجتماعية كثيرة، وهذا هو الجانب الأول من عنوان المقال وهو الجانب السار حيث يسجل جهود النجاح في منع هذه الآفة قبل وصولها إلينا.

أما الجانب الضار فهو ما يحمله النجاح من مضامين أخرى يستنتجها القارئ من تجارب الأمم في مكافحة جرائم المخدرات، حيث إن كل حالة تنجح السلطات في إحباطها يكون مقابلها خمس حالات مرت وأفلتت من الأيدي ولم تكتشف. فالمجرمون المحترفون يستطيعون تجاوز الحدود واختراق الحصون مهما كانت الجهود التي تبذل لمكافحتهم من قبل السلطات المسؤولة منيعة ورادعة، وقد أعجزت وسائل المهربين والمجرمين أكثر الدول تقدما وأقدرها على امتلاك آلات الضبط والمراقبة. ولم تستطع دولة عظمى مثل أمريكا أن تنجح في منع المهربين من الوصول إليها ونشر جرائمهم فيها رغم مكافحتها بكل الوسائل والتقنيات الحديثة ومع هذا كانت عاجزة عن منعها، فما بال غيرها من الدول التي ليس لها خبرة أمريكا ولا قدرتها ولا إمكاناتها الكبيرة.

إن تغير الحياة السريع في مجتمعنا وقدوم الملايين الذين جاؤوا من كل بقاع الدنيا للعمل معنا وسرعة النمو والتحولات في المجتمع جعل الشباب هدفا لمروجي المخدرات وتجارها حيث بساطة الشباب وغفلة الكثير منهم وقلة الحيطة والحذر واندفاع بعضهم إلى المغامرات وحب التجريب أو استغلال الظروف النفسية والصحية التي تدفع البعض إلى الوقوع في براثن الجريمة والتورط في شبكاتها، وقد نجحت المافيا العالمية في اختراق بعض المصدات الهشة في المجتمع الجديد مما دفع أعدادا من الشباب إلى التورط في استعمال المخدرات أو الانقياد لإغراءات المروجين والمهربين، وهذا كان السبب المباشر الذي يجعلهم يكررون المحاولات للنفاذ إلى الداخل.

والمكافحة الناجحة لآفة المخدرات لا تكون من جانب السلطات الرسمية فقط ولكن تحتاج التعاون بين كل مكونات المجتمع وفئاته ولا يكون ذلك حتى يستشعر المواطنون جميعهم دورهم في حرب آفة المخدرات في الحدود وداخل الوطن ويأخذ كل بدوره وينظف محيطه الذي يعيش فيه وما حوله ومن فيه من الشر القادم من خارج حدود الوطن بكل أنواعه ومسمياته وأشكاله وألوانه.

إن انتشار المخدرات ظاهرة عالمية تحاربها الحكومات وتحاربها الشعوب لما لها من تأثير خطير على سلامة المجتمع وعلى أمنه واستقرار الحياة فيه ولسنا بدعا بين الأمم في ذلك، إلا أننا لا يجب أن نتهاون في أمر مكافحتها ويجب أن يكون التعاون بين السلطات المسؤولة وبين المواطنين فاعلا ومستمرا كل فيما يستطيع حتى لا نترك فرصة شريرة ينفذ منها المجرمون إلى بلادنا ويفسدوا شبابنا حمانا الله من كل شر وفتنة.