من لم يشكر الناس.. لم يشكر الله
الأحد - 22 فبراير 2015
Sun - 22 Feb 2015
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ }
وهكذا يقترن الشكر على النعمة بالعمل الصالح الذي نسأل الله عليه الرضا والقبول.
لقد انطلقت بتوفيق الله في لقاءات سابقة تحت عنوان «من لم يشكر الناس.. لم يشكر الله»، من هذا الفهم في توجيه الشكر والعرفان بالجميل لرجال وقفوا معي في مستهل حياتي العملية.. وكان لهم ولعدد مثلهم الفضل بعد الله، فيما أنا عليه اليوم من موقع يأمرني بتقديم الشكر لهم شكراً لله الذي سخرهم لعوني.
وإذا كان من ذكرتهم في تلك السلسلة يستحقون الشكر مئات المرات، فإن النفر الصالح من الذين أسسوا وأسهموا في غرس العلم حرفاً في عقلي ونوراً في قلبي يستحقون الشكر آلاف المرات..
وما زالوا عبر عقود خَلَت يطوفون بخاطري ويتوافدون أمام ناظري، قدوة ومنارة كلما جاء للتعليم ذكرٌ أو إشارة.. وبخاصة حين يكون الحديث عن مراحله الأولى من رياضٍ وابتدائيات..
وقد أعود إلى الحديث عن التعليم الحالي قريباً بعون الله.. خاصة بعد أن عاد الأمير خالد الفيصل إلى قواعده أميراً لمكة، بعد قضاء مدة قليلة في مهمة جليلة، كان على رأسها مسألة تغيير المناهج، وهو ما أعلم أنه قطع فيه أشواطاً جميلة. ثم جُمِعَ التعليم كبيرُه وصغيرهُ لخلفٍ أعرفه جيداً وأعرف قدراته الأصيلة وغاياته النبيلة والتي ستسهم بحول الله ثم بدعم خادم الحرمين الشريفين الملك الشجاع سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله في إكمال ما قد سلف.
وإن كنت أتمنى على أخي معالي وزير التعليم الدكتور عزّام الدخيل، أن لا يكون الجمع وتوحيد التربية والتعليم مع التعليم العالي على مستوى التنفيذ، بقدر ما يكون على مستوى التخطيط العام.
وذلك أن مراحل الروضة والابتدائي والإعدادي أو المتوسط .. وهى مراحل التعليم الأساسي – أو الإلزامي كما يُعرف في بعض الدول – مرتبطة في التخطيط العام بما يليها من مراحل، ولكن لها نمط تنفيذي مختلف من حيث المناهج والكوادر والغايات، بينما مراحل الثانوية – أو التوجيهية – والتي سميت بهذا الاسم لأنها المرحلة الموّجِهة للاتجاهات العلمية الجامعية والتي كانت تُعرف في بداية الحركة التعليمية قديماً باسم «تحضير البعثات» وكانت عبارة عن ست سنوات بعد الإعدادي من أولى إلى سادس ثانوي، ومراحل التعليم الجامعي بكل شهاداته مرتبطة في التخطيط لها بمراحل التعليم الأساسي، ولكنها مختلفة في التطبيق والتنفيذ، والذي يخضع أو يجب أن يخضع لمتطلبات سوق العمل، والتوجه التدريجي لاستيعاب تقنيات العصر الحديثة وتطويعها لخدمة المجتمعات وتنمية الشعوب.
ويبدو أنني وبحكم الهاجس الذي ينتابني كلما ذكِر التعليم قد انسقت للحديث عنه، ونسيت أنني قد بدأت في الحديث عن الكتّاب والمرحلة الابتدائية التي استوجب أبطالها في حياتي أن أتقدم إليهم رغم الغياب.. بالشكر والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة وحسن الأجر والثواب.
نعم لقد كان قوام التعليم القديم – على أيامي – مدرسا وكِتابا، أي معلما ومنهجا.
والتعليم لا يتطور بالمباني وحدها وقد تأتي ثالثاً. فكم من تلميذ في أيامنا دَرَس في فصول مفروشة – حنابل – ولن أقول حصير.. وكان بعض الطلبة إذا لم يجدوا في فصول الكراسي كرسياً لهم يحضر له أبوه الكرسي. وتخرّج من هذه الفصول ومن فوق تلك الحنابل جهابذةٌ أثروا حياة الوطن وأسهموا في تقدمه، لأنه قد توفر لهم المعلم المخلص المتفاني.. والمنهج المزدهر بجزيل اللفظ وعميق المعاني.. وأُحيطوا بباقاتٍ من وفاء المعلم ونقاء الإدارة المدرسية وحنان المعلمات الذي يحتاجه الطفلُ الدارسُ خاصة في الروضة أو المرحلة الابتدائية.. والروضة زمان كانت هي الكُتّاب.. وأنا ممن تلقى تعليمه في الكُتاب على يد معلمات فاضلات من أعرق الأُسر المكية .
نعم لقد كانت الكتاتيب تُدرِّسُ فيها معلمات.. ويخطئ من يظن أن الأمية كانت تضرب بكل سيدات المجتمع في ذلك الوقت أي قبل نحو سبعة عقود (على ما أظن)، واليوم وقد صارت الأميّة النسائية شبه منعدمة.. وزادت إلى حد البطالة نسبة المعلمات السعوديات، فإني لا أرى ضيراً أن نقوم بتجربة اقترحها أحد مسؤولي التعليم في وزارة المعارف وكان لها وكيلاً في ذلك الوقت، وهو الأمير الراحل محمد العبدالله الفيصل رحمه الله، وكان مفادها أن يعاد تشكيل سنوات المراحل الدراسية على النحو التالي:
المرحلة الابتدائية أربع سنوات.. مختلطة بين الأولاد والبنات، وتتولى المعلمات بالكامل التدريس في هذه المرحلة.. وهنّ الأقدر بلا شك على التعامل بروح الأمومة والحنان مع طلاب وطالبات في السن من السادسة وحتى العاشرة من العمر.
وتكون الإعدادية أو المتوسطة أربع سنوات أخرى، ولكن يتم الفصل فيها بين الأولاد والبنات.
ثم الثانوية أربع سنوات.. وبالطبع دون اختلاط. وهو مقترح سيوفر آلاف فرص العمل في المجال التعليمي للسعوديات المؤهلات والمدربات.. بما لا ينقص من فرص عمل المدرس السعودي.
ويبدو أنني مرة أخرى انسقت خلف هاجسي التعليمي .. ولكني سأعود بحول الله.. للحديث عن أساتذتي في المرحلة الابتدائية في العدد القادم بحول الله.
"من لم يشكر الناس.. لم يشكر الله" - ( 1)
"من لا يشكر الناس.. لا يشكر الله" - (2)
"من لم يشكر الناس.. لم يشكر الله" - (3)
"من لم يشكر الناس.. لم يشكر الله" - (4)