ذكور الابتعاث: استرجاع عقدة المرأة

يمر المجتمع السعودي بفترة انتقالية على أصعدة متنوعة بمجالات التعليم والفكر والثقافة والاقتصاد والأمن والسياسة.

يمر المجتمع السعودي بفترة انتقالية على أصعدة متنوعة بمجالات التعليم والفكر والثقافة والاقتصاد والأمن والسياسة.

الأحد - 12 أكتوبر 2014

Sun - 12 Oct 2014



يمر المجتمع السعودي بفترة انتقالية على أصعدة متنوعة بمجالات التعليم والفكر والثقافة والاقتصاد والأمن والسياسة.

هذا الانتقال على كافة الأصعدة بطبيعة الحال لا بد له من تباطؤ في قبوله نفسيا عند البعض، نتيجة لهيمنة التغذية الفكرية المضادة لقيم التطور الاجتماعي.

سأخصص هذا المقال القصير لحال بعض المبتعثين المقاومين للتغيير الثقافي، لا سيما من “اجتثهم” الابتعاث فجأة من بين براثن الجمود الثقافي والانغماس في البيئات المتخلفة فكريا والمناهضة للتغير الاجتماعي بوصفه “عقيدة”، والإيمان بأن المطالبات بحقوق المرأة إحدى المفاسد الكبرى المخطط لها غربيا، ثم ربط قبول التغيير بأنه موافقة على مؤامرات “التغريب” والغزو الثقافي المدمر لقيم المجتمع وعاداته وموروثه.

تتجلى صورة مقاومة هذا النوع من المبتعثين الذكور للتطور الثقافي من خلال تعامله “المبطن” بإسقاطات مهينة على المرأة “السعودية”، مبتعثة في الخارج كزميلة غربة، أو موظفة في المؤسسات الحكومية “المختلطة” أو حتى بوصفها خارج دائرة القرابة “المحرم”.

في رحلة الابتعاث، يسعى ذكور البعثة لمحاربة المبتعثة المواطنة بالتقليل من أهميتها والسعي إلى الغمز واللمز في سلوكها، والتجني عليها غيابيا بفحش القول، وسكب ما لا يكال من الانحطاط اللفظي عليها، وبهتها زورا.

ويزداد هذا الفحش البذيء كلما كانت المبتعثة أكثر استقلالية وقدرة على مواجهة الاغتراب بمفردها بعيدا عن الاستناد الكلي على كاهل المحرم.

محاربة المرأة الناجحة في عملها بالمجال “المختلط” أو دراستها في الغربة تتبلور من الإيمان بأن المبتعثة كقيمة اجتماعية في الأساس هي حجر الزاوية الذي سيبنى عليه المشروع التغريبي مستقبلا! القناعة السوداء هذه تدعمها اتهامات محلية تغذيها أطراف ذات خطاب له أفق معين في المجتمع يمتد إلى داخل إطارات أخلاقية وشرعية تخوله لشن الهجوم ضد المبتعثات، وبمباركة بعض رجال الدين الذين لا يزالون بأحسن الظروف لا يصححون النظرة التقديرية للمبتعثة ولا ينسفون تسويق الأفكار الانحلالية التي تُرمى بها المبتعثات.

الابتعاث رحلة عظيمة جدا، فيها تتاح الفرصة للمبتعث المنغلق على أفكاره الرجعية أن يعيد قراءتها، ومن ثم اختبار صحتها “كفرضيات” على البيئة الجديدة التي يعيش فيها.

فالجامعة الأجنبية تتيح للمبتعث فرصا ثمينة للاطلاع على الجوانب الثقافية والعلمية والقانونية، التي ستصنع منه رجلا جريئا قادرا على الدفاع عن حقوق مواطنته المرأة.

وإلى الآن نجح الابتعاث كمشروع علمي وثقافي في تعزيز الكثير من حقوق المرأة السعودية إلا أن تحقيقه للانفتاح الثقافي نحو قضايا المرأة وتقديرها ككيان ذي قيمة اجتماعية بحاجة إلى وقت كاف حتى يتلاشى الفقر الثقافي من بيئة بعض المبتعثين المتناسب عكسيا مع تحصيلهم العلمي!