ما الذي حدث للجيشين العراقي واليمني؟

انهيار الجيش العراقي قبل أشهر أمام عدد من المسلحين القلائل أحدث صدمة وذهولا غير مسبوقين في تاريخ الجيوش النظامية في العالم، لأنه لم يحدث في تاريخ الحروب العسكرية المعاصرة، انهيار جيش عرمرم وألوية مسلحة وكتائب مدرعة وجنود مدربة تملك أحدث الأسلحة مع التدريب والاستعداد لحماية الشعب الذي وضع أمنه ومستقبله في أيديهم أمام عصابات يعدون بالعشرات، هربت قيادات الجيش وانهارت دفاعاته أمام قلة مسلحة بأسلحة خفيفة وتركت جنوده لقمة سائغة في أيدي الوحوش الذين لم تأخذهم بهم رأفة ولا رحمة، وترك الجيش أسلحته لتكون غنيمة سهلة لأعدائه

انهيار الجيش العراقي قبل أشهر أمام عدد من المسلحين القلائل أحدث صدمة وذهولا غير مسبوقين في تاريخ الجيوش النظامية في العالم، لأنه لم يحدث في تاريخ الحروب العسكرية المعاصرة، انهيار جيش عرمرم وألوية مسلحة وكتائب مدرعة وجنود مدربة تملك أحدث الأسلحة مع التدريب والاستعداد لحماية الشعب الذي وضع أمنه ومستقبله في أيديهم أمام عصابات يعدون بالعشرات، هربت قيادات الجيش وانهارت دفاعاته أمام قلة مسلحة بأسلحة خفيفة وتركت جنوده لقمة سائغة في أيدي الوحوش الذين لم تأخذهم بهم رأفة ولا رحمة، وترك الجيش أسلحته لتكون غنيمة سهلة لأعدائه

الثلاثاء - 07 أكتوبر 2014

Tue - 07 Oct 2014



انهيار الجيش العراقي قبل أشهر أمام عدد من المسلحين القلائل أحدث صدمة وذهولا غير مسبوقين في تاريخ الجيوش النظامية في العالم، لأنه لم يحدث في تاريخ الحروب العسكرية المعاصرة، انهيار جيش عرمرم وألوية مسلحة وكتائب مدرعة وجنود مدربة تملك أحدث الأسلحة مع التدريب والاستعداد لحماية الشعب الذي وضع أمنه ومستقبله في أيديهم أمام عصابات يعدون بالعشرات، هربت قيادات الجيش وانهارت دفاعاته أمام قلة مسلحة بأسلحة خفيفة وتركت جنوده لقمة سائغة في أيدي الوحوش الذين لم تأخذهم بهم رأفة ولا رحمة، وترك الجيش أسلحته لتكون غنيمة سهلة لأعدائه.

ومن نافلة القول أن وظيفة الجيش هي حماية الوطن وأهله والدفاع عن أرضه أمام الجيوش والغزوات المسلحة، وحتى في أسوأ الأحوال عندما ترى القيادة العسكرية المحترفة أن الهزيمة واقعة لا محالة أمام جيوش مثلها وليس أمام عصابات مثل داعش فإنها تعمد إلى تأمين الانسحاب الآمن لجنودها بكل الوسائل التي تستطيعها، وتعمل على إنقاذ أسلحتها من أن تقع في أيدي أعدائها، ولو احتاج الأمر لتدميرها قبل أن يستولي عليها العدو، ولكن قيادات الجيش العراقي لم تفكر في شيء من ذلك.

هربت وتركت الجنود للقتل، والسكان للاحتلال، والسلاح للغنيمة، كل ما سمعت من الخبراء العسكريين الذين تناولوا هذا الانهيار المروع للجيش العراقي لم يشف الغليل، ولم يكن مقنعا رأي أصحاب المؤامرة والخيانة التي يجدها الكثيرون جوابا سهلا لسؤال صعب.

وقبل أسابيع قليلة انهار الجيش اليمني مثلما انهار الجيش العراقي، وسلم العاصمة ومن فيها لمليشيات الحوثيين دون قتال، وأخرج المحللون والمتحدثون مسرحية هزيلة لا يقبل بمبرراتها غير المنهزمين، فعل الجيش اليمني ما فعل الجيش العراقي وأصبحت عاصمة الدولة وسكانها ومؤسساتها المدنية والعسكرية غنيمة للمليشيات والعصابات المسلحة دون أن يقوم الجيش بواجبه نحو حماية أمن مواطنيه والقيام بما تمليه عليه وظيفته التي أعد من أجلها.

قد لا يلام الجيش أن يقف على الحياد كما وقف جيش مصر وتونس لو كانت الثورة شعبية سلمية يقوم بها أغلب المواطنين لتحقيق مطالب مشروعة لا تتجاوز إلى القتل للمدنيين العزل واحتلال مؤسسات الدولة ونهبها، أما إذا سفكت الدماء وهرب الجيش أو امتنع عن ضبط الأمن في البلد فهذا هو العار على الجيش وقيادته.

إن هذه الأحداث ضربت في عمق التركيبة النفسية العسكرية وأظهرت الخلل الكبير في بنية الجيوش العربية وفي عقيدتها العسكرية والمهنية وكشفت ضعفها وعدم قدرتها على أداء العمل المنوط بها، وهو حماية الأمة واستقرارها والذود عن الوطن وأهله، و قد تخلت الجيوش عنهما في أصعب الظروف وأدقها.

والنتيجة أن ما حصل في هذين البلدين أثار رعب المواطنين والسكان ليس في العراق واليمن ولكن في كل البلاد العربية التي وكلت أمر أمنها ومستقبلها إلى جيوش تعدها لتلك الساعات التي مرت بها العراق واليمن، ولكن الناس هناك لم يجدوا جيشا ولم يجدوا حماية عند الحاجة إليه، انفض الجيش الذي أخذ تسليحه وتدريبه جل ميزانية الدول الضخمة ليكون سدا قويا أمام أعدائها وحاميا لأرضها ومؤتمنا على أمنها ولكنه لم يفعل ما يجب عليه عند الحاجة إليه.

أثارت هاتان الحادثتان سؤالا مهما وهو كيف تثق الأمة بجيوشها وكيف تعرف قدرات هذه الجيوش وكيف يتحقق السكان في هذا الجو المشحون بالفتن والأحداث من أن جيشهم الذي يحميهم لا يكون نسخة من هذه الجيوش في العراق واليمن، و ما الضمان الذي يجعل الأمة واثقة من حماية نفسها ومستقبل أبنائها، إن القلق من كفاءة الجيوش العربية في أداء واجبها الوطني وحماية مواطنيها أصبح موضوعا للمناقشة، ولا يمكن إلا أن يكون الخوف هاجس الكثيرين الذين شاهدوا ما حدث في العراق وما حدث في اليمن.

والسؤال أيضا هو كيف يطمئن الناس للجيوش التي وضعوا أمنهم وحمايتهم في يدها، وكيف يثبت المسؤولون عن الجيوش العربية في البلاد التي لم تمتحن جيوشها كما امتحنت جيوش العراق واليمن أن قدرات جيوشها وإمكاناتها أفضل مما كانت عليه الجيوش السابق ذكرها.

جيش العراق خاض حروبا كبيرة خلال العقدين الماضيين وله معرفة ودربة وتجربة طويلة في المعارك ومع هذا لم يصمد أمام عصابات داعش، فما حال الجيوش العربية البكر التي لم يسبق أن جربت الحرب ولا امتحنت قدراتها العسكرية ولا يعرف أحد على وجه اليقين إمكاناتها القتالية، كيف يفوض الناس أمرهم إلى هذه الجيوش وكيف يطمئنون على أن أمنهم في أيد قوية قادرة على حمايتهم مستعدة للدفاع عنهم والتضحية من أجلهم وحماية الوطن كله في اللحظة المناسبة وعند الحاجة التي قد لا تحدث إلا مرة.