معماريون: أبراج مكة موحشة وتفتقد الحميمية
أجمع مهندسون معماريون على أن الأبراج الفندقية الزجاجية في مكة تجاهلت تصماميم الحضارة الإسلامية ولم تضف الطابع المعماري الذي يعكس الثراء التاريخي للعاصمة المقدسة، واصفين تلك الناطحات بالموحشة التي تفتقد للحميمية والدفء، وأنها تكبرت على الإنسان ولم تشعر الزائر بالحميمية التي يبحث عنها
أجمع مهندسون معماريون على أن الأبراج الفندقية الزجاجية في مكة تجاهلت تصماميم الحضارة الإسلامية ولم تضف الطابع المعماري الذي يعكس الثراء التاريخي للعاصمة المقدسة، واصفين تلك الناطحات بالموحشة التي تفتقد للحميمية والدفء، وأنها تكبرت على الإنسان ولم تشعر الزائر بالحميمية التي يبحث عنها
الأربعاء - 18 فبراير 2015
Wed - 18 Feb 2015
أجمع مهندسون معماريون على أن الأبراج الفندقية الزجاجية في مكة تجاهلت تصماميم الحضارة الإسلامية ولم تضف الطابع المعماري الذي يعكس الثراء التاريخي للعاصمة المقدسة، واصفين تلك الناطحات بالموحشة التي تفتقد للحميمية والدفء، وأنها تكبرت على الإنسان ولم تشعر الزائر بالحميمية التي يبحث عنها.
ولم ينكروا جمال العمائر الزجاجية والأبراج، ولكنهم أجمعوا على أنها ستكون أجمل في مدن خارجية كهونج كونج أو واشنطن أو طوكيو، مبينين أن مكة ليست فقط رواشين ولا قبابا وطرازات أندلسية، بل مفهوم اجتماعي شمولي يراعي التواصل الاجتماعي والعادات الإنسانية المختلفة، والتي من شأنها أن تستدعي جماليات المفهوم العمراني المتفرد لمكة.
رؤية إسلامية
يجب أن يكون هناك فريق موحد من الخبراء والباحثين لإصدار رؤية تكون مشتركة تبحث القضايا التي تشكل نفسها على خريطة البحث العلمي في الهندسة العمرانية وتعكس الخطاب الإسلامي على العمارة والعمران وتساهم في تقديم المعرفة وتوضيح الممارسات المعمارية المهمة في التصاميم، التي تساهم في خلق بيئات ملائمة للعيش، وتعكس مسؤولية أخلاقية تجاه البيئة والثقافة والمجتمع.
لم نر بحوثا تناقش المفاهيم الجديدة التي تشكل مستقبل المهمة المعمارية الحديثة والمفاهيمية خاصة من الناحية الفنية، والفلسفية والتاريخية وسط غياب البيئات الملائمة للعيش وصلتها بالبيئة والتواصل الاجتماعي والاقتصادي والثقافي.
الهدف من المشروع هو المساهمة في تقدم المعرفة في المجال من خلال تطوير البحوث، إضافة لتطوير أدوات لتحليل وتصميم وتقييم الواقع العمراني المكي، وتقديم بيئات مستدامة على المستويات المختلفة التي تتراوح بين المساحات الداخلية وقربها من الحرم المكي، امتدادا إلى المساحات الخارجية، وهندسة المناظر الطبيعية، والأماكن العامة في المناطق الحضرية.
نهدف جميعا نحو التفاعل بين البيئة والإنسان لتطوير وتنفيذ الأدوات الهادفة لتوعية مستخدمي المبنى في فهم الاستدامة، من أجل إدراج استراتيجيات تعاونية لإشراك المستخدمين في تقييم البيئات القائمة بينهما، أو المشاركة في تصميم بيئات جديدة.
عبدالمنعم بخاري ـ خبير اقتصادي
تأهيل المباني
يجب أن يكون هناك بناء يتسق مع الواقع الحضري بحيث نتمكن من المحافظة على المباني التاريخية القديمة أو البيئات الحضرية وإعادة تأهيلها أو تكييفها وتحسينها وتجديدها، وإعادة استخدام المباني القديمة التاريخية، مع مراعاة الجوانب البيئية وأثرها على الاستدامة الاجتماعية والثقافية، وتدعيمها بالتكنولوجيات الجديدة وأنظمة البناء، وكيفية دمجها في المباني بما يخدم الهوية المكية ويطورها، بحيث يتم دراسة الإضاءة والمواد التي تستخدم في المباني التاريخية، واستراتيجيات الحفاظ على الطاقة، وتكنولوجيا الكمبيوتر وتشكيل لجان للدراسات الطيبوجرافية، بحيث يشمل هذا المجال التحقق من السياق الحضري، ويجيب على الأسئلة المعمارية الأساسية المتعلقة، بمفهوم أنواع وأنماط الجوانب التصويرية والمسوحات والتوثيق والدراسات الطوبوجرافية المعاصرة.
دلال عيسى - مصممة ديكور
ضوابط بناء
هناك محددات واضحة في كيفية التعامل مع الهندسة العمرانية المكية، وضوابط خاصة في التعامل مع الشكل المعماري الإسلامي المكي على أكثر من مستوى.
بالإمكان إيجاد ممرات للمشاة بشكل رائع تربط كل دورين مع بعضهما بعضا بين العمائر وناطحات السحاب في جبال مكة وأوديتها، وهو أمر من شأنه إيجاد بعد مجتمعي في هذا الإطار، ولا بد من أن تكون البيئة والثقافة المكية منعكسة من الطبيعة نفسها كالجبال والأودية.
هناك ضوابط في البناء على الجبال وسفوحها وهذا الأمر ينساق كذلك على الأودية إذا اضطر الإنسان إلى البناء، ويراعى في التصميم وجود جسور وممرات ضيقة، ففي مكة بتنا نعاني من تشوه بصري مزعج جدا، لم نعط فرصة لعمارتنا المحلية والتقليدية والتراثية لتتفاعل مع مخرجات الحضارة.
وتجد في مدينة إيطالية قديمة سخروا وسائل النقل في الطبيعة، وليست الطبيعة لوسائل النقل، مستخدمين سيارات صغيرة مبتعدين عن كل الأشكال الكفيلة بتدمير الطبيعة.
مدننا في السعودية لم تتفاعل بشكل كاف مع التكنولوجيا فيما يخدم الجوانب العمرانية، وتناست مخرجات المبنى الحديث بالهوية التقليدية، وأضحت مكة بعمائرها الحديثة تفتقد لعنصر التواصل الاجتماعي وبعيدة عن الصبغة المكية، الأمر لا يتعلق فقط بالرواشين والقبب الإسلامية، الأمر أكبر من ذلك، كونه تناسى العمق المكي التقليدي في كيفية تواصل المجتمع، وما اعتاد فعله عبر عقود طويلة من الزمن.
الدكتور وليد كعكي – عضو الجمعية السعودية للعمران
عبث عمراني
ما أوقع مكة في هذا المأزق العمراني هو أن الأمور تركت لمجموعة مكاتب هندسية ومهندسين أجانب عبثوا بالقالب العمراني المكي كيف ما اتفق، وسط غياب للمعايير المحددة الموجهة للمصمم أيا تكن هويته، ومعظم المهندسين في المكاتب العمرانية هم بالأساس غير متخصصين، في مكة نفتقد لغياب الصورة البانورامية للمدينة المقدسة، وهناك أمثلة كثيرة في العالم لمدن عرفت بطابعها التقليدي والمعماري الخاص بها كأشبيلية والبندقية أو تونس أو مدن مغربية ومتجانسة في الألوان والثقافة والرسالة، والاهتمام بالإنسان.
الأمر في الأخير ليس مبنى زجاجيا وناطحة بقدر ما هي مبان إنسانية مستدامة، تحقق للإنسان المرونة في الحركة ويمكن الاستفادة منها لإشراك المعماريين في المملكة، ولا يكتفى باستشاري واحد فقط، بل مجموعة من المتخصصين ممن يملكون عمقا معماريا متفردا.
ينبغي أن يدرج في المخطط الشامل هوية معروفة وخاصة تضفي جزءا من التاريخ المكي عليها، ويعبر عنها، والهوية الإسلامية عبارة عن تجارب امتدت أكثر من 1400 عام، واستفادت من الحضارات الأخرى بريقها ووهجها وكيفتها، وطورت تقنيات في ذلك العصر، ووضعت في قمة المعمار، والآن اختلفت الأشكال البنائية والمواد، وبالتالي كيف نحكم هذه الآلية، ولم نر تجربة كهيئة تطوير المدينة قربا للنجاح، وتمكنت من الحد من الزجاج، فالعمائر الزجاجية والأبراج جميلة، لكن من الممكن أن يناسب هونج كونج أو واشنطن أو طوكيو بشكل أكبر، نحن نرى عمائر وأبراجا تكبرت على الإنسان ولم تراع الإنسان كمقياس حقيقي للعمران، وهي موحشة وتفتقد للحميمية.
مختار الشيباني - مهندس معماري