علم من جملة العلوم
الأربعاء - 18 يناير 2017
Wed - 18 Jan 2017
يضع الإمام الشاطبي -رحمه الله- كتابه «الموافقات» بمجلده الأول «المقدمات - الأحكام»، من ضمن العلوم والمعارف، التي تساعد الفرد لسلوك الطريق المستقيم، نافيا في هذا، أعني الإمام الشاطبي أن يكون كتابه المرجع الوحيد والمعتمد للطريق الحق، فهو يصف ما دار في بطون مجلداته الستة، مبتدئا بهذا المجلد، بأنها علم من مجرد العلوم، لا علم معتمد عليه في كل التحقق والتحقيق.
يقول في هذا السياق: أيها الخل الصفي والصديق الوفي، هذا الكتاب يعد عونا لك في سلوك الطريق، وشارحا لمعاني الوفاق والتوفيق، لا ليكون عمدتك في كل تحقق وتحقيق، ومرجعك في جميع ما يعن لك من تصور وتصديق، إذ قد صار علما من جملة العلوم ورسما كسائر الرسوم وموردا لاختلاف العقول وتعارض الفهوم.
نقيض التنوع الثقافي المتسم بالتعايش بين مختلف الثقافات، هو ثقافة الأحاد، الثقافة التي لا تقبل بأي حال من الأحوال وجهات النظر المخالفة لها والمختلفة عنها، وبالتالي فهي حينما تتمكن من مجتمع ما، تنتج أفكارا أحادية متعصبة، تقصي المختلفين وتقاوم المبدعين والمفكرين والمجددين.
ولما يتعلق بهذا الأمر، يقرر الإمام الشافعي -رحمه الله- بأن أقواله محتملة الصواب ومحتملة الخطأ وليس هذا وحسب، بل إنه يجعل آراء غيره كذلك محتملة الصواب والخطأ.
كان الشافعي يطلب الله ويسأله أن يظهر الحق على لسانه أو لسان غيره، وهذا الرأي ينطبق ويتوافق تماما مع الرأي الذي يقول في العلوم بأنها مجرد علوم كسائر الرسوم، وبما أن الرسوم تتجمل باختلاف أشكالها وتنوع ألوانها، تجد الشاطبي يقارنها بالعلوم، ليكون موردا لاختلاف العقول والفهوم كما كان يقول.
عندما يكون الاجتهاد البشري بخانة المقدس في الأذهان وفي الثقافة السائدة ككل، سيكون بالضرورة مصيبا لكبد الحقائق المطلقة، الحقائق التي تنفي نكائفها المتنوعة بمجرد اختلاف التوجهات والعلوم والمعارف، فعندما ينحاز ذلك الاجتهاد عن سلامة الطريق، تظهر مستنقعات الجهل المركب في الذهن التلقيني، وبالتالي تصبح تلك الثقافة سائدة تلقينية، بعيدة كل البعد عن إدراك المعاصر، فهي لا تستوعب ما تحتويه الثقافات الأخرى، حتى وإن كانت تتسق مع بعض الطقوس والممارسات، فالتقديس الأعمى لبعض النظريات يهجر السؤال ويحقر الرأي الآخر مهما بلغت قيمته الفكرية والثقافية، بل ربما يصل الأمر إلى أعظم من ذلك من التشكيك في الولاءات والانتماءات.
إذن، يجب توعية الأذهان أن العلم الخاضع لاجتهاد البشر هو مجرد وجهة نظر ورأي قد يصيب وقد يخطئ، وقد يكون هناك رأي مخالف له في الفكرة والاختيار، فالحجة هي التركيز في الفكرة لا التركيز بالشخوص ومناقشتها في أجواء يسودها الاحترام والهدوء وسعة الصدر، وذلك بفسح المجال لصاحبها للتعبير عنها وشرحها بعيدا عن أي اعتبارات تشخيصية تعكر المزاج التعليمي المتحضر.
إن الاختلاف رحمة وجوهر فطري وهو سبب أساسي لازدهار المجتمعات وتطورها ولا يمكن لأي دولة من الدول أو مجتمع من المجتمعات على هذه الأرض أن ينهض أو يتقدم إلى الأمام من دون أن تتوفر فيه ثقافة الاختلاف وحرية الفكر والتفكير وحق الاختلاف في الرأي، وفي الوقت نفسه نبذ العنف والتخلي عن ثقافة التهميش والتغييب والإقصاء والاستئصال، ما أجمل أن يتخذ العلم شعارا بأنه «علم من مجرد العلوم».
يقول في هذا السياق: أيها الخل الصفي والصديق الوفي، هذا الكتاب يعد عونا لك في سلوك الطريق، وشارحا لمعاني الوفاق والتوفيق، لا ليكون عمدتك في كل تحقق وتحقيق، ومرجعك في جميع ما يعن لك من تصور وتصديق، إذ قد صار علما من جملة العلوم ورسما كسائر الرسوم وموردا لاختلاف العقول وتعارض الفهوم.
نقيض التنوع الثقافي المتسم بالتعايش بين مختلف الثقافات، هو ثقافة الأحاد، الثقافة التي لا تقبل بأي حال من الأحوال وجهات النظر المخالفة لها والمختلفة عنها، وبالتالي فهي حينما تتمكن من مجتمع ما، تنتج أفكارا أحادية متعصبة، تقصي المختلفين وتقاوم المبدعين والمفكرين والمجددين.
ولما يتعلق بهذا الأمر، يقرر الإمام الشافعي -رحمه الله- بأن أقواله محتملة الصواب ومحتملة الخطأ وليس هذا وحسب، بل إنه يجعل آراء غيره كذلك محتملة الصواب والخطأ.
كان الشافعي يطلب الله ويسأله أن يظهر الحق على لسانه أو لسان غيره، وهذا الرأي ينطبق ويتوافق تماما مع الرأي الذي يقول في العلوم بأنها مجرد علوم كسائر الرسوم، وبما أن الرسوم تتجمل باختلاف أشكالها وتنوع ألوانها، تجد الشاطبي يقارنها بالعلوم، ليكون موردا لاختلاف العقول والفهوم كما كان يقول.
عندما يكون الاجتهاد البشري بخانة المقدس في الأذهان وفي الثقافة السائدة ككل، سيكون بالضرورة مصيبا لكبد الحقائق المطلقة، الحقائق التي تنفي نكائفها المتنوعة بمجرد اختلاف التوجهات والعلوم والمعارف، فعندما ينحاز ذلك الاجتهاد عن سلامة الطريق، تظهر مستنقعات الجهل المركب في الذهن التلقيني، وبالتالي تصبح تلك الثقافة سائدة تلقينية، بعيدة كل البعد عن إدراك المعاصر، فهي لا تستوعب ما تحتويه الثقافات الأخرى، حتى وإن كانت تتسق مع بعض الطقوس والممارسات، فالتقديس الأعمى لبعض النظريات يهجر السؤال ويحقر الرأي الآخر مهما بلغت قيمته الفكرية والثقافية، بل ربما يصل الأمر إلى أعظم من ذلك من التشكيك في الولاءات والانتماءات.
إذن، يجب توعية الأذهان أن العلم الخاضع لاجتهاد البشر هو مجرد وجهة نظر ورأي قد يصيب وقد يخطئ، وقد يكون هناك رأي مخالف له في الفكرة والاختيار، فالحجة هي التركيز في الفكرة لا التركيز بالشخوص ومناقشتها في أجواء يسودها الاحترام والهدوء وسعة الصدر، وذلك بفسح المجال لصاحبها للتعبير عنها وشرحها بعيدا عن أي اعتبارات تشخيصية تعكر المزاج التعليمي المتحضر.
إن الاختلاف رحمة وجوهر فطري وهو سبب أساسي لازدهار المجتمعات وتطورها ولا يمكن لأي دولة من الدول أو مجتمع من المجتمعات على هذه الأرض أن ينهض أو يتقدم إلى الأمام من دون أن تتوفر فيه ثقافة الاختلاف وحرية الفكر والتفكير وحق الاختلاف في الرأي، وفي الوقت نفسه نبذ العنف والتخلي عن ثقافة التهميش والتغييب والإقصاء والاستئصال، ما أجمل أن يتخذ العلم شعارا بأنه «علم من مجرد العلوم».