فهد الحازمي

هل الفقاعات الالكترونية تهديد للديمقراطية؟

السبت - 14 يناير 2017

Sat - 14 Jan 2017

في كلمته الأخيرة التي ودع فيها الشعب الأمريكي في الأسبوع المنصرم وقبل أن تنتهي فترته الرئاسية بعد أيام قليلة، أشار الرئيس باراك أوباما إلى مسائل هامة تهدد الديمقراطية عموما. أشار من ضمنها إلى ما تسببه الشبكات الاجتماعية من استقطابات أيديولوجية حادة وتكوين فقاعات الكترونية تفصل الناس عن بعضهم البعض. هذه الفقاعات الالكترونية تجعل الفرد منغمسا بين من يشبهونه في الفكر والآراء والتوجهات بحيث يقضي أغلب وقته في مناقشتهم ومتابعتهم واستقاء الأخبار منهم فقط. وهذا الانغماس الأعمى داخل الدوائر التي تشبهنا تجرنا للاعتقاد بأننا على إحاطة كافية بما يجري حولنا ولكن هذا بعيد كل البعد عن الواقع فكل حزب بما لديهم فرحون.



ولكن كسر هذه الفقاعات والانغماس في دوائر خارجة عن المألوف لدينا يتضمن مخاطر أخرى لا تقل كارثية. فكما أن مصاحبة السعيد تسعدك فإن مصاحبة الشقي تشقيك ومصاحبة المتردي ترديك. في الشبكات الاجتماعية تجد الفقاعات الصغيرة من كل حدب وصوب والاهتمام والانغماس وسط هذه المجتمعات الصغيرة لا يعني إلا أنك تصبح شبها لهم بمرور الأيام. وفي هذا السياق يذكر عن الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه قوله «حذاري أن تصارع الوحوش حتى لا تصبح مثلهم»، فالتعامل والاحتكاك مع الآخرين يجرنا دوما لأن نصبح شبها لهم ويجرهم كذلك ليصبحوا شبها لنا في ذات الوقت ولكن الكثرة تغلب القلة دوما خصوصا في سياق الحديث عن الشبكات الاجتماعية. هناك مقولة أخرى تنسب لجيم رون حيث يقول ما معناه إنك متوسط أكثر خمسة أشخاص تحتك بهم. والفكرة خلف هذه المقولة هي أن الإنسان يتأثر بشكل كبير بأصدقائه الذين يقضي معهم أغلب وقته ويصبح شبها لهم مع الوقت. فبناء على كل هذا نستنتج أنه يجب أن تحيط نفسك افتراضيا -وواقعيا- بأولئك الذين تود أن تصبح مثلهم. وهذا ما يضعنا أمام موقفين متضادين تماما لدور الشبكات الاجتماعية.



أعتقد أن كلا الموقفين مبالغ قليلا في افتراض تلقائية تفكير الإنسان وردود أفعاله. فالحديث عن الفقاعات الالكترونية كتهديد للديمقراطية يتجاهل أنها في الواقع ليست إلا تطورا طبيعيا لطريقة البشر في تصنيف وفلترة ما يحصل في العالم الخارجي من أخبار ومعلومات وما إلى ذلك. وهذا التفسير يجعل وظيفة الفقاعة الالكترونية التي تحيط بالمرء شبيهة بوظيفة دوائر العلاقات التي قد ننتمي لها من علاقات عائلية إلى علاقات صداقة وعمل وما إلى ذلك. كلها وسائل تنقية وتصفية لما يحصل بعيدا عنا. بالمقابل، الحديث عن حتمية ومآلات التجانس في العلاقات داخل الشبكات الاجتماعية يفرض ضمنا أن الإنسان – بفطرته - ملطشة هائمة يهدي عقله للمحيطين به ليفكروا ويقرروا عنه. لا أخفيكم أني أعرف الكثير من السعداء الذين يعيشون حياتهم بهذا الأسلوب لكن حين تدقق أكثر تجد أنهم في واقع الأمر لا يكترثون أساسا. وحتى أولئك الذين يكترثون تجدهم - افتراضيا وواقعيا - يتوسطون العديد من الدوائر الاجتماعية التي تختلف عن بعضها البعض كالعلاقة مع الأصدقاء والعلاقة مع الزملاء والعلاقة مع العائلة وما إلى ذلك من دوائر قد لا تجتمع في أي فكر أو توجه بتاتا البتة. لكن على الرغم من ذلك سرعان ما يتأقلم الإنسان مع الدوائر المختلفة بل ويستقبل كل ما يدور في هذه الدوائر من أخبار ومعلومات وبرودكاستات تسبب الغثيان والحموضة من غير أن يجعله هذا منصاعا ومنقادا بلا عقل لدائرة ما دون الأخرى.



ربما علينا أن نفكر مليا في التواصل من غير أن نميز بين الانترنت والواقع ولكن هذا حديث نؤجله لمقالة قادمة.



كيف تتجاوز خطر الفقاعة الالكترونية؟



1 تخصيص وقت لقراءة ومتابعة حسابات خارج اهتماماتك

2 تكوين علاقات شخصية خارج الانترنت مع من تختلف معهم

3 قراءة الأخبار ومتابعتها من مصادر مختلفة ومنوعة