عبدالله الجنيد

حلف الفرقاء

الاثنين - 02 يناير 2017

Mon - 02 Jan 2017

أولا يجب إدراك أن مؤتمر أستانة سوف يلغي جنيف واحد إلى دون رجعة، ورسالة المؤتمر السياسية أن حلول الشرق ستأتي من الشرق من الآن فصاعدا. وسوريا ستكون النموذج الروسي السياسي الأول في إدارة الأزمات البعيدة لأنها جزء من مشروعها السياسي بخلاف الرؤى القومية لكل من إيران وتركيا في سوريا.



لذلك لن يكون مستغربا أن تختلف الديمقتاتوريات (الديمقراطيات الديكتاتورية) على شكل اقتسام سوريا وآليات المؤتمر (الوفود المشاركة) حتى قبل مؤتمر أستانة.



فالنظرة التوسعية الإيرانية تقابلها أخرى تركية، وهذا لن يحقق استدامة للاستقرار الذي تطمح إليه روسيا. فكل منهما ينظر إلى مؤتمر أستانة على أساس تثبيت الاستحقاقات السياسية، وذلك يتعارض والمشروع الروسي في اليورواسايا والشرق الأوسط. فهذه التباينات ظهرت بعد سقوط حلب السريع نتيجة تعاون الأطراف الثلاثة في ذلك، إلا أن الجميع يدرك أن الإرادة السياسية الروسية هي من حقق اتفاق إطلاق النار ونجاح مؤتمر أستانة حتى قبل انعقاده.



التحدي الأكبر للمشروع الروسي في سوريا سيتمثل في إدارتها للمشروع من حيث تعارضه مع رؤى شركائها كل على حدة. فاستمرار حالة عدم الاستقرار في سوريا والعراق يتناسب من حيث الرؤى الخاصة مع كل من إيران وتركيا، في حين أن الأولوية الروسية تقوم على تحقيق تحولات سياسية قابلة للاستدامة في سوريا تكون مقبولة من المجتمع الدولي ولو بشكل نسبي، ولن يكون تحولها لقوة احتلال هو ما تبحث عنه بل الوصي السياسي القادر على تحقيق استدامة الاستقرار.



لذلك كانت أول التحفظات الإيرانية والتركية هي على المشاركين في المؤتمر وليس على جدول أعماله وأهدافه. وحتى الولايات المتحدة ستجد نفسها خارج إطار المعادلة الإقليمية إن استطاع الروس تحقيق حق تقرير المصير للأكراد، وبذلك تتحول موسكو للضامن السياسي للمشروع الكردي في المنطقة.



فللروس مسارات ثانوية بالإضافة للرئيسة في أستانة. فدعوة مصر والمملكة العربية السعودية وقطر لها أهدافها التي تتجاوز التسوية السياسية في سوريا إلى إعادة ترتيب الشرق الأوسط من وجهة النظر الروسية.



ففي حال حدوث مصالحة تركية مصرية على سبيل المثال، فإن ذلك سيفرض توافقات أخرى تتجاوز سوريا إلى ليبيا، مما سيغير من موازين القوى في حوض المتوسط لصالح روسيا أولا. بالإضافة إلى ذلك، فإن الملف اليمني لن يكون بعيدا عن جدول أعمال مؤتمر أستانة مع صعوبة الخيارات في ذلك الملف، إلا أن انضمام سلطنة عمان للتحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب قد يعد مؤشرا على حدوث حلحلة كبرى في ذلك الملف تحديدا.



مهما قيل أو سيقال عن جملة التحولات الأخيرة في الشرق الأوسط إلا أنها نتيجة طبيعية لتراجع الدور الأمريكي في دعمه لحلفائه في المنطقة، مما سيؤثر على دورها في ملفات حيوية.

وما الانتفاضة الدبلوماسية الأخيرة لإدارة الرئيس أوباما في مجلس الأمن أو طردها للدبلوماسيين الروس إلا تعبير عن حالة العزلة التي تعاني منها هذه الإدارة داخليا وخارجيا. فملفات الشرق الأوسط سوف تفرض نفسها على الرئيس ترامب حتى قبل انقضاء أيامه المئة الأولى في البيت الأبيض، وترامب يعي تماما أن كم ما استحوذت عليه روسيا في الشرق الأوسط يتعارض وكل ثوابت الولايات المتحدة من حيث مصالحها.



فإن استطاعت موسكو تحقيق تقارب بين العراق وتركيا، فإن روسيا ستتواجد في العراق ميدانيا، مما يعني تحولها لخط تماس مباشر في الحرب الباردة المتصاعدة.



[email protected]