يصنعون لعقلك مقبضا!
الجمعة - 23 ديسمبر 2016
Fri - 23 Dec 2016
فكر الوصاية في الذات العربية أصيل بشكل عجيب، يجعلك في حيرة من أمرك، لا تعلم كيف تخرج من نفقه، فإن كان رب الأسرة وصيا على أسرته، فأحيانا تجد من يعارض وصايته، في مثل إجبار أبنائه (وهم أبناؤه) على تخصص معين، أو تزويجهم لأمور يراها هو، فمفهوم الوصاية فضفاض، يتجاوز المنطق حين يغالي الوصي الحقيقي، وينحسر حين يفرط ويترك الحبل على الغارب متخليا حتى عن حوار الخبير.
الوصاية المرة، بل المزعجة حين تأتي من الآخرين، كالرئيس في العمل، أو القريب الأكبر، أو الأستاذ، وتتجاوزه في المرارة حين تكون في الفكر، فيعمد كبار المفكرين إلى دور الوصي على المفكرين الأصغر، وتقريعهم حين يشعرون أنهم لم يقولوا أو يفعلوا ما يريدونه هم.
قبل شهر تقريبا كتبت مقالة عن (الأدباء والأكاديميين)، شكرت فيها مؤتمر الأدباء على حسن التنظيم، وهذا ما وافقني عليه المشاركون والحاضرون، وجاءتني ردود سلبية بالطبع، وهي ظاهرة صحية أفرح بها، فكثرة الموافقات توحي بأني لم أكتب، أو أن الموافق لم يقرأ، لكن ردا واحدا من رجل أعتز به كثيرا أدارني في فلك الحيرة عما يقصده أو يريده.
«ليت الناس ينسون ما كتبت، وليتك لا تنسى أنك كتبت هذا»، كانت هذه عبارات الرد ذي الفضاءات التأويلية المتعددة، من لغته، ومن شخصية كاتبه، فالتمني بأن ينسى الناس ما كتبته دال على سوء مكتوبي وأني جئت شيئا نكرا، والتمني الثاني أن أستاذي ينزهني عن هذا السوء، لكنه يوحي أيضا بأن ثمة حسابا ينتظرني، ويجب ألا أنسى أني أذنبت، ومجمل التعبير يقود إلى الإيحاء بشذوذي عن قاعدة ذهنية وضعني داخلها، وقد خرجت عن إطارها المتخيل، لتصل بي حيرتي إلى بؤرة الوصاية الافتراضية على حسابات خاصة لا أعلم مرجعيتها، فربما تعود إلى (طيف أو تيار أو موقف)، أو ربما يكون التعبير كله انفعالا لحظيا حملته سؤالاتي أكثر مما يحتمل.
سؤالاتي منذ تلك العبارة تدوي في جمجمتي، وقد كتبت بعضها، لكنه ربما تعالى عن الإجابة، أو أخبره حدسه عن صخب أسئلتي، فتركني في حيرتي، لكنه ربما لا يعلم أن كل تلك الأسئلة شكلت أعاصيرها المخروطية الصاعدة، فتكثفت في زجاج ذهني بمفهوم (وصايته)، ولا أقبل مطلقا أن يتوهم إنسان مهما كان قربه مني أو محبتي له أني سأسلمه عقلي وفكري ليكتب فيه أو به، وأربأ بنفسي عن كل حساب أو تصنيف، وأجله عن حصار الأوصياء.
يجب أن يتخلى رموزنا الأجلاء عن التفكير نيابة عنا، وعن النظر إلينا دمى تحركها رؤاهم في أطر ذهنية يتخيلونها، وأن ينزلوا إلى أرضنا قليلا فيحاوروننا أجدى من تصوير ذواتهم أوصياء غلاة، في التمرد على قيودهم حياة لأفكارنا وشخصياتنا.
[email protected]
الوصاية المرة، بل المزعجة حين تأتي من الآخرين، كالرئيس في العمل، أو القريب الأكبر، أو الأستاذ، وتتجاوزه في المرارة حين تكون في الفكر، فيعمد كبار المفكرين إلى دور الوصي على المفكرين الأصغر، وتقريعهم حين يشعرون أنهم لم يقولوا أو يفعلوا ما يريدونه هم.
قبل شهر تقريبا كتبت مقالة عن (الأدباء والأكاديميين)، شكرت فيها مؤتمر الأدباء على حسن التنظيم، وهذا ما وافقني عليه المشاركون والحاضرون، وجاءتني ردود سلبية بالطبع، وهي ظاهرة صحية أفرح بها، فكثرة الموافقات توحي بأني لم أكتب، أو أن الموافق لم يقرأ، لكن ردا واحدا من رجل أعتز به كثيرا أدارني في فلك الحيرة عما يقصده أو يريده.
«ليت الناس ينسون ما كتبت، وليتك لا تنسى أنك كتبت هذا»، كانت هذه عبارات الرد ذي الفضاءات التأويلية المتعددة، من لغته، ومن شخصية كاتبه، فالتمني بأن ينسى الناس ما كتبته دال على سوء مكتوبي وأني جئت شيئا نكرا، والتمني الثاني أن أستاذي ينزهني عن هذا السوء، لكنه يوحي أيضا بأن ثمة حسابا ينتظرني، ويجب ألا أنسى أني أذنبت، ومجمل التعبير يقود إلى الإيحاء بشذوذي عن قاعدة ذهنية وضعني داخلها، وقد خرجت عن إطارها المتخيل، لتصل بي حيرتي إلى بؤرة الوصاية الافتراضية على حسابات خاصة لا أعلم مرجعيتها، فربما تعود إلى (طيف أو تيار أو موقف)، أو ربما يكون التعبير كله انفعالا لحظيا حملته سؤالاتي أكثر مما يحتمل.
سؤالاتي منذ تلك العبارة تدوي في جمجمتي، وقد كتبت بعضها، لكنه ربما تعالى عن الإجابة، أو أخبره حدسه عن صخب أسئلتي، فتركني في حيرتي، لكنه ربما لا يعلم أن كل تلك الأسئلة شكلت أعاصيرها المخروطية الصاعدة، فتكثفت في زجاج ذهني بمفهوم (وصايته)، ولا أقبل مطلقا أن يتوهم إنسان مهما كان قربه مني أو محبتي له أني سأسلمه عقلي وفكري ليكتب فيه أو به، وأربأ بنفسي عن كل حساب أو تصنيف، وأجله عن حصار الأوصياء.
يجب أن يتخلى رموزنا الأجلاء عن التفكير نيابة عنا، وعن النظر إلينا دمى تحركها رؤاهم في أطر ذهنية يتخيلونها، وأن ينزلوا إلى أرضنا قليلا فيحاوروننا أجدى من تصوير ذواتهم أوصياء غلاة، في التمرد على قيودهم حياة لأفكارنا وشخصياتنا.
[email protected]