محمد العوفي

المساومة لإقراض المنشآت الصغيرة

الخميس - 24 نوفمبر 2016

Thu - 24 Nov 2016

التحديات التي تواجه رفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي من مستواه الحالي عند 21%، إلى 35% في رؤية 2030، ورفع الإنتاج النقدي أربعة أضعاف من 600 مليار ريال إلى 2400 مليار خلال الـ 15 عاما المقبلة كثيرة، بعضها يتعلق بالتشريعات والأنظمة، أو بالمنشآت نفسها، وبعضها ما يرتبط بالاقتصاد وهيكلته، وقضايا التمويل والإقراض، ولكل واحد منها تعقيداته التي تحتاج إلى مقال مستقل.



وإنشاء الهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة كان اللبنة الأولى في تجاوز هذه التحديات، وتوفير بيئة تشريعية تسهم في دعم وتطوير قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ورفع مساهمتها في الناتج الإجمالي لتقود المستقبل الاقتصادي، والآمال معقودة عليها في ذلك، وإن كانت هذه التحديات ليست بذات السهولة لتداخلها مع بعضها بعضا.



أبرز هذه التحديات إحجام البنوك عن إقراض وتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة لارتباطها بجهات خاصة ومستقلة تعمل من أجل الربحية، ولا تزال هذه المعاناة قائمة حتى بعد تأسيس الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، فنسبة إقراض هذه المؤسسات لا تتجاوز 2%، وهي نسبة ضئيلة لا تتناسب مع المستقبل المعقود على هذه المنشآت في قيادة النمو الاقتصادي في المستقبل.



وفي إشارة إلى تحفظ البنوك على إقراض هذه المنشآت حتى بعد إنشاء الهيئة، كشف محافظ الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة الدكتور غسان السليمان في تصريح نقلته صحيفة «عكاظ» أن العمل جار لإجبار البنوك السعودية على رفع نسبة إقراض المنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى 20% بدلا من 2%، أي ما يعادل 10 أضعاف النسبة الحالية، وأن ثلاثة بنوك فقط تتحمل قروض هذه المنشآت بنسبة 80%، من مجموع 12 بنكا، وأضاف أنه سيتم وضع محفزات لهذه البنوك، من خلال الاجتماع مع مؤسسة النقد لإيجاد

حلول مناسبة لدعم رواد الأعمال الصغيرة.



ما يفهم من تصريحات محافظ الهيئة أن المساعي الودية ومحاولة إقناع البنوك برفع نسبة إقراض المنشآت الصغيرة والمتوسطة وصلت إلى طريق مسدود، وأنه لم يبق أمام الهيئة خيار آخر سوى العمل مع الجهات الرسمية لإجبار البنوك على إقراض هذه المؤسسات، وتقديم حوافز للبنوك المقرضة، وهو نفس الأسلوب الذي استخدمته وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وصندوق الموارد البشرية «هدف» لتوظيف السعوديين في شركات القطاع الخاص، حتى وإن اختلف السيناريو فالفكرة واحدة، مما يفتح باب المساومة من قبل البنوك من أجل التوسع في إقراض هذه المنشآت.



من الطبيعي جدا أن تتحفظ البنوك على تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ما لم يكن هناك ضامن لتمويل هذه المشاريع، وهو حق مشروع لأن هذه البنوك مسؤولة عن أموال مساهمين يهمهم العائد والربح فقط، لا سيما أن مجلس الوزراء عندما نقل نشاط تمويل هذه المنشآت من البنك السعودي للتسليف والادخار إلى صندوق التنمية الصناعية السعودي، نص على أن يكون مختصا ببرامج تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة أو ضمان تمويله، كما أن مواد تنظيم الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة نصت على دعم إنشاء شركات متخصصة في تمويل المنشآت الصغيرة، وتفعيل دور البنوك وصناديق الإقراض، وتحفيزها لأداء دور أكبر وفعال في التمويل والاستثمار في المنشآت، مع تحفيز مبادرات قطاع رأس المال الجريء.



فمن الأولى أن تعمل الهيئة على تفعيل ما ورد في قرار مجلس الوزراء في تمويل هذه المشاريع أو ضمان التمويل المقدم لها سواء من البنوك أو جهات التمويل الخاصة، وتفعيل ما نصت عليه مواد تنظيم الهيئة المتعلق بدعم إنشاء شركات متخصصة في تمويل هذه المنشآت، والاستمرار في التنسيق مع البنوك شريطة أن تبتعد عن مبدأ المحفزات كي لا يصبح مجالا للمساومة على التوسع في الإقراض مستقبلا.



[email protected]