ما أهمية هذا الاكتشاف؟
في الصفحة الأولى من هذه الجريدة وبخط عريض جاء هذا العنوان (باحث يسجل مأخذا عقديا على وجود قبر الرسول في المسجد). ومضمون البحث
في الصفحة الأولى من هذه الجريدة وبخط عريض جاء هذا العنوان (باحث يسجل مأخذا عقديا على وجود قبر الرسول في المسجد). ومضمون البحث
الثلاثاء - 02 سبتمبر 2014
Tue - 02 Sep 2014
في الصفحة الأولى من هذه الجريدة وبخط عريض جاء هذا العنوان (باحث يسجل مأخذا عقديا على وجود قبر الرسول في المسجد). ومضمون البحث الخوف على العقيدة كما يقول صاحبه، وهذه هي الحجة الطاغية التي محيت بها آثار النبي، صلى الله عليه وسلم، وآثار الإسلام في مكة والمدينة وفيما بينهما من المواقع والغزوات النبوية والأماكن التي لها صلة بتاريخه، صلى الله عليه وسلم، وصحابته من بعده والمسلمين عامة وخاصة، ونالت من مساجده ومواقع غزواته وكل ما يمت إلى تاريخ السيرة ومواضعها، منذ ما يسمى الصحوة التي كشفت لنا، المخالفات العقدية كما يقولون، لكن قبل مناقشة البحث واكتشاف الخطر على العقيدة، فقد سبقني أخي الدكتور محمد الدبيسي بمقال عن الموضوع في هذه الجريدة يوم الخميس الماضي ناقش فيه رأي الباحث وما تطرق إليه، وأظن الأمر يحتاج إلى أكثر من مقال لوقف «شنشنة عرفناها من أخزم» وبيان ما عليه الأمة منذ العهد الأول وإقرار ما ينكره بعض المعاصرين ومنهم هذا الباحث وغيره.
ولكني أؤكد أن مقالي هذا ليس اعتراضا على براءة العقيدة (الإيمان) ونقائها وسلامتها من الشرك التي أشار إليها الباحث، أو ظن أنه وجد جديدا. فنحن المعاصرين له ومن سيأتي بعدنا سينقذ اكتشافه عقيدتنا وينزهها من المحاذير، لكن السؤال الذي لم يرشدنا إليه هو ما شأن الصحابة؟ وشأن التابعين وشأن المسلمين الذين مضوا إلى الدار الآخرة ولم يعلموا بهذا المحذور العقدي، كيف يكون الحكم عليهم، وكيف يكون موقفنا نحن بعد هذا الاكتشاف، ونحن الذين نقول ليل نهار: إنهم، رضي الله عنهم، نقلوا لنا سنة محمد، صلى الله عليه وسلم، ودينه وبلغونا ما كان عليه هو وأصحابه، وكيف يفسر لنا موقف الصحابة ومنهم المبشرون بالجنة وأمهات المؤمنين والتابعون، وبقية المسلمين من قبر النبي، صلى الله عليه وسلم، وحرص صاحبيه على أن يكونا معه في بناء تحيط به الجدران الأربعة وتعلو أسواره قبل إدخاله في المسجد وبعده؟ ثم كيف أقر التابعون هذه المحاذير العقدية ولم يخشوا منها على عقائد الناس ولم يكتشفوا ما كشفه البحث، وقبره ومسجده مكان ومزار تشد إليه الرحال من مشارق الأرض ومغاربها، ولم تنقطع زيارته من كافة المسلمين حتى اليوم؟ هذه واحدة.
أما الثانية فماذا يريد أن يقول البحث وصاحبه؟ هل يريد أن يقول إن المسلمين منذ دفن النبي، صلى الله عليه وسلم، في مكانه هذا كان على عقيدتهم مآخذ، وهم الذين علموا يقينا ما علمه الباحث، ورأوا يقينا ما رآه في الحال والمكان؟ ولم يأت البحث بشيء يخفى على الناس، أو يجهله العامة والخاصة حتى جاء هو وكشفه في بحثه وأظهره وأقام الحجة به، فما يتحدث عنه أقره الصحابة وأقره التابعون وأقره المسلمون إلى اليوم.
إن إثارة المحاذير والتخويف بها والتشويش على المسلمات التي مضى عليها علماء المسلمين وعامتهم تنطع بغير دليل ولا حجة لصاحبه، ومخالفة لما أجمع المسلمون على قبوله بعد رؤيته، وعلمهم به ومعرفتهم بالحال الذي كان عليه المقام، وما زال الأمر كذلك، ولكن الرؤية الخاصة لبعض الناس ـ هداهم الله ـ حول هذه القضية قديمة، وقد حدثنا أول من كلف بتحرير مجلة البحوث الإسلامية التي كانت تصدر عن دار الإفتاء والبحوث الإسلامية في الرياض أنه وضع على غلاف العدد الأول منها صورة الكعبة المشرفة ووضع على غلاف العدد الثاني صورة القبة الخضراء - التي يطالب البحث بعدم تجديد طلائها وإزالة ما عليها - قال رئيس تحرير تلك المجلة (فجاء أحد المشايخ يحمل العدد وألقاه على مكتب الشيخ ابن باز وقال: أتوضع هذه القبب والبدع على مجلتنا؟ فقال الشيخ ابن باز - والكلام لرئيس التحرير- لعل الأخ فلان اجتهد ولم يقصد ذلك). هذا النص على لسان رئيس تحرير المجلة يدل على الرؤية الخاصة لبعض من يعدون أنفسهم حماة للعقيدة، ومن حسن الحظ أن مثل هذه المجلات تصدر ولا يقرؤها أو يعلم بها وبما تنشر إلا القليل. لكن ما الذي جعل هذه الآراء الضيقة المنكرة تتكرر من وقت لآخر؟ لا بد من وضع حد لهذا التشويش والبلبلة وعدم السكوت عنها وإنكار ما يثيرونه من أشياء انتهى المسلمون منها في العهد الأول واستقر العمل بها.