شروط الاستثمار في الإنسان

يتربع على أديم أرضكم هذه الواسعة سبعة مليارات ومئة واثنان وتسعون مليونا وخمسمئة ألف نسمة من عقب أبيكم آدم عليه السلام، هذه عدتهم قبل شهرين من اليوم ولاشك أنهم زادوا ملايين منذ ذلك الوقت، وتتقدم الصين العالم كله عددا بمليار وثلاثمئة وأربعة وستين مليونا وأربعمئة وخمسين ألفا، وتأتي في ذيل العالم في عدد السكان من الدول المستقلة ذات السيادة آيسلاندا وتحتضن ثلاثمئة وخمسة وعشرين ألفا وستمئة وواحد وسبعين فردا فقط لا غير.

يتربع على أديم أرضكم هذه الواسعة سبعة مليارات ومئة واثنان وتسعون مليونا وخمسمئة ألف نسمة من عقب أبيكم آدم عليه السلام، هذه عدتهم قبل شهرين من اليوم ولاشك أنهم زادوا ملايين منذ ذلك الوقت، وتتقدم الصين العالم كله عددا بمليار وثلاثمئة وأربعة وستين مليونا وأربعمئة وخمسين ألفا، وتأتي في ذيل العالم في عدد السكان من الدول المستقلة ذات السيادة آيسلاندا وتحتضن ثلاثمئة وخمسة وعشرين ألفا وستمئة وواحد وسبعين فردا فقط لا غير.

الثلاثاء - 26 أغسطس 2014

Tue - 26 Aug 2014



يتربع على أديم أرضكم هذه الواسعة سبعة مليارات ومئة واثنان وتسعون مليونا وخمسمئة ألف نسمة من عقب أبيكم آدم عليه السلام، هذه عدتهم قبل شهرين من اليوم ولاشك أنهم زادوا ملايين منذ ذلك الوقت، وتتقدم الصين العالم كله عددا بمليار وثلاثمئة وأربعة وستين مليونا وأربعمئة وخمسين ألفا، وتأتي في ذيل العالم في عدد السكان من الدول المستقلة ذات السيادة آيسلاندا وتحتضن ثلاثمئة وخمسة وعشرين ألفا وستمئة وواحد وسبعين فردا فقط لا غير.

الصين بهذا الكم الرهيب من البشر عضو في الأمم المتحدة وعضو في منظمة التجارة العالمية، وتأتي بالمرتبة الثانية اقتصاديا بعد الولايات المتحدة الأمريكية، ومثلها آيسلندا بعددها الذي لا يزيد على أن يكون سكان عمارة متوسطة المساحة في الصين، وهي عضو في الأمم المتحدة وعضو في حلف الناتو وعضو في منظمة التجارة الأوروبية، وهي البلد السابع الأكثر إنتاجية حتى 2007م، قبل أزمة الرهن العقاري في أمريكا وأوروبا الذي أصابها في مقتل.

ذكرت هذين المثالين المتطرفين في العالم من الكثرة السكانية الهائلة ومن القلة القليلة من السكان، وكل منهما له في المنظومة الدولية حقوق، وكل منهما يتقدم في الإنتاج والاقتصاد في العالم بنسبة معادلة لعدد سكانه، الكثرة في سكان الصين والقلة في سكان آيسلاندا، وما أريد الوصول إليه أن الكثرة السكانية ليس من الضرورة أن تكون سببا في كثرة الإنتاج والازدهار الاقتصادي في الدولة، ولا قلة السكان تكون سببا في الركود الاقتصادي والخمول وضعف الإنتاج، لأن الحراك البشري يعتمد على نخبة من المجتمع قد لا تزيد على 10% من مجموع سكانه، وفي بعض الحالات 20%، وقلما يزيد عدد الفاعلين المؤثرين في إنتاج المجتمع عن هذه النسبة لكنها نسبة تحرك المجتمع كله ليسير بسيرها ويتحرك بفكرها وتخطيطها وتأثيرها فيعمها فضل النخبة من عدد سكانها، والتي تقودها إلى النجاح أو تجرها إلى الركود والكساد، مستحيل أن تكون كثرة المجتمع هي الفاعل المؤثر، ولكن يستجيب المجتمع لتأثير النخبة القليلة مهما كان عددها والانطلاق معها في الطريق الذي ترسمه قدراتها وإمكاناتها، أو تجهضه إذا كانت النخبة غير فاعلة أو متلوثة بالفساد والأطماع.

قبل أربعين سنة كانت الصين أكثر دول العالم فقرا مع عدد سكانها الكبير، وكانت آيسلاندا من أكثر دول العالم ثراء مع قلة سكانها. وما جعل الصين تقفز هذه القفزات الهائلة في الإنتاج وتسبق العالم كله ليس عدد السكان فقد كانت الأكثر سكانا منذ وجدت، لكن ما جعلها تصل إلى ما وصلت إليه هو التخطيط السليم ورعاية الاقتصاد وتشجيع الإنتاج وفتح مجالات واسعة لحرية العمل وحرية الاقتصاد، والشفافية في كل شيء ومحو الفساد والفاسدين مهما كان مكانهم في المجتمع، وأقل رشوة ولو كانت بضعة آلاف تكلف المرء حياته بدون رحمة أو شفقة، وكذلك محو الاستغلال والمستغلين وتطهير الأرض منهم.

إن الذين يتكلمون عن الاستثمار الناجح في الإنسان وتنمية قدراته والاعتماد عليه يصيبون كبد الحقيقة، ولكن كيف يكون الإنسان منتجا وكيف يكون الإنسان هو بذاته ثروة لوطنه؟ هناك شروط لا بد منها، ليست الكثرة السكانية شرطا من شروط الإنتاج، وليست القلة أيضا سببا في ضعف الإنتاج أو عدمه.

الشروط التي يجب أن يحققها من يريد أن يجعل من أيدي السكان وعقولهم مصادر ثروة وقوة إنتاج يحتاج إلى:

تعليم ممتاز يقوم على بعث الابتكار في العقول ويتمتع بحرية الإرادة والاختيار والمنهج الذي يخلق التحدي الصعب، تعليم لا يعد الكثرة بل ينظر إلى الجودة والاتقان والعمل الدؤوب الذي ينقطع إليه المتخصصون ويحسنون فيه ويشجع الابتكار والإبداع.

شفافية متناهية في حفظ المال العام وتنمية الخاص، ووضع الخطط السليمة لدورة الاقتصاد الطبيعية بدون استغلال، ولا احتكار، وقطع دابر المحسوبية والمصالح الخاصة التي تعرقل العدالة الاجتماعية، ووضع القوانين التي تحمي الصغير والكبير من قيود البيروقراطية وجمودها وأنظمتها التي تعرقل النشاط الحر، لأن الاقتصاد لا ينمو ويزدهر إلا في جو الحرية والشفافية والفرص المتاحة أمام الجميع.

إذا تحققت هذه الشروط صار الإنسان منتجا وصلح فيه الاستثمار.