ربط السياسة بالسياسة

نكتة أمريكية قديمة تتحدث عن رجل دخل أحد المطاعم التي تقدم لحوم البشر، فعرف من قائمة الأسعار أن لحم الشعراء بخمسة دولارات، والصياد بسبعة دولارات، والمحامين بعشرة دولارات، والسياسيين بمئتي دولار، وحين سأل عن سبب ارتفاع سعر لحم السياسيين قيل له إن المطعم يتكلف كثيراً في عمليات تنظيف هذا النوع من اللحم قبل طهوه!

وأظن أن وجود سياسي شريف يشبه وجود سكر مُملح أو ضوء مظلم! ورئيس الوزراء البريطاني الأشهر «ونستون تشرشل» يؤكد على هذا المعنى؛ فحين قالت له قريبته إنها ستتزوج من سياسي شريف، قال لها إنها ستضطر حينها للزواج من شخصين أحدهما سياسي والآخر شريف، لأنه لا يوجد شخص يجمع الصفتين معاً! وقريبته تلك قد تزوجت من «أنطوني إيدن»، (وكانت زوجته الثانية)، وهو وزير خارجية «تشرشل»، وقد أصبح رئيساً للوزراء بعد ذلك، ولم يكن يتمتع لا بالسياسة (استقال بعد أقل من عامين)، ولا بالشرف (راجع موقفه في العدوان الثلاثي على مصر). والسياسي ينطبق عليه وصف الشاعر الفرنسي «أندريه برتون» الذي يقول: «كلنا يرتدي الأقنعة. ولا بد من أن يأتي وقت يعجز واحدنا عن خلع قناعه من غير أن ينزع معه قطعة من جلده»! ووجوه السياسيين مقطعة ومشوهة. أما الشاعر المصري الكبير «صلاح جاهين» فقد ألمح في رباعياته إلى أن طبيعة العمل السياسي هي من تدمر السياسيين فقال: «قالوا السياسة مهلكة بشكل عام.. وبحورها يا بني خشنة مش ريش نعام.. غوص فيها تلقى الغرقانين كلهم.. شايلين غنايم، والخفيف اللي عام». وكحل وسط يحاول السياسيون تعويض ما ينقصهم بأن يكونوا محافظين، ولكن يبدو أن هذا يدفعهم للفشل، فالسياسي المحافظ يجلس ويفكر وغالباً يجلس فقط مثلما قال الرئيس الأميركي الأسبق «وودرو ويلسون»، كما أن لديه ساقين جيدتين لكنه لا يتعلم أبداً كيف يسير إلى الأمام مثلما وصفه الرئيس الأميركي الأشهر «فرانكلين روزفلت».

السياسة لعبة تتضمن اتخاذ قرارات غير تقليدية والقيام بأعمال غير أخلاقية وإعطاء أوامر غير مرتبطة بأية قيم إيجابية، وبالتالي فلا يمكن أن تكون معايير ممارسيها في معظم الأحيان متقاطعة مع الأخلاق أو الدين، ومن هنا لا يصح ربط السياسة بغير السياسية.