الإغراق والغش والسعر تهدد صناعة الحديد
يحذر المتعاملون في صناعة الحديد السعودية والخبراء الاقتصاديون من تضرر هذه الصناعة الاستراتيجية جراء عدد من الممارسات والإجراءات والقرارات المؤثرة سلبا على مسارها والتي تهمش دورها كرافد اقتصادي وطني
يحذر المتعاملون في صناعة الحديد السعودية والخبراء الاقتصاديون من تضرر هذه الصناعة الاستراتيجية جراء عدد من الممارسات والإجراءات والقرارات المؤثرة سلبا على مسارها والتي تهمش دورها كرافد اقتصادي وطني
السبت - 16 أغسطس 2014
Sat - 16 Aug 2014
يحذر المتعاملون في صناعة الحديد السعودية والخبراء الاقتصاديون من تضرر هذه الصناعة الاستراتيجية جراء عدد من الممارسات والإجراءات والقرارات المؤثرة سلبا على مسارها والتي تهمش دورها كرافد اقتصادي وطني.
وأكدوا على أهمية تدخل الحكومة لإصلاح أوضاع سوق الحديد السعودية، التي تعاني من الإغراق بسبب الحديد المستورد، وخاصة من تركيا والصين وأوكرانيا من جهة، ووقف ممارسات الغش التي تقوم بها بعض مصانع الحديد الصغيرة من جهة أخرى، ناهيك عن تحديد السعر وإيقاف التصدير.
غزو خارجي يضعف إنتاج المصانع المحلية
موزع الحديد خالد السالم يشير إلى أن هناك غزوا من الحديد الصيني والتركي والأوكراني يستهدف دول المنطقة، ومنها السعودية، حيث بلغت صادرات الحديد الصيني لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي 2014 نحو مليون طن، واستوردت السعودية قرابة 750 ألف طن من حديد التسليح التركي خلال الفترة نفسها، والكمية من أوكرانيا في المتوسط تصل إلى 400 ألف طن سنويا، مما سيلحق بصناعة الحديد السعودية أضرارا كبيرة قد تؤدي إلى خفض إنتاج المصانع السعودية، ولاسيما مع وجود فائض كبير من الإنتاج المحلي يصل إلى نحو مليون و550 ألف طن.
ودعا إلى فرض رسوم إغراق على الحديد المستورد، وتكثيف الرقابة على الأسواق لضبط الحديد المغشوش، بعد أن تمت مصادرة كميات من الحديد المغشوش أخيرا في المملكة بحسب تصريح وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية الدكتور حبيب زين العابدين، ومحاسبة المصانع الصغيرة التي تنتج حديدا غير مطابق للمواصفات والمقاييس ويجد في الوقت ذاته طلبا من عدد من المقاولين بسبب فارق السعر الذي يصل إلى 450 ريالا في الطن الواحد، على الرغم من خطورة هذه المنتجات.
فرض رسوم لحماية المنتج الوطني ضرورة
من جهته طالب علي التركي صاحب شركة لتوزيع وبيع الحديد، الحكومة بالتدخل لوضع حد لإغراق السوق السعودية بالحديد المستورد حتى لا نصل إلى مرحلة إغراق السوق وتضرر المصانع المحلية التي قد يضطر بعضها في حالة استمرار الوضع الراهن إلى تخفيض الإنتاج ووقف بعض خطوط الإنتاج، مشيرا إلى أن هناك دولا مجاورة مثل الإمارات والأردن والمغرب والجزائر فرضت رسوم حماية على الحديد المستورد لحماية منتجها المحلي.
واعتبر أن الشركات المصدرة للحديد للسعودية تسعى إلى إغراق السوق بمنتجات الحديد، خصوصا مع وجود فائض كبير في إنتاج الحديد لدى تلك الدول، موضحا أن تركيا كانت تنتج 3 ملايين طن حديد في عام 1993، وفي عام 2013 ارتفع إنتاجها إلى 40 مليون طن، منها 30 مليون طن للتصدير، وبالتالي المصانع التركية تبحث عن أسواق للتصدير حتى ولو بسعر التكلفة، ومنها السوق السعودية.
وأشار إلى أن بعض الدول قد بدأت تتعامل مع المنتجات التركية والصينية وغيرها بحذر، وخاصة دول أوروبا، وبالتالي اتجهت أنظار الشركات التركية إلى دول مثل السعودية ومصر كأسواق استهلاكية كبيرة يمكن من خلالها تسويق معدلات كبيرة من المنتجات، وأكبر دليل على ذلك أن واردات المملكة من الحديد التركي قاربت مستوى 800 ألف طن في النصف الأول من العام الجاري 2014.
ويعتبر استمرار الوضع الراهن من خلال السماح باستيراد الحديد من تركيا والصين وغيرهما من الدول بدون ضوابط يعني أن الحديد المحلي يتعرض إلى منافسة غير عادلة، مشيرا إلى أن تركيا فرضت في بداية تحقيق النهضة رسوم إغراق على الحديد الأوكراني وما زالت هذه الرسوم مفروضة حتى الآن، ولم تدخل تركيا أي قطعة حديد من أوكرانيا حفاظا على عدم إغراق السوق والحفاظ على صناعة الحديد في تركيا والتي وفرت مئات الآلاف من فرص العمل، وحققت أرباحا بالمليارات لأصحابها.
أرق المصانع
أكدت أبحاث مخبرية وجود غش تجاري في بعض مصانع الحديد المحلية الصغيرة، والتي تنتج حديدا غير مطابق للمواصفات والمقاييس.
وتدور أحاديث في السوق السعودي بدخول أساليب للغش في منتج الحديد، وهذه الخطوة تعتبر من أهم المشكلات التي تؤرق مصانع الحديد الكبيرة، حيث يوجد ضعاف نفوس يقومون بالغش في الحديد وتخفيف جودته، معتمدين على أن الحديد المغشوش لا يمكن كشفه وتحليله إلا في المختبرات، وليس عن طريق النظر فقط والاختبارات اليدوية، لأن الغش هو في المكون الذي يخلط أثناء صب الحديد.
ومن خلال البحث السوقي الذي قامت به «مكة» وجدت أن الفرق في السعر بين المنتج الأصلي مضمون المواصفات والمعروف المصدر، والمنتج المغشوش أو على الأقل المجهول المصدر هو قرابة 450 ريالا للطن، وقد تمت مصادرة بعض الأطنان المغشوشة من حديد التسليح قبل فترة، وأثار هذا الأمر لغطا كبيرا في الأوساط التجارية والاقتصادية، إلا أن هذه الخطوة تعتبر غير كافية، وما يجب فعله هو القضاء على المصدر الفعلي لها، وهي بعض المصانع الصغيرة التي لا تلتزم بالمواصفات، مع استغراب بيع الحديد المغشوش الذي تقل فيه نسبة الحديد بشكل علني، بحسب تصريح سابق لوكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية الدكتور حبيب زين العابدين.
وقامت وزارة التجارة والصناعة السعودية بجهود في الفترات الماضية لمحاربة الغش التجاري من خلال مصادرة الحديد المغشوش منخفض الجودة، وتسعى من خلال الرقم المجاني للشكاوى والملاحظات، إلا أن هذه الخطوة لا تعتبر كافية بنظر المتعاملين في السوق.
ارتفاع الطلب
تعتبر الشركات التركية والصينية التي تنفذ مشاريع بمبالغ ضخمة في المملكة من أكبر المساهمين في استيراد كميات كبيرة من الحديد من بلدانها، ومن المؤسف أن يتم العمل بهذه المنتجات المستوردة في مشاريع كبيرة كمركز الملك عبدالله المالي، ومشاريع البنية التحتية في البلاد، على الرغم من توفر المنتج المحلي الذي يتميز بمواصفات عالمية.
وبما أن الدراسات التي تمت للسوق والمشاريع المتوقعة فيها تشير إلى أن دول الخليج ستستثمر حوالي 385 مليار دولار في المشاريع الإنشائية الجديدة بين هذه العام وحتى عام 2016 مما يجعلها تحتاج إلى ما يقرب من 53.5 مليون طن من الصلب، مما يرجح تواصل الاستيراد نظرا لعدم تغطية السوق بالمنتج المحلي، إلا أن هذا الأمر اقتصر على فتح الاستيراد على مصراعيه على الرغم من توجه مصانع الحديد المحلية إلى توسعة استثماراتها لتلبية المشاريع مما يدعو إلى دعمها بالسيولة من الجهات المعنية وتقديم التسهيلات لتكون السعودية بلدا مصنعا مع تقديم الاستشارات والحلول لهذه المصانع لتقدم الفائدة المرجوة للبلد وتدوير السيولة محليا مع بقائها داخل حدوده.
وكانت وزارة التجارة والصناعة قد اشترطت في السابق نظير الزيادة في الطلب على حديد التسليح ضمن مواصفاتها استخدام الحديد السعودي، كما أشارت إلى أن المادة الرابعة والستين من نظام الوزارة تقضي بأنه يجب أن يكون التعاقد على أساس شروط ومواصفات فنية دقيقة ومفصلة مطابقة للمواصفات القياسية المعتمدة، أو المواصفات العالمية فيما ليس له مواصفات معتمدة.
مخاوف الإغراق
الخبير بأسواق البناء والتشييد إبراهيم العنزي يوضح أن هناك تخوفا مشروعا لدى صناع الحديد من إغراق الحديد المستورد لأسواق المملكة، خاصة أنه بدأ في الانتشار بشكل كبير، مما ساهم في تحقق خسائر كبيرة بالمصانع المحلية، مشيرا إلى أن سعر الحديد المستورد على الرغم من تكلفة الشحن أقل من المنتج السعودي بنحو 100 ريال للطن في المتوسط، وذلك وفق الأسعار المعلنة على موقع وزارة التجارة والصناعة سابقا، قبل حجب هذه التسعيرة.
وذكر أن الحكومات التركية والصينية والأوكرانية قبل الأزمة التي تعيشها تقوم بدعم صناعاتها المحلية، وتقدم تسهيلات للصناع والمصدرين، والتي من بينها دعم تصديري بواقع 90 دولارا لكل طن حديد في الصين كنوع من أنواع التشجيع، مشيرا إلى أن الصين استطاعت أن تغزو جميع الدول العربية المجاورة. ويعتبر من أسباب هذا الغزو الصناعي تحجيم دور جمعية حماية المستهلك، وعدم وجود خطوط مفتوحة بين التاجر والمنتج لدعم المنتج المحلي، مشيرا إلى أهمية حماية المستهلك من الغش والمغالاة في الأسعار.
تفاوت الأسعار
بقيت أسعار بيع حديد التسليح في السوق المحلي على حالها وفقا لما هو معروض في موقع وزارة التجارة والصناعة منذ منتصف عام 2010، على الرغم أن السوق شهد انخفاضا وارتفاعا فيها بدرجات متفاوتة خلال تلك الفترة. وبحسب تفاصيل الموقع، تبلغ أسعار متوسط الحديد للشركات المصنعة محليا 3150 ريالا للطن لمقاس 8 ملم، و3110 ريالات لمقاس 10 ملم، و2930 ريالا لمقاس 12 ملم، و2910 ريالات لمقاس 14 ملم، و2900 ريال لمقاسي 16 و32 ملم، إلا أنه خلال الشهرين الماضيين شهدت أسعار الصلب ارتفاعا في السعر بنسبة تصل إلى %10جراء كثرة المشاريع.
وبحسب موقع الاتحاد العربي للحديد والصلب يتضح أن هناك انفصالا وبشكل ملحوظ بين أسعار الحديد بالسعودية وأسعار الحديد في العالم، حيث يظهر الموقع أن سعر الحديد العالمي عند 595 دولارا للطن وذلك يوم 14 أغسطس الجاري، بينما وفي نفس التاريخ كان سعر الحديد في السعودية 3000 ريال أو 800 دولار وبزيادة عن السعر العالمي بـ %34.5 ، كما يزيد سعر الحديد بالسعودية عن السعر الموجود بدول الخليج باستثناء البحرين.
مسار إنجليزي
تشير معظم التوقعات إلى أنه سيتم الاستفادة من الخبرة الروسية في عملية التطوير والتحديث المرتقبة، والتي أشرفت على دراساتها شركة تاتا استيل الإنجليزية وأعدت تقريرا اشترطت فيه أن تقوم شركة الحديد والصلب المصرية بسرعة تنفيذ خطة إنقاذ ضرورية تمثل الحد الأدنى المطلوب لصيانة الوحدات الحالية بتكلفة 367.3 مليون دولار.
واقترحت تاتا استيل 4 خيارات أخرى بجانب خطة الإنقاذ، أولها إنشاء وحدة جديدة لإنتاج المربعات بتكلفة 423.3 مليون دولار، والثاني إنشاء وحدة إنتاج تسليح جديدة بالإضافة إلى تنفيذ الاختيار الأول بتكلفة 523.3 مليون دولار. أما الخيار الثالث فيتمثل في إنشاء وحدة صب بلانكات ودرفلة فطاعات جديدة بقيمة 777.3 مليون دولار، ويتمثل الخيار الرابع الذي تبلغ تكلفته 731.8 مليون دولار في أن توقف الشركة إنتاج المسطحات وتتخصص في إنتاج القطاعات الطويلة. وانتهت شركة الحديد والصلب بعد دراسة المقترحات، بعمل توصيات للبدء في الخطوات التنفيذية لتنفيذ بنود المقترح الأول، بتكلفة استثمارية 423.38 مليون دولار شاملة قيمة تنفيذ خطة الإنقاذ الفورية بقيمة استثمارية 367.38 مليون دولار و6 ملايين دولار قيمة وحدة صب مستمر حديثة للمربعات بطاقة إنتاجية 690 ألف طن سنويا.