سعوديان في ملعب هاينزفيلد ماذا عن القيم؟
تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي والصحف الالكترونية بكثير من السخرية منظر تسلل الشابين السعوديين إلى ملعب هاينزفيلد بولاية بنسيلفانيا الأمريكية أثناء إقامة مباراة مانشستر سيتي الإنجليزي وميلان الإيطالي ضمن منافسات كأس الأبطال الدولية، حيث استبد بهما الشوق إلى أخذ لقطة «سيلفي» مع اللاعب ماريو بالوتيلي نجم ميلان
تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي والصحف الالكترونية بكثير من السخرية منظر تسلل الشابين السعوديين إلى ملعب هاينزفيلد بولاية بنسيلفانيا الأمريكية أثناء إقامة مباراة مانشستر سيتي الإنجليزي وميلان الإيطالي ضمن منافسات كأس الأبطال الدولية، حيث استبد بهما الشوق إلى أخذ لقطة «سيلفي» مع اللاعب ماريو بالوتيلي نجم ميلان
الأحد - 10 أغسطس 2014
Sun - 10 Aug 2014
تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي والصحف الالكترونية بكثير من السخرية منظر تسلل الشابين السعوديين إلى ملعب هاينزفيلد بولاية بنسيلفانيا الأمريكية أثناء إقامة مباراة مانشستر سيتي الإنجليزي وميلان الإيطالي ضمن منافسات كأس الأبطال الدولية، حيث استبد بهما الشوق إلى أخذ لقطة «سيلفي» مع اللاعب ماريو بالوتيلي نجم ميلان.
وكما هو متوقع في مثل هذه الأحداث فقد انهالت التعليقات اللاذعة على هذه الغزوة الشجاعة، حيث ظهر الشابان وهما يدخلان خلسة إلى أرضية الملعب ويتجهان إلى اللاعب لتحقيق حلم يبدو أنه راودهما طويلا، فيما استقبل بالوتيلي ذلك الهجوم بمنتهى الهدوء ولم يمانع من تحقيق رغبة الشابين.
هذا السلوك الشاذ ينم عن خلل كبير يعتري الكثير من الشباب في الطرق المتبعة للتعبير عن الإعجاب وقدرتهم على ترشيد العواطف وضبط الانفعالات ومراقبة الذات، حيث تكون نتيجة مثل هذا الخلل ارتكاب أخطاء في التصرفات واتخاذ قرارات سلبية من شأنها التسبب في إحراجات أو الوقوع في مشكلات، فهم ببساطة عاجزون عن إيجاد التوازن بين التفكير العقلاني المنضبط والتفكير العاطفي المندفع.
في أغلب الأحيان تعود مسببات تلك السلوكيات الشاذة إلى مرحلة الطفولة والمراهقة، حيث يفتقد الطفل في غالبية مجتمعات دول العالم الثالث إلى أساليب التربية المبنية على أسس سليمة وقوية تضع في أولوياتها إكساب النشء المهارات الأساسية التي تمنحهم القدرة على فهم الوسط الاجتماعي المحيط بهم، والقدرة على التصرف السليم، واستخدام العبارات اللائقة التي تنم عن احترام الآخرين، وكذلك القدرة على ضبط وتوجيه الانفعالات والمشاعر القوية تجاه الآخرين.
يقول البعض إن هذين الشابين مبتعثان للدراسة في إحدى الجامعات الأمريكية، وأجزم أن هذه مشكلة كبيرة! حيث الاحتمال الكبير لوقوعهما في مشكلات سلوكية مع من يدرسهما و مع من يدرس معهما، نظرا لعدم قدرتهما على مراقبة ذاتيهما والتحكم في عواطفهما وانفعالاتهما وترشيد تصرفاتهما وضبط قراراتهما، وكذلك لافتقادهما الواضح للمهارات الضرورية للتعامل مع الآخرين والقدرة على تفهم مشاعر وعواطف الآخرين وتقدير ردود أفعالهم.
ولعل مثل هذ الحادثة تقود المسؤولين عن برامج الابتعاث إلى بذل المزيد من الجهد في انتقاء الطلاب الذين تتوفر فيهم الكفاءة العلمية، وكذلك الكفاءة السلوكية التي تمكنهم من التعايش مع مجتمع البلد الذي يبتعثون إليه ويكون باستطاعتهم التكيف مع النظام الاجتماعي السائد دون المساس بالثوابت الدينية، مما يعتبر متطلبا محوريا في نجاح المبتعثين في الحصول على الدرجة العلمية المطلوبة.
ومن جهة أخرى فإن اندفاع الشابين بذلك الشكل يعكس نوعية القيم التي يؤمنان بها ويتصرفان على ضوئها، حيث تعمل القيم كمحددات للتفكير وموجهات للسلوك وتتغلغل بشكل لا شعوري لتكون عاملا أساسيا في بناء المضامين الأخلاقية للفرد، بمعنى أن الإيمان بأهمية هذا اللاعب والإحساس بأنه ذو مكانة عالية يعتبران قيمة شكل حضورها وتجذرها في السلوك الاجتماعي لهذين الشابين حافزاً لهما لاقتحام الملعب وأخذ صورة مع اللاعب دون النظر إلى سلبيات ذلك التصرف.
وهنا تأتي أهمية المناهج التربوية في بناء منظومة القيم كجزء من التكوين الوجداني والنفسي للناشئة، ومؤثر رئيسي على القدرة على التكيف والتطور والتعامل مع الكثير من المواقف والأحداث، فالمناهج التربوية يجب ألا تقتصر على التركيز على الآليات التعليمية التي تطور المخزون المعرفي للمتعلم، ولكن يجب أن تمتد إلى غرس المضامين التربوية والسلوكية للجيل المتعلم لتكوين شخصياتهم المتكاملة ضمن ثقافة المجتمع وثوابت الدين.