هل نلبي نداء ولي الأمر؟ (2)
الإسلام دين عالمي. الإسلام دين للناس كافة وللبشرية كلها. إنه دين لم يجمد نفسه في قوالب بعينها بل جعله الله ديناً لكل زمان ومكان. ومن هنا كان الإسلام دينا عالميا، قال تعالى: «ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيدا» (النساء 79)
الإسلام دين عالمي. الإسلام دين للناس كافة وللبشرية كلها. إنه دين لم يجمد نفسه في قوالب بعينها بل جعله الله ديناً لكل زمان ومكان. ومن هنا كان الإسلام دينا عالميا، قال تعالى: «ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيدا» (النساء 79)
الأحد - 10 أغسطس 2014
Sun - 10 Aug 2014
الإسلام دين عالمي. الإسلام دين للناس كافة وللبشرية كلها. إنه دين لم يجمد نفسه في قوالب بعينها بل جعله الله ديناً لكل زمان ومكان. ومن هنا كان الإسلام دينا عالميا، قال تعالى: «ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيدا» (النساء 79)
وقال عز من قائل: «مَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ» (سبأ 28)
وقد اعتمدت الدعوة الاسلاميةُ على مخاطبة العقول والضمائر واحترام قوى ومدارك الإنسان الفكرية..
وتجردت من طرق وعناصر الإكراه والقوة.
لقد اكتفى الدينُ الإسلامي بمخطابة العقل والوجدان دون قهر، خلافاً للمعجزات والخوارق التي صاحبت الأديان السابقة.
إن المعجزة الحقيقية التي فاقت في تحديها عصا موسى لسحرة فرعون، أنه صلى الله عليه وسلم كان أمياً لا يعرف القراءة والكتابة. وجاء قومه أفصح العرب بكتاب نزل على مكثٍ وتحداهم أن يأتوا بسورةٍ أو آيةٍ من مثله وتعهد الله تعالى بحفظه حتى يرث الأرض ومن عليها.
هكذا جاء الإسلام محاوراً للعقول وآيات للمتفكرين ولم ينزل عذاباً بل رحمةً وشفاءً لما في الصدور ولم ينزل صاعقةً يترك القوم كأعجازٍ نخلٍ خاوية، ولم ينزل ريحاً صرصراً عاتية. بل تشريعٌ مصاحبٌ لأحداث يعايشها الناس حادثة بحادثه ليؤكد علاقة الله تعالى برسوله وليبين الرسول صلى الله عليه وسلم واقع علاقة العبد بربه، وليبين الرشد من الغيّ: «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم» (البقرة 256)
ومع علم الله تعالى (وهو خالقهُ ومرسلُه) بنبيه الأمين والذي امتدحه: «وإنك لعلى خلق عظيم»
قال له تبارك وتعالى: «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ « (النحل 125)
وقال جلَّ من قائل: «وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (العنكبوت 46)
وانظروا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، لما يقوم به متأسلمو «ما يدعى بداعش» إنهم يطردون الإخوة المسيحيين من ديارهم في الموصل، ويستولون على ذهبهم وأموالهم. وهذا لم يحدث في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في زمن الخلفاء الراشدين ومن تبعهم من أمويين وعباسيين.
حتى الجزية كانت رحمةً في (حرب شرعية لها أسبابها حسب القرآن) وكان من الممكن أن تسبى نساؤهم وبناتهم وتؤخذ أموالهم غنائم للمسلمين ولقد أغنتهم الجزية عن كل هذه الأمور.
فأيهما أرحم؛ الجزيةُ أم ما يفعله هؤلاء الوحوش الآدمية التي تنسب نفسها لشديد الأسف والأسى للإسلام؟!
وهنا يحضرني تساؤل بشأن الذين اخترعوا حدَّ الردة! إذا كان اللهُ سبحانه وتعالى يذكر نبيه صلى الله عليه وسلم قائلاً: «لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَر إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ» (الغاشية)
وكما قال تعالى: «اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107)» (الأنعام)
وكما قال تعالى: «وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ» (الشورى 6)
والله تعالى يقول: «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ» (آل عمران85) ولم يقل في الدنيا ولم يأمر بقتله وتعذيبه.
وتمعنوا وتدبروا هذه السورة العظيمة: «قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ. لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ. وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ. وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ. وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ». وللأسف الشديد، إن المريد بين يدي شيخه كالميت بين يدي مُغَسّله.
من الذي سمح لفلان أو علان من هذه الفئة أو تلك الفرقة أن يعلنوا الحرب على الناس باسم الله؟ والعجب العجاب أن من يحمل السيف يُكبر (الله أكبر) والمقتول يرفع إصبعه متشهداً (لا إله إلا الله محمد رسول الله)!.
والحرب في الأصل هي الدفاعُ عن أرضك وعرضك بعد دينك، والتعريف الحقُّ للشهيد: «من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد».
ولكنهم تجار الدين وحطبُ الفتنة التي لعن اللهُ من أيقظها، والفتنةُ أشدُّ من القتل، فالقتل، قاتلٌ وقتيل.. أما الفتنةُ فهي صراعٌ ممتد يزهق كثيراً من الأرواح ويأكل الأخضر واليابس. يضعف الأمة ويقوي أعداءها فيزداد ويلها وبلاؤها.
وأعود إلى لب الموضوع. القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة التي لا تعارض القرآن، وهو ما أكده سليلُ بيت النبوة جعفر الصادق حيث قال ما معناه: «إن وجدتم حديثاً يتعارض مع القرآن فليس بحديث».
لقد ورد في المعجم الكبير للطبراني «عن سالم بن عبدالله عن عبدالله بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: سئلت اليهود عن موسى فأكثروا فيه وزادوا ونقصوا حتى كفروا، وسئلت النصارى عن عيسى فأكثروا فيه وزادوا ونقصوا حتى كفروا، وإنه سيفشوا عني أحاديث فما أتاكم من حديثي فاقرؤوا كتاب الله واعتبروه فما وافق كتاب الله فأنا قلته وما لم يوافق كتاب الله فلم أقله». ويقول الله تعالى «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»(سورة الحجر 9)
إنه كلام الله المعجزة الخالدة. وهو الأصل الرباني والمنبع الصافي والمرجع الأول والأخير: «أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا».
وحين لم يجدوا - الذين لم يفهموا الإسلام - منفذاً لتحريفه أو تأويله، دخلوا في جدل الناسخ والمنسوخ، وخرجوا من ذلك إلى أن آية السيف تُلغي كلَّ ما قبلها.
وهكذا يحاولون أن يطفئوا نور الله والله متمُ نورِه ولو كره الكافرون.
ولا أظن أن المقصود هنا بالكافرين هم غيرُ المسلمين، فقط، ولكني أعتقدُ أنه لفظ يشملُ كلَّ المتجاوزين والمحاربين لدين الله الحق من غلاة أو متشددين أو متأسلمين. وكل من غطى الشيطان بصره وعطل بصيرته لأن لفظ الكفار في اللغة يعني الزارعين ذلك أنهم يخبئون البذرة تحت التراب فيكفرونها أو يدفنونها. «كزرع أعجب الكفار نباتهُ».
ويحضرني سؤال أختم به هذا اللقاء والذي قد يمتد إن شاء الله في الحلقة أو الحلقات المقبلة، التي قد نتناول فيها دور الأسرة ومسؤوليتها عن تربية الشباب.
والسؤال مستقى من صدى كلمة خادم الحرمين الشريفين إلى العلماء يوم التقاهم وعاتبهم على ما بهم من كسل: من الذي ذهب إلى أوروبا، وطاف بحثاً عن شبابها، وهو الشباب الآمن المثقف والمستقر في قارته بين أهله وعشيرته؟! من الذي أخرج من عقولهم ذلك السلوك الوادع المستقيم مع حياتهم وفكرهم؟! من الذي أحال ذلك الأوروبي الذي جعل من حقوق الحيوان حداً لا يمكن تجاوزه، حتى ورَّث بعضُهم حيواناتهم الملايين؟!
من الذي جاء بهم إلى القاعدة والنصرة وداعش؟!
هناك احتمالان، قد يكون لهما ثالث.
الأول: نفر من دعاةِ المسلمين ومدعي الإسلام أرادوا أن يجعلوا من شباب العالم وقودا لنارهم.
الثاني: حرب الوكالة ونظرية الفوضى الخلاقة وتمويل الغرب وتشجعيه.
والثالث هو: ربما الاثنان معا.
لقد قدم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (يرعاه الله) للعالم وللعلماء نصحاً بليغاً مغلفاً بعتاب مهذب ولوم مؤدب لم يُصدر أمراً ملكياً ولا مرسوماً ولا قرارا.
إنما ذكَّر نصحاً كل منصوح بدوره، وحضَّه على كل ما أنيط به من أدوار، إنه أدب الملوك وفطريةُ البيان وبلاغةُ المسؤول حين يمتلئ قلبهُ بالإيمان.
إنها النصيحة، التي فرضها الإسلام على معتنقيه فيما بينهم، تماماً كما فرضها عليهم مع مخالفيهم في الدين وفي اللقاء المقبل بحول الله، أتناول واجب النصيحةِ الذي لا يسقطُ إلا بالوفاء وهي من العلماء جزءٌ من أداء.