هل نلبي نداء ولي الأمر؟

قارئي الكريم.. كل عام وأنتم بخير.. والحقيقة أنني كنت قد أعددت سلسلة مقالات متوالية لأضعها بين عينيك

قارئي الكريم.. كل عام وأنتم بخير.. والحقيقة أنني كنت قد أعددت سلسلة مقالات متوالية لأضعها بين عينيك

الأحد - 03 أغسطس 2014

Sun - 03 Aug 2014



قارئي الكريم.. كل عام وأنتم بخير.. والحقيقة أنني كنت قد أعددت سلسلة مقالات متوالية لأضعها بين عينيك.. وكانت مزيجا بين التهاني وبين معاني الأسرة وتماسكها وترابطها تداركا لما آل إليه أمر أمتنا نتيجة تفكك ووهن أصابنا جراء تفكك الأسرة الصغيرة.

ولكني وجدت نفسي من تلقاء نفسي مأمورا بالتفاعل السريع مع الموقف الحاسم والكلمة الحازمة التي وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك الحازم والراعي الأمين للأمة كلها في الداخل والخارج في توقيت في غاية الدقة ثم أتبعها، حفظه الله، في اليوم التالي بكلمة مباشرة وجهها لعلمائنا الذين كانوا في بلاطه..

والواقع أن الكلمة الموجهة للأمة والعالم أجمع كانت لها من الأصداء الخارجية قبل الداخلية ما جعل منها صرخة دوت في كل أذن واعية، فإذا بالآذان كلها لحديثه صاغية، المهتمة منها واللاهية.

ولقد كان مبعث ذلك كله، أن قائلها هو عبدالله بن عبدالعزيز، وهو من هو، وأنها جاءت من أرض الإيمان ومبعث النور ومهبط الوحي، من المملكة العربية السعودية، وهي من هي، فنظرها الأعمى، وسمعها من به صمم.

ذلك أن الذين تعاموا عن رؤية الشمس في كبد السماء، والذين سدوا أسماعهم عن الحق وهو حقيقة بلجاء، أدركوا أن الملك العربي المسلم المؤمن قد بلغ وأشهد الله على ما يقول وأوضح أن هذه الفتنة الخرقاء لن تصيب الذين ظلموا وحدهم ولكنها ستطال العالم كله، وعندها سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

ولم يكن محض صدفة ولا من قبيل الروتين، أن يلتقي الملك الملهم، خادم الحرمين الشريفين العلماء والمشايخ في اليوم التالي مباشرة، ولكن الملتقى جعل ليبلغ بنفسه وبلسانه الحاضرين وليوجههم بشجاعته المعهودة إلى مكمن الداء.. وإلى أصل الدواء.. وليستنهض فيهم الهمة.. علها أن تنقشع الغمة.. قائلا ببساطة البليغ وبلهجة يفهمها الجميع:

«ترى فيكم كسل (قالها مرتين) انتبهوا لدينكم.. مع السلامة»

هكذا وببصيرة المؤمن.. التي أنارها الله في قلبه، وببصر الخبير الذي ينظر إلى الأمور من كل جانب، وبثقة القائد الرائد الذي يدرك حجم المسؤولية وعظم الأمانة نبه الملك الجميع وخص العلماء بلقاء حافز ومحفز لينفضوا عنهم أردية استرخاء ودثر، لم تلتحف بها أجسادهم.. ولكنها لفت العقول التي تحرك كل أعضاء الجسد. وتدفع بالمسيرة والسائرين إلى الاتجاه الصحيح، فقد تجمد اجتهادنا الفكري في ساحة الدين عند قال فلان، وروى فلان.. على مدار قرنين أو أكثر من الزمان.. والسؤال هو: ماذا نقول نحن؟

لقد اجتهد علماء المسلمين ومفكروهم في العصور الماضية على قدر علمهم وقدرة إمكاناتهم، وبحكم ما كان متاحا لهم في مواجهة واقعهم.. فجزاهم الله خيرا.. ولكن ماذا قدمنا لأمتنا ولديننا في عصرنا هذا والعالم يسارع الخطى من حولنا ونحن ما نزال نروي عن القدماء.. بمفردات ومصطلحات واجتهادات باتت غائبة عن معظم أبنائنا غريبة عن مداركهم.

صحيح أن بلادنا تعج وتزخر بآلاف المدارس والمعاهد والفصول الدينية التي يحفظ فيها القرآن وتدرس فيها السنة النبوية الشريفة، على صاحبها الصلاة والسلام. حفظ من أجل الحفظ دون كثير من الفهم وبقليل من العمل..

وإذا كان، صلى الله عليه وسلم، قد شكا إلى ربه، تبارك وتعالى، من أن أمته اتخذت من هذا القرآن مهجورا.. فلا أدري إن كان، صلى الله عليه وسلم، قد شكا لله أول هذه الأمة أو آخرها.. وكلما كثرت المعاهد وتعددت المنابر.. ازدادت الأمة فرقة وتشتتا.. وازداد التناحر والمنازعة والجدال.

ذلك أن نفرا من رجال الدين وصناع المذاهب قد أوغلوا وعلوا وتطاولوا.. كل يريد الانتصار والسيادة لما يرى، وتحول بعضهم إلى طواغيت تطالب الناس ببيعة وخلافة وإمارة.. أو قطع الرؤوس دون ذلك.

إن كل الأديان السماوية ليست بها مهن ومناطق نفوذ لرجال الدين.. وخاصة في الإسلام وحين أرادوا إيجاد مهن لهم حدث ما حدث.. وحثا على وحدة الكلمة والصف ونقاء الدعوة وصفاء العقيدة.. قال تعالى مخاطباً نبيه الكريم: «إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ».

وهذه الآية الكريمة الحاكمة المحكمة، تؤكد وتوضح أن النبي بأمر ربه، ليس مع أي فرقة من هؤلاء «لست منهم».

ولا يمكن لمن بعث رحمة للعالمين أن يفخر بأن فرقة واحدة هي الناجية من أمته. ومع هذا تحاول كل فرقة أن تقول إنها الناجية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

إن طريق النجاة الحقيقي، هو اتباع الإسلام الحق كما أنزله الله على رسوله، وكما تركنا عليه النبي الحبيب «تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك». نعم هالك كل من زاغ أو أزاغ وأضل الناس عن المنبع الحقيقي لهذا الدين العظيم.

القرآن الكريم والسنة التي لا تعارض القرآن، فيهما كل أمر بالتدبر والتفكر والتمعن وإعمال النظر من أجل سعادة الأرض والبشر.

إن التدبر في القرآن الكريم، لشديد الأسف، لا نجد له محاولات جادة، وأنها، وإن حدثت فستجيء ملائمة، بحول الله، لكل ظروف وأحوال هذا العصر، وشفاء وبراء لأسقامه المتعددة، فهو المعجزة الصالحة لكل زمان والمناسبة لكل مكان، ولهذا كانت الرسالة المحمدية خاتمة الرسالات وأجلاها.. وكان رسولها سيد الرسل وأعلاها.

فلقد جاءت معجزة كل نبي قبله، صلى الله عليه وسلم، آنية يؤمن بها من يراها رأي العين.. وتحتاج الأمم من بعدها رسلا آخرين ومعجزات حسية أخرى حتى يؤمنوا.. وكان كثير منهم فاسقين.

أما القرآن فما زال آيات تتلى وأنوارا تستشف وشفاء يداوي العلل، وسقاء يروي الظامئين.. ومع هذا نهجره ونتخلى عن تدبره، وفيه الحل وفيه الخير وفيه سعادة الدارين.

أسأل الله أن يعيدنا إلى جادة الصواب وأن يكتب لخادم الحرمين الشريفين حسن الأجر والثواب.. على هذه المكاشفة الأمينة التي توضح للأمة كلها أن لا علاج لهذه الفتن إلا بالعودة إلى النهج السليم، إلى صافي دين الله الحنيف، وشافي سنة الحبيب، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأن ينقذ الإسلام من بعض المنسوبين إليه والمنتسبين له أولا ثم من كافة أعدائه. إنه ولى ذلك وهو على كل شيء قدير.

وأرجو الله أن تكون هذه المقالة فاتحة لسلسلة نرجع فيها وعبرها إلى القرآن الكريم نعيه ونتدبره من أجل حسم هذه المواقف الحالية، ففيه السلامة وفيه النجاة والفلاح.. انطلاقا من الآية الكريمة: «إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ».

فهي الآية المفتاح والتي لو تمعنا فيها لوجدنا أن النبي، صلى الله عليه وسلم، ليس مع أحد من هذه الفرق وبحسم وتأكيد من الله جل في علاه.



 





 هل نلبي نداء ولي الأمر؟



هل نلبي نداء ولي الأمر؟ (2)



هل نلبي نداء ولي الأمر؟ (3)



هل نلبي نداء ولي الأمر؟ (4)



هل نلبي نداء ولي الأمر (5)