كيف نقاوم «جاستا»؟

الأربعاء - 02 نوفمبر 2016

Wed - 02 Nov 2016

الولايات المتحدة الأمريكية دولة ديمقراطية، ولكن هذا لا يعني عدم وجود دور للقوى الاقتصادية في توجيه السياسات نحو وجهات معينة، ويبرز دور هذه القوى في الانتخابات الرئاسية الأمريكية خاصة.



نواجه اليوم قضية خطيرة، ذات هدف اقتصادي بحت، تتمثل بإقرار مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين لـ «قانون العدالة ضد الإرهاب» المعروف بـ «جاستا»، الذي تم ربطه مباشرة بحادثة 11 سبتمبر الإرهابية وضحاياها، حيث يتيح القانون لذوي ضحايا الاعتداءات الإرهابية رفع قضايا في المحاكم الأمريكية ضد حكومات وزعماء الدول الأجنبية؛ مما يعني عدم وجود «حصانة سيادية» للدول على أراضيها.



وقد أقر ممثلو الشعب الأمريكي القانون رغم «الفيتو» الرئاسي الذي اتخذه الرئيس أوباما، ويشير إقراره إلى أهداف اقتصادية وسياسية وعسكرية بعيدة المدى، تسمح للولايات المتحدة بتجاوز واختراق كل القوانين الدولية المتعلقة بالسيادة من أجل تحقيق مصالحها، ومن ذلك تعويض أهالي الضحايا ماليا بمبالغ طائلة بتهمة الدور المزعوم لهذه الدول في العمليات الإرهابية.



إن إقرار القانون يوحي بأن العلاقة السياسية التاريخية المميزة بين المملكة والولايات المتحدة أخذت تخضع للتقييم؛ لأن القطب الأمريكي يتأهب لأن يدير ظهره للشرق الأوسط برمته، حيث اتبعت الولايات المتحدة استراتيجيات جديدة في إعادة تقييم علاقاتها الدولية، في ظل عدم حاجتها للاعتماد الكلي على النفط المستورد، ومحاولة تجنبها التدخل العسكري في الخارج.



ولكن بما أن القانون قد تم إقراره، وحظي بتأييد كلا المرشحين للرئاسة الأمريكية (هيلاري كلينتون ودونالد ترامب) وفي ظل هذه التطورات الخطيرة، يبرز السؤال الأهم: كيف لنا أن نقاوم قانون «جاستا» ونحد من آثاره المحتملة؟



بداية، لا بد من القول إن إقرار القانون ربما كان نتيجة لعدم التحرك المسبق الكافي للتأثير على القوى الفاعلة في الولايات المتحدة، والتي تمثلها مجموعات الضغط السياسية والاقتصادية، ومنها نواب الشعب الأمريكي. ولذلك فإن الخطوة الضرورية التالية هي التحرك لاحتواء تبعات وآثار «جاستا» الخطيرة، عبر أربع نقاط مهمة تتمثل بما يلي:



أولا: العمل على إيجاد صيغة تعاون بين الدول الرافضة للقانون، باعتباره تهديدا للحصانة السيادية لدول العالم.



ثانيا: العمل على صياغة رأي عام دولي، وداخلي أمريكي، يوضح آثار القانون على الدول، وعلى مصالح الولايات المتحدة ذاتها، وخاصة أن القانون بدأ يخضع للتقييم رغم إقراره.



ثالثا: مد جسور التواصل بمؤسسات المجتمع المدني الأمريكية والدولية الفاعلة؛ لخلق رأي عام يؤدي إلى قناعة بضرورة تعديل القانون، كحل آني موقت قبل سريان القانون فعليا في أروقة المحاكم الأمريكية.



رابعا: دعم انتشار وجهة نظر قانونية لدى خبراء القضاء والقانون الدولي والمحامين الدوليين، ومنهم نواب الشعب الأمريكي الرافضون للقانون؛ لإيضاح مدى خطورة قانون «جاستا» على القانون الدولي وسيادة الدول، وتنافيه مع العدالة الأمريكية.



قد يكون تنفيذ هذه الخطوات الأربع المقترحة (متعددة الاتجاهات) صعبا، لكنه ليس بمستحيل أبدا، بدءا بمحاولة صياغة رأي عام في الداخل الأمريكي عبر محتويات وسائل الإعلام الجديدة والتقليدية؛ لإيضاح مدى الآثار المحتملة للقانون على الولايات المتحدة ومصالح شعبها مستقبلا.



ومن المهم عدم الاعتماد على جهة واحدة في تنفيذ هذه الخطوات، مثل لجنة شؤون العلاقات العامة السعودية الأمريكية (saprac)، نظرا لحداثة تأسيسها، وقلة خبرتها السياسية، وضعف تأثيرها على الداخل الأمريكي؛ وارتكاز خطابها في وسائل التواصل الاجتماعي على الداخل السعودي أكثر من الداخل الأمريكي، فالأمر يتطلب أكثر من ذلك بكثير من أجل حشد رأي عام دولي يشار فيه إلى براءة المملكة من أي دور في أحداث سبتمبر، ومعاناة المملكة تاريخيا من الإرهاب والتطرف، والواقع والتاريخ شاهدان على ذلك.