الحوار مع الآخر من منظور داننق - كوجر

الاثنين - 24 أكتوبر 2016

Mon - 24 Oct 2016

لكل إنسان قدرات مختلفة، فمنهم المدرس والمهندس، الطبيب والخطيب، اللحام والرسام، وغيرهم كثير. وكل فرد منهم يمتلك مهارات مختلفة.



قانون داننق- جوكر الذي تم نشره عام 1999 يصنف هؤلاء الناس بالاستناد على خبرتهم الفعلية إلى أغبياء واثقين من مهاراتهم لدرجة أنهم يعتقدون أنهم الأفضل في مجالهم، وإلى خبراء لا يدركون قيمتهم ومهاراتهم، وفي الوسط أناس عرفوا قيمتهم الذاتية وتمكنوا من تقدير مهاراتهم الحقيقية، ولكنهم قليلون.



ومنذ أن تم نشر هذا القانون وهو يعد مصدر إلهام لكثير من الباحثين خصوصا في المجالات الاجتماعية والنفسية.



فقد استخدم لدراسة العلاقة بين الثقة بالنفس، وتقدير الذات، والخبرة في المجال، وتأثير هذه العوامل على مفاهيم متعددة مثل كيفية تحسين إنجاز الفرد في عمل ما.



أما أنا وفي حياتي الاجتماعية، فكان لهذا القانون تطبيقه الخاص في تحسين الحوار مع الآخرين.



فقد ساعدني على خلق عدسة محدبة بالنظر من خلالها أقوم بالتركيز على خبرة الشخص الذي أتناقش معه في موضوع ما دون الأخذ بالاعتبار إلى ما يبديه من ثقة بالذات أو اعتزاز بحسن مظهره وصياغته للكلام.



فهذه قد تكون عوامل خادعة ومضللة يخفي بها الشخص ضعف خبرته في محور الحديث وفهمه لصلب الموضوع.



ومن خلال ربط هذا القانون مع مقولة التابعي الأحنف بن قيس عن أصناف الناس، استطعت تقنين النقاش بشكل فعال وناجح، وضبط كيفية ومدة الحوار ومحتواه. فالأحنف يقول: الناس أربعة أصناف فكلم ثلاثة ولا تكلم واحدا: رجل يعلم ويعلم أنه يعلم فكلمه، ورجل يعلم ويرى أنه لا يعلم فكلمه، ورجل لا يعلم ويرى أنه لا يعلم فكلمه، ورجل لا يعلم ويرى أنه يعلم فلا تكلمه. فالأول عالم، والثاني ناس أو غافل، والثالث طالب، والأخير أحمق.



فبربط قانون داننق- كوجر مع مقولة الأحنف، عملت على تصنيف النقاش مع الآخرين خصوصا ما له علاقة بالمهنية إلى ثلاث حالات: بذل الاحترام لزملاء العمل ومن سبقني علما من أصحاب المهنة مع عدم إغفال النصح والتنبيه في حال حدوث فجوة أو خلل في الحوار بما تقتضيه خبرتي في هذا المجال، التعليم والتوجيه لمن يقصدني طالبا للعلم أو التفقه في موضوع ما، خاصة مع الطلاب في القاعات الدراسية.



فالحوار في تلك القاعات ليس لمقارعتهم وإنما له صيغته الخاصة والتي تكون لتنبيههم عما يجهلونه أو لتذكيرهم بما يغفلون عنه.



أما الحالة الثالثة والأخيرة فهي الإعراض عن المرائين الذين يكثرون من المراء فلا جدوى من النقاش معهم إلا التعب.



منذ أن طبقت هذه القاعدة وجدت لها عظيم الأثر في رفع معدل الرضا عن النفس وذلك من خلال: حفظ الوقت والجهد من أن يهدرا في مجادلات عقيمة وتوفيرهما لإنجاز أمور ذات أولويه أكبر من إقناع أو تقويم فكر شخص يظن أنه على حق، وتحسين غزارة وجودة الإنتاجية من خلال الاستثمار الفعال للوقت والجهد، وزيادة عدد الأشخاص الذين يرغبون بالعمل معك أو التعلم منك، وذلك لأنه من خلال تقنين النقاش تصون النفس عن السفه وتحفظ روحك المعنوية من أن تفسد في مشادة كلامية لا فائدة فيها من رفع الصوت إلا ازدراء نفسك ومن هم حولك وتنفيرهم منك.