إيجابيات وحسنات.. للاستعمار

إن المفتاح لفهم العلاقات من وجهة نظر المستعمِر والمستعمَر هو أن المستعمِر اعتبر الأرض والإنسان ملكا له، وعمل جاهدا على صون الروابط بينهما

إن المفتاح لفهم العلاقات من وجهة نظر المستعمِر والمستعمَر هو أن المستعمِر اعتبر الأرض والإنسان ملكا له، وعمل جاهدا على صون الروابط بينهما

السبت - 31 يناير 2015

Sat - 31 Jan 2015



إن المفتاح لفهم العلاقات من وجهة نظر المستعمِر والمستعمَر هو أن المستعمِر اعتبر الأرض والإنسان ملكا له، وعمل جاهدا على صون الروابط بينهما وبينه. وتنتج هذه الذهنية الاستعمارية علاقات متوترة بينها وبين أصحاب الأرض المستعمرة. وصاحب الأرض لم يتخل عن مطالبه الوطنية في استعادة أرضه وقراره وكرامته وعزته. وتمت تلك التسويات بين المستعمِر وصاحب الأرض بتسوية سخية في بعضها. وفي خضم هذه الاحتكاكات، كان لا بد أن نشير إلى أن (للاستعمار) إيجابيات وحسنات كثيرة جدا، فلو عدنا للاستعمار البريطاني في مصر لوجدنا أن الإنجليز نظموا تخطيط القاهرة ونفذوا نطاقا عمرانيا وبنائيا رائعا وجماليا باقيا حتى اليوم. وأؤكد أنه لولا الاستعمار البريطاني لما عرفنا سعد زغلول، ومصطفى النحاس باشا، والشاعر الكبير أحمد شوقي، وطلعت حرب، والدكتور طه حسين، وعباس العقاد، والدكتور زكي مبارك، ومصطفى الرافعي، وأحمد رامي، وأم كلثوم، .. وغيرهم من عمالقة وعظماء مصر، ولما قرأنا جريدة الأهرام والرسالة وغيرهما من منابع الثقافة والفكر المصري، ولما عرفنا عمر المختار في ليبيا، وأيضا في لبنان جبران خليل جبران ومي زيادة، ونزار قباني في سوريا، ومحمود درويش في فلسطين وغيرهم.

لقد كانت القاهرة تغسل يوميا بالماء، لأن المستعمر أوجد وصاغ لمصر قوانين تنظم حياتهم العامة والخاصة. وعندما استرخت الشعوب العربية بعد خروج المستعمر، استرخى معها (الإبداع) وخفيت العبقرية. فسعت الشعوب العربية إلى صنع مركز صراعات لنفسها مع الحكام من أجل حرياتها ولم تفلح، فقامت الأنظمة العربية مستحدثة توجهات جديدة في الدول لزيادة وسهولة السيطرة على مقدرات الدولة والمواطن. فخرج المستعمر للأرض، و جاء المستعمر (للقرار)، فعبث في مستقبل المنطقة بإيجاد هذه الحروب الطاحنة والمرهقة للدول ومواردها وميزانياتها. وعبر أحزاب سياسية وبدونها يعمل ويتناقض بشكل واضح مع طموحات وآمال الشعوب. فخرجت هذه (الانتفاضات) أو (ثورات الشيطان)، ولكن صدم المخطط الغربي وصاحب القرار أن الأمور لم تجر على ما يرام. ولم ينجح في زعزعة ثقة الشعوب بأنظمتها الحاكمة إلا في بعض الحالات. وهذه الانتفاضات العشوائية وهذه الثورات المجنونة شكلت أول اختبار حقيقي لبعض السياسات التي تفتقر إلى بصيرة وحكمة وواقعية، وتبتعد عن اللياقة التي تحترم إرادة شعوب المنطقة. فهل البعض الآن في حاجة لـ(مستعمِر) جديد يعيد الهيبة والقيمة والمكانة، ويستفيد من دبلوماسيته ليرتب المواقف.

إن الانتقال إلى إيجاد (مستعمِر) جديد لن يكون صعبا بما فيه الكفاية.

والله يسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض، وساعة العرض، وأثناء العرض.



[email protected]