الرشايدة الغموض القاتل في صحراء أفريقيا
تنتشر قبيلة الرشايدة في الصحراء الأفريقية متنقلة خلف العشب والماء لرعي إبلها، حيث تخصصت واشتهرت تلك القبيلة التي انتقلت من الجزيرة العربية إلى قارة أفريقيا بتربية الإبل وتجارتها
تنتشر قبيلة الرشايدة في الصحراء الأفريقية متنقلة خلف العشب والماء لرعي إبلها، حيث تخصصت واشتهرت تلك القبيلة التي انتقلت من الجزيرة العربية إلى قارة أفريقيا بتربية الإبل وتجارتها
السبت - 10 مايو 2014
Sat - 10 May 2014
تنتشر قبيلة الرشايدة في الصحراء الأفريقية متنقلة خلف العشب والماء لرعي إبلها، حيث تخصصت واشتهرت تلك القبيلة التي انتقلت من الجزيرة العربية إلى قارة أفريقيا بتربية الإبل وتجارتها.. فقد تجدها متنقلة بين مصر والسودان وليبيا أو في صحراء موريتانيا، إلا أن قسوة معيشتها والغموض الذي يلف حياة أبناء تلك القبيلة داخل مثلث الجمال والحدود والسلاح جعل الاقتراب من خيامها أو التعامل مع أي من أفرادها الذين لا يخضعون لأي قانون، سوى قانون قبيلتهم، مغامرة غير مضمونة العواقب.
وحده المصور إريك لافورج حاول الاقتراب من ذلك العالم الغامض، وكشف بعض أسرار تلك القبيلة التي تبدو وكأنها ما زالت تعيش في القرون الوسطى، حيث تتم خطبة الفتيات من سن السادسة والتكنولوجيا الحديثة منبوذة، فهي قبيلة ترفض المدنية بكل مظاهرها، لم تأخذ من عصرنا سوى ابتكارين فقط وجدت فيهما خير معين على قسوة الصحراء ومخاطرها وهما سيارات الدفع الرباعي والأسلحة الآلية.
ويقول إيريك في مقابلة مع صحيفة ديلي ميل البريطانية: عندما حاولت لقاءهم في سوق للإبل في الإمارات العربية المتحدة قام بعض العمال الباكستانيين بتحذيري، لا تحاول أن تقابلهم، لا تتحدث معهم فإنهم مجانين.
وعندما خططت لأول مرة لزيارة قبيلة الرشايدة، لم أستطع أن أجد أي سائق مستعد لأخذي إلى قراهم في الصحراء القريبة، حيث يعتبرهم الجميع قبيلة خطيرة. قال لي الجميع: «سينهبونك وسيحاولون سرقة سيارة الأجرة التي ستذهب بها.
وتابع «بعد مفاوضات طويلة وجهد غير قليل وافق أحد السائقين على إيصالي إلى قبيلة الرشايدة، لكنه أنزلني على بعد 200م من المخيم».
ويقول «الخطورة التي صورها لي البعض طرحت داخلي سؤالا وهو كيف ولماذا كونت هذه القبيلة التي تعيش نمطا قاسيا من الحياة البدوية في صحراء قاسية وقاحلة لقرون من الزمن؟». فقد أتت قبيلة الرشايدة في الأصل من الجزيرة العربية، إلا أنه بالإمكان إيجاد أفرع وبطون لها في مناطق تشمل مصر وليبيا والسودان. يتنقلون من مكان إلى آخر بحثا عن أعشاب للإبل – و التي تساعدهم في حشد ثروة من خلال بيع حيواناتهم الثمينة لشيوخ القبائل الأثرياء بما يصل إلى 16 ألف جنيه استرليني لكل جمل «حوالي 101 ألف ريال سعودي».
وعلى الرغم من ثروتهم، فإنهم يعيشون بدون كهرباء أو مياه جارية، على الرغم من أن البعض منهم يقتني بعض أنواع التكنولوجيا الحديثة كالسيارات والهواتف النقالة.
ويقول إيريك «خضت المغامرة ووصلت إلى خيام القبيلة. لم أتعرض للقتل كما صور لي البعض، وعلى العكس كان هناك نوع من الترحاب والاستضافة عند شيخ القبيلة الخطرة في قرية مصوّع بإريتريا، سلام سوالم محمد.
والذي قال له عن أعمالهم في بيع الإبل «نعم يعود علينا ذلك العمل بالكثير من المال، لكن لدينا عائلات كبيرة نهتم بها وننفق عليها ونعمل كثيرا، ونتاجر مع اليمن وليبيا والسودان والسعودية».
وكشف الشيخ سلام عن نبذهم للكثير من التكنولوجيا الحديثة، بما فيها التلفزيون الذي قال عنه إنه يتسبب في الإصابة ببعض الأمراض ويحدث الكثير من الكوارث، وقال عوضا عن شراء المرض بأموالك من الأفضل أن تعيش بسعادة وسلام وحرية.
ويقول إريك «حاول شيخ القبيلة أن يوصل إلى فكرة مبسطة عن حياتهم البدوية، إلا أنه تجنب الدخول في الموضوع الأهم وهو لماذا هذه السمعة المخيفة؟». فرغم الحكمة والحديث عن السلام والهدوء وتربية الإبل إلا أن تقرير الأمم المتحدة يتحدث عن احتراف هذه القبيلة لتهريب جميع الأشياء من الأسلحة إلى البشر، وتورطهم في أخذ الرهائن والاتجار بالبشر.
ويقول إيريك «تجني قبيلة الرشايدة المال بشكل اعتيادي من أعمال أقل شرعية، حيث يقومون بخطف الأشخاص الإريتريين الذين يحاولون المضي قدما في مخيمات اللاجئين حول مدينة كسلا شرق السودان ويطلبون من الرهينة أن تقوم بطلب تحويل مال الفدية من أحد أقربائها إلى حساب أحد الخاطفين في أي مكان في العالم».
ويعترف إيريك بأنه وبعد اختراق حياة إحدى القبائل في إريتريا، لم ير أي أدلة على ثروة فاحشة لتلك القبيلة أو على ماضيهم العنيف عندما دعاه الشيخ سلام لشرب الشاي تحت خيمته. و علم أن قبيلة الرشايدة تفضل البقاء في مجتمعات منعزلة على مخالطة أفراد القبائل الأخرى، ولكن الشيخ سلام قال له: عندما نرتحل سوف ترحب بنا قبائل الرشايدة الأخرى في كل مكان.
.. وللفتاة الأفضلية على الفتى
ويعد الزواج من أحد أسباب احتياج أفراد الرشايدة للمال، حيث ينبغي على العريس أن يدفع حتى 40 ألف جنيه استرليني، ما يقارب 252,563 ألف ريال سعودي لوالدة عروسه المستقبلية مقابل أن يتزوج بابنتها. ويمكن الترتيب لزيجات مثل هذه عندما تكون الفتاة في السادسة من عمرها. ولا تعتبر الفتاة صالحة لتكون زوجة إن بلغت سن السادسة عشرة ولم تتزوج.
ويقول إيريك نقلا عن الشيخ سلام «إن الفتيات مرغوب بهن أكثر من الفتيان بسبب الثروات التي يجلبنها لأهلهن عبر الزواج». وأضاف «إذا رغب الرجل في الزواج ولكنه لا يملك المال الكافي للحصول على زوجة، سيساهم الرشايدة من كل البلدان جميعا ليحصل العريس على تكلفة مصاريف الزواج».
وتابع إيريك حديثه قائلا: انتقل بعض أفراد الرشايدة خارج الصحراء ليعيشوا في بلدات، مثل كسلا في شرق السودان، حتى يتمكن أطفالهم من الذهاب إلى المدرسة. لكن أحد الفتيان في سن العاشرة أخبره أنه يفضل العيش في الصحراء رغم قسوة الظروف. وفي وصفه لأفراد الرشايدة الغامضين الذين قابلهم خلال إقامته، يقول إيريك: لا يمتلك رجال الرشايدة أي مظهر خاص، يبدو أنهم عرب ويرتدون ثيابا بيضاء فضفاضة. ومن جهة أخرى، صدمني مظهر النساء، جميعهن يرتدين ثيابا تقليدية متعددة الألوان وخمارا يغطي أنوفهن التي لها دلالة جنسية في ثقافتهم ويغطين أفواههن، لكنهن لا يغطين رؤوسهن بأكملها، وذلك أمر غير معتاد في الثقافة الإسلامية أن ترى النساء يسدلن شعرهن الطويل والخصل السوداء الطويلة في كل اتجاه.