هي أسطر وحروف
في عدد سابق وعدت أن أشرح الأسباب التي دفعتني لاختيار «السوق» عنوانا لمقالتي الأسبوعية، التي أسعد بلقائكم عبرها صباح الإثنين من كل أسبوع في صحيفة «مكة».
في عدد سابق وعدت أن أشرح الأسباب التي دفعتني لاختيار «السوق» عنوانا لمقالتي الأسبوعية، التي أسعد بلقائكم عبرها صباح الإثنين من كل أسبوع في صحيفة «مكة».
الأحد - 19 يناير 2014
Sun - 19 Jan 2014
في عدد سابق وعدت أن أشرح الأسباب التي دفعتني لاختيار «السوق» عنوانا لمقالتي الأسبوعية، التي أسعد بلقائكم عبرها صباح الإثنين من كل أسبوع في صحيفة «مكة».
وحقيقة الأمر أن بعض الإخوة والزملاء طلبوا مني - جزاهم الله خيرا- أن تكون لي إطلالة عبر برنامج تليفزيوني على شاشة «اقرأ» التي تحتفل هذه الأيام بمرور خمسة عشر عاما على إطلاقها كأول قناة تليفزيونية كان أبرز مقاصدها أن تقدم الإسلام إلى الناس كما أنزله رب الناس تبارك وتعالى، دون تضييق لواسع أو توسيع لضيق. ودون أن يقتصر دورها على منطقتنا فقط، بل تعداها والحمد لله ليشمل العالم كله بلغات حية عالمية إلى جانب لغة القرآن التي نطقت بها كثير من الألسن الأعجمية ليكون لها شرف قراءة القرآن باللغة التي جاء بها وحي السماء إلى خير مخلوقات الله سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وكانت «اقرأ» أول كلمات السماء إلى الأرض، و»اقرأ» لم تأت وحيا وأمرا فحسب، بل هي دعوة للعلم وحث دائم عليه.
وحين وافقت الإخوة والزملاء على مطلب البرنامج التليفزيوني، استغرقني الأمر طويلا كي أبدأ، فقد كنت أبحث عن عنوان شامل يناسب كافة الموضوعات التي كانت تدور بذهني. لقد كان اختيار الاسم مشكلة محيرة، فأنا لست عالم دين حتى أختار للبرنامج عنوانا دينيا.
ولست متخصصا في العلوم الاقتصادية وقد لا يلائمني واحد من المسميات الاقتصادية كذلك، ولست بعالم اجتماع حتى أطلق مسمى اجتماعيا على برنامجي.
وما أنا بشاعر أو أديب فألجأ إلى اسم أدبي أو ثقافي.
ورحت أقلب الأمر هكذا على جميع جوانبه، فوجدتني أملك شيئا من كل هذه الأشياء، أضفت إليها حصيلة تجاربي وخبراتي على مدار العقود الماضية، أرجو الله أن ينفع بها، وحين أدركت أن ليس هناك كلمة أو عنوان يقدر أن يحيط بكل هذه الأغراض وأن يشمل كل معانيها مجتمعة قفزت إلى خاطري كلمة جامعه شاملة «السوق» ففي «السوق» يوجد الغث والسمين، والرخيص والثمين، واللص والأمين.
و»السوق» فيه الغني والفقير، والضعيف والأمير، والشاحب والنضير، وفيه قد تكون البائع وقد تكون الشاري، وقد تكون المقيم وقد تكون الساري.
إنه عالم فسيح، تختلط فيه المقاصد، وتتعدد الموارد، لكنه يقوم في النهاية على قانون العرض والطلب، وعلى مبدأ الأخذ والعطاء، وما الحياة إلا أخذ وعطاء، أبى من أبى وشاء من شاء، ودائما يقولون في «السوق» «بين البائع والشاري يفتح الله» هذا هو المدلول الشكلي لكلمة «السوق» عندي.
أما المدلول المعنوي، والذي أسعى لتأصيله بيننا – قارئا وكاتبا – فهو أن هذه الزاوية الأسبوعية التي سأسعد بلقائكم عبرها إن شاء الله، لن تكون مصدرا ملزما للرأي، ولا مرجعا باتا للعلم، ولا ساحة ساخنة للخلاف، بل هي أسطر وحروف نلتقي عبرها نتحاور ونتجاذب الحديث، وسأحرص ما استطعت على أن تبدأ اهتماماتي بمكة المكرمة، وتنتقل إلى المملكة الغالية، لنصل بعون الله إلى العالم الإسلامي كله.
هذا الاهتمام الذي أكرمني الله به باحثا وعاملا وطالبا للرزق، متوكلا على الله واثقا من توفيقه، فقد هيأ لي بفضل منه وإحسان، أماكن تجسد هذا الاهتمام، فغدوت رئيسا للغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة، ورئيسا للمجلس العام للمؤسسات والبنوك الإسلامية، إضافة إلى الغرف التجارية السعودية والخليجية وغرفة جدة التجارية.
كل هذا العون والتوفيق من الله وحده، هيأ لي وهيأني لأكون مستثمرا في ثلاث وأربعين دولة إسلامية، مما قادني إلى لقاء معظم زعماء العالم العربي والإسلامي والغربي، ناهيك عن قربي وحبي لولاة أمرنا الكرام وتلطفهم معي أخذا وعطاء من أجل الخير وفي سبيل الصالح العام، لكل الأمة، ومن هنا أردت لهذه الزاوية معكم، أن تكون سوقا شاملة، نتبادل فيها الاهتمامات والخبرات ونتشارك الآمال والأحلام، عبر كل وسائط الاتصال، مع كافة الإخوة والأخوات والأبناء والبنات من قارئي صحيفة «مكة».
راجيا أن لا تبخلوا علي بآرائكم ومقترحاتكم وملاحظاتكم وستجدونني صدرا فسيحا وآذنا مصغية.
ولو أني لم أعتد أن أصنع لنفسي موقعا الكترونيا ولم أكن لأتعامل مع هذه الوسائل، ليس نفورا أو قصورا، ولكنه الوقت، أما وقد أصبحتم أيها القراء الأعزاء جزءا من وقتي فمن أجلكم ومن أجل صحيفة «مكة» سأحرص أن يكون لهذه الزواية موقع نتواصل عبره معا، من أجل مزيد من التقارب ومزيد من الوضوح، بينى وبينكم، وقد تكون اقتراحاتكم أو استفساراتكم وقودا لهذه الزاوية، نأخذ بها ونرد عليها.
أسأل الله أن يوفقنا جميعا لما فيه الخير والصلاح، إنه ولي ذلك وهو على كل شيء قدير.
[email protected]