الدراما السعودية ورقابة التلفزيون

في كل عام تبث الكثير من القنوات الفضائية أعمالا درامية وكوميدية سعودية، بل إنها أصبحت مطلوبة، لاسيما بعض الأسماء الفنية اللامعة، ويتسابق المنتجون ليحصلوا على نصيبهم من كعكة الإنتاج السنوي بتقديم أسماء النجوم من الفنانين لتتم الموافقة على أعمالهم من قِبل القنوات الفضائية، ودارت عجلة الإنتاج السعودي بشكل كبير خلال عقد من الزمان.

في كل عام تبث الكثير من القنوات الفضائية أعمالا درامية وكوميدية سعودية، بل إنها أصبحت مطلوبة، لاسيما بعض الأسماء الفنية اللامعة، ويتسابق المنتجون ليحصلوا على نصيبهم من كعكة الإنتاج السنوي بتقديم أسماء النجوم من الفنانين لتتم الموافقة على أعمالهم من قِبل القنوات الفضائية، ودارت عجلة الإنتاج السعودي بشكل كبير خلال عقد من الزمان.

الثلاثاء - 29 أبريل 2014

Tue - 29 Apr 2014



في كل عام تبث الكثير من القنوات الفضائية أعمالا درامية وكوميدية سعودية، بل إنها أصبحت مطلوبة، لاسيما بعض الأسماء الفنية اللامعة، ويتسابق المنتجون ليحصلوا على نصيبهم من كعكة الإنتاج السنوي بتقديم أسماء النجوم من الفنانين لتتم الموافقة على أعمالهم من قِبل القنوات الفضائية، ودارت عجلة الإنتاج السعودي بشكل كبير خلال عقد من الزمان.

اهتمام القنوات الفضائية بالأعمال السعودية لم يكن لجودتها أو إبداع ممثليها أو قصتها.. بل كان خلفه المعلن السعودي الذي يقود دفة الإعلان في المنطقة كأكبر معلن، والقنوات التجارية تريد تحقيق أرباح من خلال هذا المعلن بغض النظر عما يحتويه العمل الفني من قصة أو عمق أو هدف، وهنا لا يمكننا أن نلوم أي طرف في هذا العبث إذا كان العمل سيبث عبر قناة خاصة تجارية تهدف إلى الربح، ولكن عندما تُبث مثل هذه الأعمال الهزيلة عبر التلفزيون الرسمي الذي لا يهدف إلى الربح ويفترض منه توصيل رسائل، فهنا تكمن الكارثة.

التلفزيون السعودي في كل موسم وعبر قناته الأولى يقدم عددا من المسلسلات والأعمال الفنية ما بين الكوميدي والدرامي، وتُصرف على هذه الأعمال ملايين الريالات لتكون وجبة ترفيهية تُقدّم للمواطن لا يرجو التلفزيون من ورائها أي ربح، بل إن التعرفة التي يقدمها التلفزيون السعودي للمنتج أكثر من تعرفة القنوات الخاصة التجارية، والنتيجة أننا نشاهد أعمالا فنية سطحية لا يوجد بها أي قيمة أو معرفة، بل إنها قد تؤثر على المتلقي سلبا في بعض الأحيان والشواهد في ذلك لا تحصى، فهناك مسلسلات تعزز لمفردات الشارع الرديئة، وأخرى تظهر المجتمع بشكل غير واقعي وأخرى تغرس مفاهيم لها أبعاد لا مجال لذكرها، أين الرقابة على النصوص المكتوبة قبل الموافقة على إنتاجها؟ وأين الرقابة بعد الإنتاج وقبل بثها عبر الفضاء؟ لا يوجد استراتيجية واضحة يتم من خلالها الموافقة على الأعمال التي تبث، هذا الأمر واضح تماما ولا يحتاج لجدل.

خلال السنوات الفائتة ولغاية الموسم الماضي كانت هذه الإجراءات تتم بشكل غير متخصص وبعيد عن المهنية، فالرقيب لم يكن لديه لائحة واضحة وسياسة يناقشها مع المنتج لكي تتم ترجمة السياسات العامة من خلال هذه الأعمال، وهذا هو الهدف الرئيس من الإعلام الرسمي بجانب أهدافه الأخرى كالترفيه وغيره.

لو شاهدنا أعمالا أوروبية لوجدنا أن هناك سياسة واضحة فيما يقدمونه من أعمال تساعد على تحقيق الأهداف العامة للدولة كالتغذية الوطنية ودرء العنف والتسامح ونبذ العنصرية واللون واللهجة، وما دعاني لكتابة هذا المقال هو مسلسل بريطاني أتابعه، فوجدت أن هناك فرصا متساوية لكل الفئات في المجتمع البريطاني كاللون والدين واللهجة حتى في برامج الأطفال يكون هذا التشكيل من الممثلين موجودا. لم أشاهد يوما عملا سعوديا تلفزيونيا يسعى إلى دمج الطوائف وإذابة ما بينهم، بل ولم أشاهد شخصية الرجل المتدين في قالبه المعتدل المتسامح الصادق، هل يعزز التلفزيون السعودي ما نرفضه في المجتمع أم يفترض أن يحاول معالجة الأخطاء بشكل علمي غير مباشر من خلال ما يقدمه عبر شاشته؟

المسلسلات لا يفترض أن يستهان بها وكأنها وجبة ترفيهية للضحك وتعبئة ساعات البث لأن جمهورها كبير وهذا يجعل أهميتها تزيد، والاهتمام بتفاصيلها يجب أن يكون دقيقا، وأهمية الرقابة عليها أهم وأخطر من رقابة الأخبار أو البرامج الأخرى، لأن هذه المسلسلات ومن خلال شخصياتها التمثيلية ستؤثر لا محالة في المتلقي سلبا أو إيجابا، وعلى القائمين على التلفزيون السعودي أن يقرروا هل سيستمرون في هذا الإخفاق أم سيكون هناك قراءة عميقة لكل عمل يتم تقديمه للتلفزيون وتحليل أبعاده قبل اعتماده.