عيون الجواء.. للأسطورة عنوان وللجمال مكان

لطالما شكلت الأقاصيص والروايات والحكايات والأماكن عنصر جذب إضافيا يغري السائح بزيارة المكان، والتعرف عليه، والتقاط الصور، واقتناء الهدايا التذكارية.

عيون الجواء أحد رموز الجذب السياحي المحلي، فالمكان محتشد بالروايات والحكايات والأماكن التي كانت جغرافيا مسرحها. وما أن تذكر عيون الجواء حتى يذكر عنترة بن شداد فارس قبيلة بني عبس المغوار، وبطلها وشاعرها الذي لا يشق له غبار، وتذكر صخرة عنترة، حيث كان يلتقي تحت ظلها محبوبته عبلة.

هذا ما كان من أمر الزمان الماضي، أما في وقتنا الحاضر فعيون الجواء مرشحة بقوة لتكون أحد أجمل المزارات السياحية بالسعودية، بحضورها الباهر في التاريخ ممزوجا مع طبيعة رائعة. ما يؤهلها لتكون قبلة لرواد وعشاق السياحة الثقافية المولعين بزيارة الأماكن الأثرية والمعالم التاريخية.

وما يزيد من جذب المنطقة التاريخية سهولة الوصول إليها، وتوفر الخدمات الضرورية التي ينشدها السائح كالأمن والإيواء.

وتقع عيون الجواء على بعد 46 كلم في الشمال الغربي من منطقة القصيم، وهي الأرض الساحرة بطبيعتها الخضراء، وسط رمال تتلون مع الغروب لتتحول إلى ألوان مذهلة. لم تبخل عيون الجواء أرض الجود والعطاء على زائرها بأن تمتعه بمرتفعات رملية أسفلها مزارع نخيل تلون الطبيعة الخلابة الساحرة للإنسان، أماكن متفرقة تختزنها هذه المحافظة التاريخية بتنوع أحداثها وتركيبتها الفكرية العالمية.

هذه المدينة يعتبرها المؤرخون والمثقفون والمدونون قديمة الاستيطان من قبيلة عبس، وأشهرهم الشاعر الفارس المخلد لتاريخه عنترة بن شداد، إذ ما زالت موقعة عنترة وقصته الشهيرة مع عبلة توجد إلى يومنا هذا في عيون الجواء.

تمتاز العيون بثقافة سكانها العالية، واعتزازهم بتاريخهم، ومشاركتهم في التجارة مع رجال العقيلات، وأمانتهم، فقد وصف أحد الرحالة العرب قديما أهالي هذه المدينة بالخزنة المقفلة، فلا يخرجون الأمانة حتى يعود صاحبها ولو بعد مائة عام.

النقوش الثمودية وجميعها كتبت على شكل خط عمودي أو أفقي فيما عدا واحد منها كتب بشكل مائل، عثر على بعضها في بعض المواقع منها:

موقع الحنادر، الذي يقع إلى الغرب من محافظة عيون الجواء بنحو خمسة عشر كيلومترا، وقد عثر فيه على نصين كتبا على أكمتين حمراويتين رابضتين على رأس جال مشرف.

موقع حصاة النصلة، وهو أكمة صخرية وعثر فيها على نصوص ثمودية، واشتهرت كذلك بأنها ملتقى عنترة بن شداد وعبلة، حيث تدل هذه النقوش على الأهمية التي كانت تتمتع بها المنطقة خلال الفترة من القرنين الثاني قبل الميلاد إلى الأول أو الثاني الميلادي، حيث إنها تدل على أن المنطقة قديمة الاستيطان، إذ قال عنترة بن شداد في معلقته: يا دار عبلة بالجواء تكلمي - وعمي صباحا دار عبلة واسلمي، فوقفت فيها ناقتي، وكأنها - فدن لأقضي حاجة المـتلوِّم، وتحل عبلة بالجواء وأهلنا - بالحزن فالصمان فالمتثلم.

كما تضم عددا من المعالم منها:

جامع الملك فهد، وقد بني في أرض تبرع بها وزير المالية إبراهيم بن عبدالعزيز العساف، وتم بناؤه على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، حيث يضم هذا الجامع عددا من الوحدات، منها غرف للمعتكفين وللضيافة، ودور نسائية خيرية، ومحلات لاستثمار الجامع، وناد صحي ترفيهي متكامل، وعدد من مرافق الخدمات المهمة، والمركز الحضاري الاجتماعي الموجود في مدخل المحافظة.

حصاة النصلة: تشكيل صخري ارتبط تاريخيا بعنترة بن شداد، حيث كان ملتقى له وعبلة كما هو معروف، ويقع شمال غاف الجواء.

مبنى مستشفى عيون الجواء، ويضم أيضا وحدة الكلى الصناعية، بالإضافة لمستشفى عيون الجواء الجديد الذي ما زال تحت الإنشاء.

الجامع القديم، حيث ما زال باقيا حتى الآن بصورة شبه سليمة، بالإضافة إلى مدرسة الكتاتيب.

المشقوق: عبارة عن شق في الأرض يربط بين الآبار القديمة، وذلك للاستفادة من زيادة المياه في بعضها ليدعم النقص في البعض الآخر، ويوجد عدد من هذه المشاقيق. والساحة (الحيالة). نادي الجواء الرياضي (ناد رياضي ثقافي اجتماعي) تابع لمكتب الرس.

آبار المياه (قلبان): وهي عدد من الآبار القديمة التي كانت تستخدم في ري المزارع أو السقي مع مصباتها أو ما يسمى (الجابية).

المزارع القديمة (الحيطان) الخاصة بزراعة النخيل غالبا، ومن أشهرها مزرعة أم غوير التابعة لأسرة الناصر.

المكتبة العامة: مبنى مكتبة عيون الجواء العامة، وقد تم إعادة ترميمها قبل فترة من قبل عدد من فاعلي الخير، وتمت إضافة قاعات جديدة ونظمت محتوياتها وفهرست، وسيتم تزويدها بقاعة للحاسب الآلي وتنفذ فيها بعض الدورات التدريبية المنوعة.

الزائر لهذه المدينة لن يعجز عن إيجاد موقع سياحي يقدم له ما يريد، فالمزارع الخضراء عنوان رئيس، والمرتفعات الشاهقة تجمل جوانب المدينة، وسهولة أرضها وبساطة التنقل في جوانبها تعطي للزائر مدلولات عن كرم أهلها وتاريخهم.