محمد حدادي

صورة طالب بالأبيض والأسود!

يصير خير
يصير خير

الجمعة - 23 سبتمبر 2016

Fri - 23 Sep 2016

مخفورا بالحنين أتأمل صورة شخصية؛ يعود تاريخها لأيام الدراسة بالصف الرابع الابتدائي عام 1410؛ وأتذكر فورا ما قاله ذلك الرجل العربي من أبناء المهاجرين: (أبناء هذه الأعاجم كأنهم نقبوا الجنة وخرجوا منها؛ وأولادنا كأنهم مساجر التنانير)!



حين أعرض على أبنائي - وأكبرهم (أثير) التي تدرس حاليا بالصف الرابع - صورتي تلك يتضاحكون فأخبرهم أن زمننا كان مختلفا حينها و»الدنيا قاسية»!؛ فلم نعرف من «التنمية» إلا اسمها؛ ولا الكهرباء إلا «ماطورا وحيدا» لأحد مستثمري القطاع الخاص؛ تلفحنا «الشموس» الحارقة؛ ونقضي أمسياتنا بفضاء قرى جازان المتناثرة ما بين حرارة الأجواء و»سوافي الغبرة الموسمية» ولدغات البعوض المتكاثر إثر موسم «الخريف المطري»! خلاف الظروف الجيدة التي تهيأت لأبناء هذا الجيل؛ والحقيقة أنني حين ألوذ بشرح الاختلافات والفروق بين جيلين فإنما هي حيلة مني ليكف هؤلاء الأطفال عن الضحك على صورة والدهم حين كان طالبا!



كان الغالب في القرى أن يكون «الحال من بعضه» بين سكانها؛ إلا لبعض المسؤولين الذين يتم نقلهم للعمل هناك؛ كنا نراهم ينعمون بقدر لا بأس به من «الرفاهية» المحدودة! وكان عليهم وقد انتقلوا للعيش معنا أن يلحقوا أولادهم بالمدارس العامة التي ندرس بها؛ والحقيقة أننا لم نكن نرى تمييزا مخصوصا لهم من إدارة المدرسة أو المدرسين؛ أو بالأصح لم نكن نبحث عن ذلك التمييز حينها لأن الأمر – في تلك المرحلة السنية المبكرة - لم يكن يعنينا بشيء! فالشغل الشاغل لنا كطلاب حينها كيفية الإفلات من عقاب المعلمين!



مضت السنوات؛ تطورت القرى؛ وعمّت التنمية جازان؛ وهذا شيء جيد؛ كبرنا نحن طلاب تلك المرحلة ومضى كل واحد منا لما يسره الله له؛ إنما بقي شيء يحز في النفس؛ لماذا لم يواكب التعليم هذا التطور؛ لماذا مس القشور لا اللب؟! لماذا انحدرت قيمة المعلم فأضحى هو «المضروب» و»المطروح»؟! ولماذا المخرجات ضئيلة حتى من الجامعات؟! أين مكمن الخلل؟ وما الحلول؟! وأين ذهبت «ميزانيات» التطوير؟ ومن المسؤول عن كل ذلك؟! مجرد أسئلة أسوقها تحت وقع ذكريات صورة عمرها 27 عاما؛ لأب يأمل في أن تكون ذكريات أطفاله أفضل من ذكرياته وبصور ثلاثية الأبعاد!



[email protected]