إِعادة الشحن
مقال نوراني سُطر في لحظات ما بين الصحو والمنام، بشفافية غير مكتملة، وزمان يرحل بلا يقين، ويسكن بتفجر البراكين، وتزلزل الأرض بتصدعات تميد الرواسي
مقال نوراني سُطر في لحظات ما بين الصحو والمنام، بشفافية غير مكتملة، وزمان يرحل بلا يقين، ويسكن بتفجر البراكين، وتزلزل الأرض بتصدعات تميد الرواسي
الأحد - 20 أبريل 2014
Sun - 20 Apr 2014
مقال نوراني سُطر في لحظات ما بين الصحو والمنام، بشفافية غير مكتملة، وزمان يرحل بلا يقين، ويسكن بتفجر البراكين، وتزلزل الأرض بتصدعات تميد الرواسي. وحيث تفتقد البوصلة، وتستدير الممرات، لتصبح دائرة ظلمة متفجرة بالألق.
فإن تفهمتم مقالي، فهو جزء من حقيقة وجودي، وإن اسْتَعْصَى عليكم ذلك فاعتبروه جزءاً من مكنوني، ورتوش من ألوان طلاسم أحلامي.
(حينما تتثاقل الأجفانُ منسدلة، فلا تعود تقوى على رفعها طواعيةٍ، تكون جزيئات جسدك المسترخية قد بلغت درجة الوهن القصوى، والإحساس بالرغبة في التلاشي، والانصهار مع عناصرِ الكونِ.
ولحظتها لا تعود تفرق بين حدود ذراتك المتسامية، وما حولها من ذرات، وتتفاقم رغبتك الموهونة في الانغماس لأسفل نقطة ممكنة، كمرساة تهوي لعميقِ اليمِ.
يلتصق الجسد بسطحِ المَرْقَدِ، موازياً سطح قشرة الأرض، لتسريب حزم الإنهاك المتراكمة في لبِ الخلايا طوال خلخلة اليقظة، ومبادلتها تعادلياً بشحنات باطن أمنا الأرض المليء بالنبضات والنشاط.
تتذبذب الأفكار وتهيج، وتتقاطع دروبها مبتدئة بآخر ما لمحه البصر، وأحرى ما نطقـه اللسان، وتالي ما توارد بالخاطرِ، وما هيج الفؤاد.
وتتطاير الأفكار، من قمة إلى قاع، في تفرع عجيب سلس، يماثل شهب المجرة، التي تستمر في التناقص الحجمي تدرجاً مع مرور اللحظات.
الأفكار الأقوى تبرز راقصة كالنجوم على السطح بدون استئذان، ثم تغوص ثانية للأعماق، ولا تلبث أن تطفو.
الموت، أعجب وأقرب الأفكار في الحضور، يصاحبه لذع الجذب للأسفل، وحميمية التلاصق بصدر الأم/ الأرض، وتفريغ حزم النشاط، بلذة متعاظمة.
الفزع يداهمنا بجحافل الرعشة، ثم لا يلبث أن يتناقص بزيادة الالتصاق واستمرار التعمق.
تضمحل الثواني، وتنكمش المسافات، ويزداد انسدال الأجفان، وتهافت الأفكار، بإبداع في الفوضى يستبيح روتينية النمط، ويطلق العنان للعشوائية، فهي صور قديمة جديدة، خيالية حقيقية، أماني، مخاوف، حوار تخيلي، حديث نتمناه، لأشخاص نعرفهم، أو نتمنى ذلك.
سماوات نرتقي فيها الذروة فلا نطال، ونمتطي أجنحة جياد المستحيل والجبروت، ونحتوي الثراء.
نعاند ظروفاً أعيتنا، وأشخاصا خذولنا، فنسحقهم بالعدم. نعشق الحسن والبراءة، فنعف ونسمو كفرسان الأحلام، نذوب عذوبة ورقة. وقد لا نجد بداً من الرضوخ في نشوة النهايات الهلامية، فنرضى بروعة الحلم.
نمتطي صهوات الجنون الجامحة تشطح بنا، فلا نعود نرى من بين تمازج الأطياف.
نتحسس شوارد الأوهام، وتطربنا تَهْتَهَة الأرواح، ونتلمس حمم بركان الضباب المنساب عن الجانبين في دعة، لا تلبث أن يعقبها انهيال أكوام الإعتام على دروبنا البلورية.
وتتقطع آخر خيوط تشبثنا بالوعي في صورة فقد نعود بعده كالملدوغين، نتلمس في سراديب الوحشة حقيقة الذات، والكينونة، ونتشبث في خيوط الواقع بتجاوز أستار الإعتام الفكري.
تتفتت حولنا جلاميد الزمن، وتنطوي حبال المسافات، ويتعالى الترقي على سلالم السمو النفسي، فتقترب الروعة من قاع السفور، وتبدأ شحنات الكيان المتهالكة بالهبوط عن مركبة الجسد، وتتوالى الشحنات النشطة في الصعود لذراته العطشى للقاء، في تناغم تترقرق ببهجته نَمْنَمَةُ الروح الهائمة في ملكوت علوي سرمدي لا ينتهي، وتحلق لا تنوي على الهبوط.
تلاحق الأنفاس ما تشتهي، فتستحوذ، وتهرب مما يعطل إبحارها بشراع من نور قرمزي، وزورق دري ينساب متهادياً بين أمواج الأثير.
تتثاقل الأجفان للحد الأقصى، فلا يعود للجسد اتصال بالواقع، وتنطلق الروح إلى خالقها، وتبدأ لحظات النوم العميق).
وأشرق عند الإشراق، فلا أعود أتذكر عُباب رحلتي، ولا أستجمع ضياء ثورتي، وأبتسم في صفاء خلوتي بعد أن زالت كتل التعب عن كاهلي، وشُحنت النفس بالحياة، ووهج النشوة، ينشر الضياء على زوايا الكون.
وأعود لما كتبته في الظلمة، فلعله يفتح ديوانا لكم من الأسئلة القديمة المتجددة. نعم فلستم وحدكم في الرحيل والعودة، بمجرد التهافت على سطح الأرض، والالتصاق.
المادة لا تفنى ولا تستحدث، حتى ولو غُرسنا في سابع أرض. نظل ننهل من شحناتها، مفرغين ما بجوفنا من شحنات سالبة، لنعيش أو نموت أو نظل معلقين بين الشحنتين، لا فرق.