انقسام القاعدة يعيد سيناريو الخوارج قبل 1370 عاما

دفع موقف زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، من الجماعات التي خرجت من رحم القاعدة وتقتتل الآن في سورية، وانقسامات تلك الجماعات نفسها وتحولها إلى فرق كل فرقة تلد مثلها، وبراءة بعضهم من بعض، بالمحللين المتابعين للحركات الإسلامية إلى تشبيه ما يحصل بينهم بما حصل بين الخوارج، وتسميتهم بـ»الخوارج الجدد».

دفع موقف زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، من الجماعات التي خرجت من رحم القاعدة وتقتتل الآن في سورية، وانقسامات تلك الجماعات نفسها وتحولها إلى فرق كل فرقة تلد مثلها، وبراءة بعضهم من بعض، بالمحللين المتابعين للحركات الإسلامية إلى تشبيه ما يحصل بينهم بما حصل بين الخوارج، وتسميتهم بـ»الخوارج الجدد».

الثلاثاء - 15 أبريل 2014

Tue - 15 Apr 2014



دفع موقف زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، من الجماعات التي خرجت من رحم القاعدة وتقتتل الآن في سورية، وانقسامات تلك الجماعات نفسها وتحولها إلى فرق كل فرقة تلد مثلها، وبراءة بعضهم من بعض، بالمحللين المتابعين للحركات الإسلامية إلى تشبيه ما يحصل بينهم بما حصل بين الخوارج، وتسميتهم بـ»الخوارج الجدد».



الأزارقة والنجدات



فعندما أعلن نافع بن الأزرق الخارجي فتواه بتكفير القعدة عن الجهاد ولم يعذرهم، بعث إليه نجدة بن عامر الحنفي كتابا يرد عليه فتواه، ويعاتبه في فتواه التي أباح فيها دماء القاعدين من الأطفال والنساء والعجزة، وكذلك خيانة العهد مع من عاهدهم، ثم ختم كتابه بقوله: “فاتق الله وانظر لنفسك واتق يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا، فإن الله عز وجل بالمرصاد، وحكمه العدل وقوله الفصل. والسلام”.

فرد عليه نافع بن الأزرق اعتراضه بأدلة من الكتاب والسنة أسقطها على كل من لم يقاتل وحكم بكفرهم، ثم أورد أدلته في إباحة خيانة العهد مع من عاهدهم، ثم قال: “فاتقِ الله وراجع نفسك، فإنه لا عذر لك إلا بالتوبة، ولن يسعدك خذلاننا والقعود عنا وترك ما نهجناه لك من طريقتنا ومقالتنا. والسلام على من أقر بالحق وعمل به”...إذا وضعنا هذا المشهد الساخن بين نافع ونجدة الخارجيين في مواجهة واقعنا الراهن، وأحداث الساحة المائجة بالخلاف، الهادرة بكل صوت إلا صوت السلام والاستقرار، فكأنما وضعناه أمام مرآة عكست كل ما قد كان بتفصيلاته وأدبياته وتشابه عناصره وأدوار ممثليه، ليجعلك تتساءل: هل أعاد التاريخ نفسه، أم إن الإنسان يتمدد في الزمان فكرا ويكرر نفسه نهجا وطريقة؟



الظواهري وداعش



وقف أيمن الظواهري زعيم القاعدة التي استباحت يوما، وما زالت في أفعالها وفتاواها، قتل المدنيين وتفخيخ المنشآت، وقتل كل من له علاقة بالأنظمة الحاكمة أو له اعتراض على ممارساتهم.. وقف زعيمها ومنظرها معترضا على تنظيم الدولة الإسلامية بالشام والعراق والمعروف اختصارا باسم داعش، ومنكرا قتله أتباع جبهة النصرة، ونعى في خطابه أحد قادتها المدعو أبو خالد السوري الذي قتل في هذه الفتنة، كما يسميها.

ودعا الظواهري إلى نبذ الفتنة بين المسلحين والتفرغ لقتال النظام السوري، وطلب تشكيل رأي عام ضد هذه الفتنة وضد كل من يرفض التحكيم الشرعي. وسمى الفتنة في رسالة صوتية نشرت في وسائل إعلامية متعددة بالفتنة العمياء، وقال فيها واعظا ومذكرا: “على كل من يقع في هذه الآثام أن يتذكر أنه يحقق لأعداء الإسلام بيده ما عجزوا عن تحقيقه بكل إمكاناتهم”.

فجاء الرد سريعا من تنظيم داعش، يترحم فيه على أيام أسامة بن لادن، واعتبر أن “قاعدة الظواهري” تختلف عن “قاعدة بن لادن”.

ونقل أحد المواقع المهتمة بشؤون الحركات المسلحة أن داعش اتهم زعيم القاعدة الذي كان يعرف بـ “الحكيم”، بأنه تساهل وخان العهد، كما أن التنظيم كان قد أصدر فتوى باعتبار من يقف ضده كافرا خارجا من الملة، في بيان نشره التنظيم في الأيام الأولى من الاقتتال، قرأه أحد قيادات التنظيم، وأدخل جبهة النصرة في حكم الكفرة.



تكرار المشهد



هل هو تكرار واضح للمشهد الخارجي في صدر الإسلام، الذي كان يقوم على تكفير المخالف، وادعاء إمارة المؤمنين، ولو كانت هذه الإمارة لا تتجاوز مجموعة قرى يسكنها عدد من المدنيين المستضعفين؟ وهل إعادة فكرة البراءة من كل مخالف ومعترض، لتنقسم هذه الفرق وتتشظى باستمرار ليصبح المنقسم أقساما والمتفرق فرقا، تكرار لذلك المشهد؟

كان الخوارج قد بدؤوا جيشا واحدا ثم ما لبث أن انقسم على نفسه وتبرأت كل فرقة من الأخرى، وكلما خرجت فرقة لعنت أختها، حتى إذا تبدت معالم الخوارج النهائية وأصول أفكارهم ولوائح حركتهم، جاءت البراءات واضحة بمسميات أصحابها، فتبرأت النجدات من الأزارقة، ثم تبرأت من نفسها فانقسمت إلى عطوية، نسبة إلى عطية الحنفي، وإلى فديكية، نسبة إلى أبي فديك، وتبرأ كل منهما من الآخر.

ثم بعث أبو فديك إلى نجدة من قتله، فخرج بعض الفديكية على أبي فديك بسبب قتله نجدة وتبرؤوا منه... وتبرأ رجل اسمه ميمون من آخر اسمه إبراهيم على خلاف في بيع جارية من جواريهم لقوم من الكفار (المسلمين)، فقامت على إثر هذا الخلاف 3 فرق هي: ميمونية وإبراهيمية وواقفية. وتوقفت هذه الفرق في الحكم حتى جاءت الفتوى من شيوخهم، إلى غير ذلك من الفرق الخوارجية المشهورة. والبراء منهج عند الخوارج يعد من الأصول التي يقوم عليها مذهبهم، اتخذوه وسيلة في وجه كل مخالف من داخلهم وخارجهم.



الساحة السورية



والانقسامات التي حدثت في الساحة السورية بين الجماعات المسلحة وتحولها إلى فرق، كل فرقة تلد مثلها، وبراءة بعضهم من بعض، واستباحتهم دماء بعضهم، حتى قتل في أوائل الخلاف بينهم أكثر من ألفي عنصر في بعض الإحصائيات.. كل ذلك يستدعي تاريخ الخوارج بكل حيثياته وتفاصيله.

وقد مارست هذه الجماعات على نفسها ذات الأدوار في التاريخ القريب الماضي بوجوه سابقة وشخصيات مختلفة، في أفغانستان والجزائر والبوسنة والصومال والشيشان. وما يستغربه المتتبع لتطور هذه الجماعات أنها تنقلب على كل شيء، حتى على الذين يصنعونها ويتبنون قيامها ونشأتها.



توالد القاعدة



وكان الشقاق قد دب بين هذه الجماعات بعد نشوئها في مصر من جماعة إسلامية يمثلها عمر عبدالرحمن وعدد من قادتها التاريخيين، وجهاد يمثلها الظواهري ومن سبقه في التأسيس، إلا أنه كان أبرز وجوه الجماعة، وتكفير وهجرة، بدأها شكري مصطفى قبل ذلك. وكان الخلاف أخذ يتبلور في سجون الحكومة المصرية، وخرجت هذه الجماعات بتشكيلات متعددة، كل فرقة منها تتبنى طريقة عمل تختلف عن الأخرى.

وعندما تجمعت هذه الفرق المسلحة في أفغانستان، ذهبت بأجنداتها المختلفة وأهدافها المحددة، فكان الخلاف بينها سيد الموقف منذ البداية، وكانت كل مجموعة تعمل بطريقتها في أفغانستان، مستغلة الفضاء الدولي المفتوح، والفوضى السائدة بين الأفغان.



عبدالله عزام



ومن الجمل الاعتراضية المهمة في هذا الشأن، قضية مقتل الشيخ عبد الله عزام، فهناك أصابع اتهام كثيرة تشير بالتهمة إلى إحدى الجماعات المسلحة بقتل عزام، وتفسير الأمر أن الشيخ عزام أفتى بحرمة دخول الفتنة بين الأفغان، ودعا المقاتلين العرب إلى الخروج من المشهد الأفغاني، فاتهم بالخيانة والارتداد عن الجهاد.

ثم إن الشيخ عزام وصل في تلك الفترة إلى طريق مسدود مع أسامة بن لادن، حيث لم يرض بسيطرة القاعدة “الجهاد المصرية” على فكر بن لادن وممارساته، ولا سيما أن عبدالله عزام بفكره الإخواني الأقل تشددا، لم يكن على وفاق مع حركة الجهاد، ولا مع الجماعات المسلحة المصرية. وكان الوداع الأخير الذي جمع بين عزام وبن لادن، ولم يلتقيا بعده، كما صرح بذلك ابنه محمد عزام في وسائل الإعلام.



سيناريو الاغتيالات



ويرى بعض من عاشوا تلك الفترة أن الجماعات المسلحة استطاعت أن تختطف مشروع الشيخ عزام الجهادي الذي كان أكثر انفتاحا وتواصلا مع العالم الإسلامي، ولم يستبعد أحد كبار المشاركين في تلك الفترة والملاصقين للشيخ عزام أن تكون إحدى تلك الجماعات هي التي اغتالت الشيخ ككبش فداء لاستمرار القتال في أفغانستان، ولا سيما أن بعض الجماعات أعلنت أن الشيخ عزام ارتد عن الإسلام بتركه الجهاد ودعوته إلى اعتزال الأفغان، كما أن الاغتيالات التي طالت القائد الشمالي مسعود وأستاذه الرئيس الأفغاني برهان الدين رباني فيما بعد تجعل التهمة حاضرة بقوة. وقد يتكرر الأمر بقتل الظواهري على يد هذه الجماعات.



تكفير واقتتال



وليس مستغربا ذلك في أفغانستان، فقد اقتتل المجاهدون الأفغان أنفسهم في منطقة كونر، وأباد خلال ذلك القائد الأفغاني حكمتيار فصيلا كاملا من الجماعة السلفية بسبب قتالها لحزبه، بحجة الشرك والبدعة والخلاف المذهبي، وكان قائدها الشيخ جميل الرحمن الذي قتل اغتيالا على يد أحد المسلحين العرب.

والتكفير عند الخوارج يقوم على الفكر والموقف، وعند الجماعات المسلحة يقوم على نفس القاعدة من التكفير، وأخطر ما يراه المجتمع الإسلامي أن العقائد بدأت تتنحى عن المشهد، وبدأ التكفير يتغول على الخلافيات ولم يعد يتوقف عند العقائد وحسب.. علينا ألا نستغرب القتال الدائر في العالم الآن بين الجماعات المسلحة، كما أن المتوقع استمرارها في الانقسام والاقتتال إلى درجة ذهاب الريح، كما يعبرون به ، عن نتائج هذا الخلاف في كل مرة، ولأن التاريخ أثبت ظاهرة الأشباه والنظائر في المشهد والشخصيات والأدوار.





توالد القاعدة كالخوارج



يشبه الخبراء في شؤون الحركات الإسلامية، توالد التنظيمات من تنظيم القاعدة بالفرق التي تولدت من الخوارج.



الخوارج المحكِّمة:



الأباضية: عبالله بن إباض



الواقفة



الإبراهيمية



الصفرية: زياد بن الأصفر    



الأزارقة: نافع بن الأزرق



النجدات: نجدت بن عامر الحنفي



العطوية: عطية بن الأسود الحنفي



الميمونية: ميمون بن خالد



الفيديكية: أبو فديك ، عبدالله بن ثور





الخوارج الجدد:



جماعة الإخوان المسلمين وأنصار السنة المحمدية



جماعة التكفير والهجرة: شكري مصطفى



الجمعية الشرعية والسلفية



الجماعة الإسلامية: محمد عبدالرحمن



جماعة الجهاد الإسلامي: علوي مصطفى و إسماعيل طنطاوي



السرورية: محمد بن سرور



القطبية: سيد قطب



جماعة الشوقية: شوق الشيخ



تنظيم القاعدة: أسامة بن لادن و أيمن الظواهري



السلفية الجهادية: الفرقة الناجية



جماعة التوحيد والجهاد: أبو مصعب الزرقاوي



دولة الإسلام في العراق والشام ( داعش)



جبهة النصرة