(نزاهة) ونشاطها في سنة

درجنا مؤخرًا على تسمية بعض المؤسسات والمشاريع الحكومة بأسماء موجزة؛ كمسميات (حافز) ، و(ساهر)، و(نزاهة)، وهي مسميات بليغة تعمل على تكثيف معانٍ كثيرة في عبارة موجزة دالة؛ فـ(نزاهة) وهو الاسم الدال على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد يوحي بالهدف الذي أنشئت له الهيئة،

درجنا مؤخرًا على تسمية بعض المؤسسات والمشاريع الحكومة بأسماء موجزة؛ كمسميات (حافز) ، و(ساهر)، و(نزاهة)، وهي مسميات بليغة تعمل على تكثيف معانٍ كثيرة في عبارة موجزة دالة؛ فـ(نزاهة) وهو الاسم الدال على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد يوحي بالهدف الذي أنشئت له الهيئة،

الخميس - 10 أبريل 2014

Thu - 10 Apr 2014



درجنا مؤخرًا على تسمية بعض المؤسسات والمشاريع الحكومة بأسماء موجزة؛ كمسميات (حافز) ، و(ساهر)، و(نزاهة)، وهي مسميات بليغة تعمل على تكثيف معانٍ كثيرة في عبارة موجزة دالة؛ فـ(نزاهة) وهو الاسم الدال على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد يوحي بالهدف الذي أنشئت له الهيئة، ولا يملك المراقب المحايد إلا أن يعترف أن الهيئة نجحت في ترويج مسمى (الفساد) لاستغلال الوظيفة الحكومية لمصالح شخصية، إذ كان معنى الفساد في قاموسنا المحلي – قبل ذلك - قاصرًا على الفساد الأخلاقي، لكن هل نجحت في الحد من الفساد في قطاعات الدولة المختلفة؟ لا أملك الإجابة عن هذا السؤال الكبير، والإجابة الحقة يجب أن تأتي من الجهة الرقابية في مجلس الشورى، لكن ثمة مؤشران ليسا في صالح الهيئة، أحدهما السمعة الشعبية للهيئة؛ فسمعتها في الأوساط الشعبية - حسب ما يدور في المجالس، وحسب ما يكتب في وسائل التواصل - متدنية، والمؤشر الثاني ما تصدره الهيئة من أخبار عن نشاطها في موقعها الإلكتروني، وهو الموقع المعني بنشر نشاطاتها، وحملاتها ضد الفساد في القطاعات الحكومية، وقد قرأت ما أصدرته من أخبار عن نشاطها على مدى عام كامل تقريبًا، فكان مجموع الأنشطة التي قامت بها هو: (156 نشاطًا)؛ أي في كل يومين نشاطٌ واحد تقريبًا، وهذا دليل على حيوية الهيئة، لكن السؤال المهم هنا: ما نوع هذا النشاط؟ المتبادر إلى الذهن أن يكون في أغلبه كشفا عن حالات فساد رصدتها الهيئة، لكن الواقع خلاف ذلك، إذ ما نشرته من أخبار عن نشاطها في موضوع الفساد لا يتعدى ثلاث عشرة واقعة فقط؛ أي في حدود %8.5 من نشاطها المعلن، منها ست وقائع تخص وزارة الصحة، وهي في أغلبها كشف لحالات قصور في الخدمة في مراكز الصحة الأولية، أو في مستشفيات بعض المدن كحائل، وتثليث، والطائف، وحوطة سدير، وواقعتان تخصان وزارة الإسكان، وواقعة تخص وزارة النقل، وأخرى وزارة الشؤون الاجتماعية، وحسب ما نشرته لم تضبط موظفين حكوميين أساؤوا استغلال وظيفتهم إلا موظفًا واحدًا فقط في مكتب العمل في حفر الباطن تلقى رشوة مقابل إصدار تأشيرات عمل، وهذا يدل على أحد ثلاثة احتمالات؛ إما على نظافة بيئة العمل الحكومي، وندرة الرشوة فيه، وإما على مقدرة فائقة من أصحاب الرشى على التخفي، وإما على قصور في عمل الهيئة، وفي مقابل أخبارها الثلاثة عشر عن موضوع الفساد نشرت الهيئة واحدًا وثلاثين خبرًا عن نشاط رئيسها كزياراته، واستقبالاته، وكلماته التي يلقيها في بعض المؤتمرات، وبضعة أخبار عن نشاط نائب الرئيس، ونشرت اثني عشر خبرًا عن مشاركتها في مهرجان الجنادرية، وأغلبها عن زيارات بعض المسؤولين لجناحها في المهرجان، ثم يغلب على باقي أخبار نشاطها في هذه السنة مساهمتها في توعية المجتمع عن الفساد وخطورته؛ وهو نشاط محمود إلا أن المفترض من الهيئة أن تكون جهة رقابية لا جهة تثقيفية؛ وذلك لأمرين؛ الأمر الأول: أن الهيئة جهة حكومية ذات سلطة رقابية بقوة القانون مهمتها مكافحة الفساد، وليست هيئة توعية وتثقيف، والأمر الثاني: أن ما تقوم الهيئة بمحاربته والكشف عنه كاستغلال العمل الحكومي لمصالح خاصة، والتعدي على المال العام، وأخذ الرشوة وغير ذلك من وجوه الفساد أمور يعرف الجميع بشاعتها، وخطورتها، وأنها مجرَّمَة نظاميًّا فلا يحتاج المجتمع للتوعية بشأنها، والتحذير منها، إنما يحتاج لسلطة رقابية صارمة لمحاربتها، وسلطة تنفيذية لمعاقبة مرتكبيها، ورب قائل سيقول: إن نظام الهيئة -كما هو منشور في موقعها- ينص على أن من مهماتها التوعية والتثقيف في مجال الفساد، فنشاطها في التوعية يقع ضمن مجال اختصاصها، ولمجيب أن يرد: حسنًا ليكن لها نشاط في التوعية والتثقيف، لكن ليكن هو النشاط الأقل لها، لا أن يغلب على نشاطها، كما هو معلن من أنشطتها.



[email protected]