صندوق إبراء الذمة

لا شك أن الناس قد سمعوا الكثير عن صندوق إبراء الذمة وقرؤوا الكثير من تصريحات المسؤولين عنه منذ تأسيسه، والذين يشيدون بأمانة النادمين أو ورثة النادمين الذين تحرك في نفوسهم إحساس بالذنب لما اقترفت أيديهم من المال العام حين أخذوه بغير حق واستمتعوا به زمنا وربا في أيديهم وتضاعفت أرباحه وأصوله،

لا شك أن الناس قد سمعوا الكثير عن صندوق إبراء الذمة وقرؤوا الكثير من تصريحات المسؤولين عنه منذ تأسيسه، والذين يشيدون بأمانة النادمين أو ورثة النادمين الذين تحرك في نفوسهم إحساس بالذنب لما اقترفت أيديهم من المال العام حين أخذوه بغير حق واستمتعوا به زمنا وربا في أيديهم وتضاعفت أرباحه وأصوله،

الأربعاء - 02 أبريل 2014

Wed - 02 Apr 2014



لا شك أن الناس قد سمعوا الكثير عن صندوق إبراء الذمة وقرؤوا الكثير من تصريحات المسؤولين عنه منذ تأسيسه، والذين يشيدون بأمانة النادمين أو ورثة النادمين الذين تحرك في نفوسهم إحساس بالذنب لما اقترفت أيديهم من المال العام حين أخذوه بغير حق واستمتعوا به زمنا وربا في أيديهم وتضاعفت أرباحه وأصوله، وبعد ذلك أرادوا أن يعيدوه أو يعيدوا بعضه أو شيئا منه، وقد وصلت إلى الصندوق أموال كبيرة بحسب تصريح أحد المسؤولين عنه، وإن ما أودع فيه بلغ أكثر من ربع مليار ريال منذ تأسيسه، وليس المهم ما أودع فيه، المهم وظيفة الصندوق الأخلاقية التي تحدث عنها الناطق الرسمي قائلا: «إن البنك يولي أهمية للحساب ويسعى من خلاله لترسيخ قيم النزاهة بين أفراد المجتمع مما يسهم في بناء مجتمع نقي يسعى للبناء ويأخذ بيد أفراده نحو الأفضلية». (جريدة الرياض 11/5/1435هـ).

الصندوق وفكرته ومنشؤه خصوصية من خصوصياتنا التي تميزنا عن العالم، لأن العالم كله يبحث عمن لا يدفع من ماله وكسب يده ما يوجبه عليه قانون الضرائب التي تذهب إلى بيت المال العام، ويقيم المحاكم لمن يقصر في واجبه الضريبي من ماله الخاص.

أما من يختلس من المال العام فإن السجن والعقاب القاسي هو ما ينتظره مهما كان مكانه وموقعه ولا يحتاج الأمر أن يتبرع المختلسون برد ما اختلسوا وتوضع لهم التسهيلات ويوصفون بأنهم يقومون بترسيخ قيم النزاهة بين أفراد المجتمع.

أما نحن فقد كان فينا من الرحمة والرقة والعطف والرعاية لمن يختلس من المال العام أن نضع لذلك قانونا، ونشرع أبواب التسامح أمامه ونفتح له الحسابات حتى لا يشعر بشيء من وخز الضمير الذي عاد إلى رشده بعد أن امتلأت خزائنه من فيض ما أخذ.

ولو اقتصر الأمر على ما نفعل لأجله لهان، إلا أنه لا يمكن أن يكون المجتمع بحاجة إلى أن يعلمه الناطق باسم الصندوق القيم الأخلاقية التي يمثلها هذا العمل، ولن يصدق أحد أن قيم العفة والنزاهة هي هذه التي يرسخها عمل هؤلاء فيما أخذوا بغير حق أو فيما أعادوا، ولا يقبل المجتمع النظيف أن يكون نقاؤه وصلاحه من هذا النوع، وبناء المجتمعات النقية لا يلتفت إلى هؤلاء عندما لجؤوا بالاحتيال لأمر الدنيا في بداية حياتهم ثم لأمر الدين في نهايتها.

الذي يعلم المجتمع النقاء لا يدخل من أبواب الخفاء ولا يضع الأموال المجهولة في ظلام الليل، حين لا يعرف من وضع المال اليوم كما أنه لم يعرف من أخذ المال أمس. المجتمع الذي يأخذ بأيدي أفراده نحو الأفضلية، ليس من يسلك هذا الطريق لكن من يكون دأبه وسلوكه وطريقه الشفافية والوضوح والبحث عن الحلال في الأخذ والعطاء، والأمانة في كل ما وضع بين يديه، وبناء الفضيلة في نفوس الناس والمجتمع يحتاج إلى طريق مستقيم واضح المعالم يضيء جوانبه الحق والعدل بين الناس.



[email protected]