لماذا تتجه بوصلة الشراكة نحو الصين؟
الخميس - 08 سبتمبر 2016
Thu - 08 Sep 2016
تنبأ كثير من المحللين الاستراتيجيين، منهم على سبيل المثال صامويل هنتنجون، مؤلف «صدام الحضارات» أن الصين ستكون مارد القرن الواحد والعشرين، وهي من ستحدد ملامحه وطبيعته، كما تكهن نظراؤه الاقتصاديون بأن الزعامة الاقتصادية الأمريكية مهددة بالتراجع أمام التنين الصيني في غضون أربعة عشر عاما من الآن، وتحديدا في العام 2030.
هذا القلق الأمريكي يقرأ بوضوح في مقالات الكتاب الأمريكيين، فالكاتب ستيفن راوش في صحيفة «فاينانشال تايمز» يقول إن «الصين تقود الطريق في سباق التنمية الاقتصادية، وتدشن نوعا آخر، أوسع وأقوى من العولمة، إنها بدأت تهدد التفوّق الأمريكي نفسه»، كما كتب الاقتصادي الأمريكي والخبير البارز بمعهد بيترسون للاقتصادات الدولية في واشنطن آرفيند سوبرامانيان في 2011 مقالا أثار كثيرا من الجدل حول الهيمنة الاقتصادية الصينية مما جاء فيه «الهيمنة الاقتصادية الصينية وشيكة وواسعة النطاق أكثر مما نتوقع، وبحلول عام 2030، يمكن أن تشبه هيمنة أمريكا في السبعينات (القرن الماضي) ببريطانيا حوالي عام 1870».
وكانت التكنهات تشير إلى أن الصين ستتفوق اقتصاديا على اليابان، وتحل ثانيا في تراتيبة أقوى الاقتصادات في العالم بحلول عام 2020، لكن التنين الصيني حل ثانيا قبل ذلك بنحو عشر سنوات في العام 2010، مما يدعم فرضية بلوغ الصين هدفها للتربع على قمة الاقتصاد العالمي قبل الموعد المفترض بسنوات في ظل تباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي الحالي، لا سيما أن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أصدرت في نوفمبر 2012 تقريرا يدعم هذه الفرضية، ألمحت فيه إلى أن الولايات المتحدة ستفقد موقعها كأول قوة اقتصادية في العالم في 2016، وفيما يزعم آرفيند سوبرامانيان أن بكين تجاوزت واشنطن فعليا من حيث تعادل القوة الشرائية في عام 2010 (تعادل القوة الشرائية يقيس دخل أي دولة باستخدام مجموعة من الأسعار الدولية التي تنطبق على أي اقتصاد).
التجربة الصينية في التحول الاقتصادي بدأت شرارتها قبل ربع قرن، ولن تتوقف طموحاتها عند تبوأ زعامة الاقتصاد العالمي، فالأجندة السياسية والاقتصادية الصينية تخبئ الكثير والكثير من العمل والتطلعات، لخصها الكاتب الصيني ين ليمين في دراسته بعنوان «أفكار حول الاستراتيجية الخارجية الصينية في القرن الحادي والعشرين» في ثلاث نقاط: تعزيز التنمية الاقتصادية، وضمان أمن الدولة، وتحمل مسؤوليات دولية حقيقية.
كل المؤشرات والقراءات السابقة لمستقبل الصين كدولة اقتصادية، يجعل تغيير اتجاه بوصلة الشراكة الاقتصادية نحوها خيارا استراتيجيا لا بديلا عنه، لا سيما أن بكين منفتحة على مزيد من الشراكات الاستراتيجية والاقتصادية، وتسعى لبناء نموذج جديد من التحالفات القائمة على المصداقية والواقعية بعيدا عن المعتقدات والدوافع الأيدلوجية، هذه الرغبة الصينية مدعومة بتدفقات استثمارية خارجية تقدر بنحو 1.25 تريليون دولار للسنوات العشر المقبلة، مما يعني أن الاستثمارات الصينية لن تغيب عنها الشمس.
وهو ما أدركته الحكومة السعودية، وتمخض عنه توقيع خمس عشرة اتفاقية مع الصين خلال زيارة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع خلال الأسبوع الماضي مهدت لبناء تحالف اقتصادي متعدد الأغراض يسهم في تحقيق نقلة نوعية في الاقتصاد السعودي وتحويله من اقتصاد أحادي الدخل إلى قوة اقتصادية رائدة متنوعة الموارد المالية.
الرغبة الصينية في توسيع استثماراتها الخارجية في السنوات المقبلة يعني أن هذه الاتفاقيات ومذكرات التفاهم ستكون البذرة الأولي لتحالف اقتصادي جديد، وعلينا مواصلة العمل معهما كحليف يتمتع بمستوى عال من المصداقية والوضوح.
[email protected]
هذا القلق الأمريكي يقرأ بوضوح في مقالات الكتاب الأمريكيين، فالكاتب ستيفن راوش في صحيفة «فاينانشال تايمز» يقول إن «الصين تقود الطريق في سباق التنمية الاقتصادية، وتدشن نوعا آخر، أوسع وأقوى من العولمة، إنها بدأت تهدد التفوّق الأمريكي نفسه»، كما كتب الاقتصادي الأمريكي والخبير البارز بمعهد بيترسون للاقتصادات الدولية في واشنطن آرفيند سوبرامانيان في 2011 مقالا أثار كثيرا من الجدل حول الهيمنة الاقتصادية الصينية مما جاء فيه «الهيمنة الاقتصادية الصينية وشيكة وواسعة النطاق أكثر مما نتوقع، وبحلول عام 2030، يمكن أن تشبه هيمنة أمريكا في السبعينات (القرن الماضي) ببريطانيا حوالي عام 1870».
وكانت التكنهات تشير إلى أن الصين ستتفوق اقتصاديا على اليابان، وتحل ثانيا في تراتيبة أقوى الاقتصادات في العالم بحلول عام 2020، لكن التنين الصيني حل ثانيا قبل ذلك بنحو عشر سنوات في العام 2010، مما يدعم فرضية بلوغ الصين هدفها للتربع على قمة الاقتصاد العالمي قبل الموعد المفترض بسنوات في ظل تباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي الحالي، لا سيما أن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أصدرت في نوفمبر 2012 تقريرا يدعم هذه الفرضية، ألمحت فيه إلى أن الولايات المتحدة ستفقد موقعها كأول قوة اقتصادية في العالم في 2016، وفيما يزعم آرفيند سوبرامانيان أن بكين تجاوزت واشنطن فعليا من حيث تعادل القوة الشرائية في عام 2010 (تعادل القوة الشرائية يقيس دخل أي دولة باستخدام مجموعة من الأسعار الدولية التي تنطبق على أي اقتصاد).
التجربة الصينية في التحول الاقتصادي بدأت شرارتها قبل ربع قرن، ولن تتوقف طموحاتها عند تبوأ زعامة الاقتصاد العالمي، فالأجندة السياسية والاقتصادية الصينية تخبئ الكثير والكثير من العمل والتطلعات، لخصها الكاتب الصيني ين ليمين في دراسته بعنوان «أفكار حول الاستراتيجية الخارجية الصينية في القرن الحادي والعشرين» في ثلاث نقاط: تعزيز التنمية الاقتصادية، وضمان أمن الدولة، وتحمل مسؤوليات دولية حقيقية.
كل المؤشرات والقراءات السابقة لمستقبل الصين كدولة اقتصادية، يجعل تغيير اتجاه بوصلة الشراكة الاقتصادية نحوها خيارا استراتيجيا لا بديلا عنه، لا سيما أن بكين منفتحة على مزيد من الشراكات الاستراتيجية والاقتصادية، وتسعى لبناء نموذج جديد من التحالفات القائمة على المصداقية والواقعية بعيدا عن المعتقدات والدوافع الأيدلوجية، هذه الرغبة الصينية مدعومة بتدفقات استثمارية خارجية تقدر بنحو 1.25 تريليون دولار للسنوات العشر المقبلة، مما يعني أن الاستثمارات الصينية لن تغيب عنها الشمس.
وهو ما أدركته الحكومة السعودية، وتمخض عنه توقيع خمس عشرة اتفاقية مع الصين خلال زيارة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع خلال الأسبوع الماضي مهدت لبناء تحالف اقتصادي متعدد الأغراض يسهم في تحقيق نقلة نوعية في الاقتصاد السعودي وتحويله من اقتصاد أحادي الدخل إلى قوة اقتصادية رائدة متنوعة الموارد المالية.
الرغبة الصينية في توسيع استثماراتها الخارجية في السنوات المقبلة يعني أن هذه الاتفاقيات ومذكرات التفاهم ستكون البذرة الأولي لتحالف اقتصادي جديد، وعلينا مواصلة العمل معهما كحليف يتمتع بمستوى عال من المصداقية والوضوح.
[email protected]